تشارك جزر المحيط الهادئ في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27)، التي تبدأ فعالياتها غدا /الأحد/ بمدينة شرم الشيخ، على أمل أن تتصدر إجراءات تمويل المناخ قمة جدول أعمال المؤتمر، خاصة أن جزر المحيط الهادئ تعتبرها "أولوية" للتكيف مع تأثيرات تغير المناخ.
وأوضحت وكالة "إنتر بريس سيرفيس" الدولية - مقرها إيطاليا - أنه بالنسبة للدول الجزرية الصغيرة النامية في المحيط الهادئ، فإن تراخي المجتمع الدولي في توفير 100 مليار دولار سنويًا لمعالجة آثار تغير المناخ في العالم النامي، والذي تم التعهد به قبل ثلاثة عشر عامًا، له عواقب وخيمة، مضيفة أن هذه قضية ستكون رئيسية لقادة المحيط الهادئ في قمة المناخ.
ونقلت الوكالة عن الدكتور ستيوارت مينشين المدير العام لمنظمة التنمية الإقليمية لمجتمع المحيط الهادئ في كاليدونيا الجديدة، قوله إن "المحيط الهادئ في طليعة تأثيرات تغير المناخ. ويُعد تمويل المناخ أمرًا بالغ الأهمية للسماح بإجراءات التخفيف والتكيف، ومع ذلك فإن المنطقة تعاني من نقص في الوصول إلى تمويل المناخ الملتزم بالفعل بالآليات العالمية مثل صندوق المناخ الأخضر، وإنه بسبب تحديد الأولويات العالمية، فإنه لا يتدفق إلى حيث تشتد الحاجة إليه، ويبدو أن الملوثين يضعون القواعد، وبالتالي، فإن تدفق التمويل المتعلق بالمناخ يشبه إلى حد كبير التغذية بالتنقيط أكثر من السيل المطلوب لمواجهة تحديات المنطقة".
وأفادت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ - هذا العام - بأن الدول الجزرية المنتشرة عبر المحيط الهادئ هي من بين أكثر دول العالم تعرضًا لظواهر المناخ المضطربة، مثل ارتفاع درجات حرارة، والمزيد من الأعاصير المدمرة، وموجات الحر، والفقدان الخطير للتنوع البيولوجي، والمياه والأمن الغذائي.
وتقدر أمانة منتدى جزر المحيط الهادئ أن المنطقة تحتاج إلى مليار دولار سنويًا لتنفيذ أهداف التكيف مع المناخ و5.2 مليار دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2030.
بدورها، قالت آن كلير جوارانت مديرة برنامج تغير المناخ والاستدامة البيئية في مجتمع المحيط الهادئ في نوميا، إنه بدون التمويل العالمي، لن تتمكن بلدان وأقاليم جزر المحيط الهادئ من تحديد وتنفيذ الحلول المناخية، مضيفة أن "التكاليف ستكون عالية وتتسبب الكوارث التي يسببها المناخ بالفعل في تكاليف اقتصادية تتراوح بين 0.5 في المائة و 6.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي السنوي في بلدان جزر المحيط الهادئ. وسيستمر هذا الاتجاه في المستقبل في غياب إجراءات مناخية عاجلة. وبدون تدابير التكيف، قد تتعرض جزيرة مرتفعة، مثل فيتي ليفو في فيجي، لأضرار تتراوح بين 23 و52 مليون دولار أمريكي سنويًا بحلول عام 2050".
وذكرت الوكالة الدولية أن الخصائص الفريدة للجزر، مثل مساحات الأرض الصغيرة، والقرب الشديد للعديد من المجتمعات، والبنية التحتية والأنشطة الاقتصادية من السواحل والاقتصادات غير المستقرة، تعني أن الظواهر الجوية الشديدة يمكن أن يكون لها آثار كارثية حيث يعيش 55% من سكان جزر المحيط الهادئ على بعد أقل من كيلومتر واحد من البحر، وتواجه المزيد من القرى كل عام إعادة توطين حيث أن وجودها معرض للخطر بسبب الفيضانات وتآكل البحر. ومن المتوقع أن تهدد الحرارة المفرطة والجفاف والأمطار إنتاج المحاصيل والغذاء، وبحلول نهاية القرن، يمكن أن تنخفض الإيرادات المهمة من السياحة في المحيط الهادئ بنسبة 27-34 في المائة.
ويمكن أن تصل تكاليف التكيف مع المناخ إلى أكثر من 25% من إجمالي الناتج المحلي في كيريباتي، و15% من إجمالي الناتج المحلي في توفالو وأكثر من 10% من إجمالي الناتج المحلي في فانواتو. ومع ذلك، فإن دول جزر المحيط الهادئ هي "من بين الدول الأقل استعدادًا للتكيف، مما يعرض تنميتها الاقتصادية واستقرار الاقتصاد الكلي للخطر"، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي.
من جانبه، قال مارك كارني مبعوث الأمم المتحدة الخاص بتمويل المناخ: "فيما يتعلق بتمويل التكيف في البلدان النامية، فإن ما حدث حتى الآن ليس جيدًا بما يكفي. نحن بحاجة إلى زيادة الطموح بشكل كبير داخل بنوك التنمية المتعددة الأطراف والمانحين الثنائيين. وبحاجة ايضا إلى العمل على التمويل المختلط، حيث يستفيد بعض التمويل العام من التمويل الخاص، وتقاسم مناسب للمخاطر بين القطاعين العام والخاص".
ويعمل مجتمع المحيط الهادئ - بشكل وثيق - مع الدول في جميع أنحاء المنطقة لتطوير وتقديم مقترحات تمويل المناخ ودعمها في تنفيذ المشاريع بمجرد الموافقة على التمويل.
ومع ذلك، قال ديرك سينمان منسق وحدة تمويل المناخ في مجتمع المحيط الهادئ: "عمليات التقدم بطلب للحصول على تمويل متعدد الأطراف للمناخ ثقيلة ومعقدة. وهذا يجعل الوصول إلى تمويل المناخ عملية بطيئة ومرهقة. القدرات داخل البلدان وداخل الحكومات والمؤسسات الأخرى غير كافية في مواجهة مثل هذه العمليات المعقدة. إن العديد من البلدان ليس لديها ما يكفي من الموظفين لتلبية المتطلبات المرهقة التي حددها المانحون، حتى بعد الموافقة على المشروع، يمكن أن يستغرق صرف الأموال من عام إلى عامين. وهذا لا يسمح للبلدان بتنفيذ إجراءات التكيف والتخفيف ضمن الأطر الزمنية المطلوبة".
ويحتاج المموّلون إلى "تسهيل الوصول الأسرع والأسهل إلى التمويل المتعلق بالمناخ بطريقة تجعل أولويات تغير المناخ لمجتمعات المحيط الهادئ، بدلاً من أولويات وسياسات المانحين، هي الدافع للمحفظة الإقليمية لمشاريع تغير المناخ"، حسبما أفادت مايفا تيسان، مسؤولة الاتصالات وإدارة المعرفة في برنامج تغير المناخ والاستدامة البيئية.
وأضاف ديرك سينمان أنه يمكن تحسين الوضع إذا جعل مقدمو التمويل متعددو الأطراف إجراءات التقديم أكثر بساطة ومرونة ، وقاموا بتغيير النهج الحالي القائم على الامتثال للتركيز على الآثار الإيجابية للمشروع، وتم إنشاء صندوق مخصص للمناخ من أجل الخسائر والأضرار في المنطقة.
ويردد صندوق النقد الدولي هذه الآراء، ويوصي بضرورة أن يدرك مقدمو تمويل المناخ "تقلص الفرصة المتاحة لمعالجة أزمة المناخ" و"النظر في بذل المزيد من الجهود لإعادة التوازن بين المخاطر التي يتعرض لها المساهمون مع الحاجة الملحة إلى التكيف مع تغير المناخ في الدول الصغيرة والضعيفة".
وينطلق مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27)، غدا /الأحد/، بمدينة شرم الشيخ، والذي تستمر فعالياته حتى 18 نوفمبر الجاري، والذي يعد فرصة هامة للنظر في آثار التغير المناخي في الدول النامية بشكل عام وإفريقيا بشكل خاص، وكذلك لتنفيذ ما جاء في اتفاق باريس 2015، ولتفعيل ما جاء في مؤتمر جلاسكو 2021 من توصيات، وحشد العمل الجماعي بشأن إجراءات التكيف والتخفيف من تغير المناخ.