تنعقد صلاة الجماعة بامرأتين فأكثر عند من أجاز لها الإمامة، على اعتبار أنّ أقلّ الجماعة في الصلاة إمام ومأموم، واستدلّ أهل العلم على ذلك بما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-؛ حيث قال: (دخَل رجلٌ المسجدَ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد صلَّى، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ألَا مَن يتصدَّقُ على هذا فيُصلِّيَ معه)، ثمّ إنّ الجماعة من الاجتماع، وهذا يقع باجتماع اثنين، ونقل النووي وابن قدامة إجماع أهل العلم على ذلك.
بيَّن الإسلام أحقّية التقدُّم في الإمامة، ورتَّبها؛ فإن كُنَّ أكثر من امرأة، وأردنَ الصلاة في جماعة، فإنّ الأولى بالتقدُّم للإمامة أكثرهنّ حِفظًا لكتاب الله العالِمة بفِقه الصلاة، ثُمّ أعلمهنّ بالسنّة، ثُمّ أقدمهنّ هجرة، ثُمّ أكبرهنّ سِنًّا، فإن تساوَين في ذلك يُقرِعن بينهنّ؛ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فإنْ كَانُوا في القِرَاءَةِ سَوَاءً، فأعْلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ، فإنْ كَانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً، فأقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فإنْ كَانُوا في الهِجْرَةِ سَوَاءً، فأقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سُلْطَانِهِ).
وكُلّ من تصحّ صلاتها، تصحُّ إمامتها، إلّا أنّ إمامة المرأة للرجال غير جائزة، كما تجوز إمامة الفتاة الصغيرة المُميّزة للنساء؛ سواء في الفرض، أو في النافلة.
وتجب على المُصلّي إذا كان مأمومًا مُتابعة إمامه في جميع صلاته؛ فقد قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإذَا قال سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أجْمَعُونَ)، وتحرم عليه مُسابقة إمامه في أيّ فعلٍ من أفعال الصلاة.
مكان إمامة المرأة للنساء في الصلاة
يختلف مكان وقوف المرأة عند إمامتها في الصلاة بحسب العدد الذي يُصلّي معها؛ فإن كُنّ أكثر من اثنتَين فإنّها تقف وسطهنّ؛ فقد جاء في الخبر عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فيما ورد عن رائطة الحنفية، قالت: (أمّتْنَا عائشةُ -رضي الله عنها- فقامتْ بينهنّ في الصلاةِ المكتوبةِ) فإنّ وقوف المرأة في وسط النساء أسترُ لها، أمّا إن كُنّ اثنتَين، فإنّ المرأة التي تَؤمّ تقف على يسار المأمومة كما هو الحال عند الرجال.