بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء المقصود بقول النبي ﷺ: «إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان»؛ حيث إن ارتياد المساجد خاصة في صلاتي العشاء والفجر دليل على تمسك هذا الإنسان، وعلى تعلق قلبه بالله سبحانه وتعالى، لا يستطيع إنسان أن يخادع كل هذا الخداع، قد يُخطئ وقد يكون فيه قصور في بعض الأحيان، ولكن هذه قضية أخرى، لكن الظاهر دائمًا هو عنوان الباطن.
وأوضح جمعة إلى أن الظاهر عنوان الباطن ورد في كثير من الأحاديث هذا المعنى؛ فالنبي ﷺ يقول: «وإن أنُاسًا قد غرهم بالله الغرور» والغرور: هو الشيطان «يقولون: نحن نحسن الظن بالله، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل».
وقال جمعة: "فالعمل بالرغم أنه ظاهر؛ إلا أنه دليلٌ على الباطن، ولا يدعي أحد وهو لا يعمل أن باطنه طاهرٌ نظيفٌ؛ لأن هذا غير الواقع، وغير ما دلنا عليه ربنا سبحانه وتعالى، لافتا إلى أنه في هذا المعنى يقول ابن عطاء الله السكندري : «مَا اسْتُودِعَ في غَيْبِ السَّرَائِر: ظَهَرَ في شِهَادَةِ الظَوَاهِر» يعني ما كان في الداخل؛ فإنه لابد في يوم من الأيام أن يخرج إلى الخارج، سواء إن كان خيرًا فخير، وإن كان شرًّا فشر.
وزهير بن أبي سلمى وهو يقول:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلم تعلموا
وأكد جمعة في بيان سر ارتباط الظاهر بالباطن، لأن هذا الذي يحاول أن يخفيه ممكن أن يخيفه بعض الزمن، ممكن أن يخيفه عن بعض الناس، يمكن أن يخفي عملًا دون آخر، أما أن يخفي نفسه هكذا دائمًا، فهذا لا يمكن، بل إنه سوف يظهر على جوارحه وعلى ظواهره ما هو مكنون فعلًا في قلبه وفي صدره.
وتابع: نعرفهم من لحن اللسان، فالذي في القلب في القلب، ولكن غلطات اللسان تدل على ما في القلب؛ ولذلك: «من أشرقت سرائره أنار الله وجهه وظواهره»؛ لأنه الإشراق الذي بالداخل يؤثر على الخارج، ولذلك كانوا يقولون: «من حُسن قيام ليله بالليل، حَسَّن الله وجهه بالنهار»، فهذا يصلي ركعات، في الخفاء، في الليل، في جوف الليل، لا يراها أحد، ولكن نرى وجهه مضيئًا ومنيرًا، وعليه جَلال في النهار.