أكتوبر.. روعة ما كان.. وحلم ما يجب أن يكون!

أكتوبر.. روعة ما كان.. وحلم ما يجب أن يكون!مجلة اكتوبر

كنوز أكتوبر8-11-2022 | 16:45

هذا اليوم الرائع الذى انطلقت فيه مصر.. بجماع إرادتها بقيادة شجاعة جسدت ضمير شعبها ببسالة مقاتلها.. بأمجاد تراثها.. بكل القيم الشريفة، التى اكتسبتها بالدم وكونتها بالمعاناة خلال مسيرتها الممتدة فى درب الحضارة.. بكل قطرة دم فى شرايينها.. بكل اختلاجة حياة فى قلبها.. لتعاهد ضمير العصر على أن تقهر الشر وتدحر العدوان..

ولتقول للدنيا ها أنذا مصر من جديد.. ابنة التاريخ وربيبة الحضارة.. ووطن الأمجاد.. ها أنذا من جديد الرأس المرفوع.. والإرادة المتحفزة.. والإنجاز العظيم.. ها أنذا هرم حضارة.. ونهر خضرة وسنابل حب وأرض عطاء.. وبجانب هذا سيف حق.. وسواد قتال.. ودوما وإلى الأبد مقبرة غزاة!

قالتها مصر.. ها أنذا.. لكل من يحسبها – بالوهم قد غفت.. تبهر الدنيا بوثبتها.. وتتخطى المستحيل بقفزتها..

هذا اليوم الرائع.. لا تقتصر دلالته على أنه مجرد انتصار عسكرى أحال أسطورة المقاتل الإسرائيلى إلى رذاذ يتناثر تحت أقدام أبطال العبور.. إن سقوط خط بارليف مندحرا تحت أقدام الإرادة المصرية العابرة.. سقوطه يعنى سقوط أشياء كثيرة مغلوطة.. سقوط الانهزامية واليأس والتشكيك.. سقوط مغالطة أن الإنسان العربى ليس له غير أن يجتر مفاخر التاريخ.. أما العصر فليس هو فى مستواه.. وعليه أن يقف عند تخومه يتفرج ولا يشارك.. وعندما اجتاز جنود مصر براكين المحال.. بالكفاءة والعلم وإجادة فن القتال.. كان لابد أن تسقط هذه الأكاذيب.

هذا عن الحقيقة فماذا عن الحلم.. هذا ما كان.. فماذا عما يجب أن يكون؟!

إن أكتوبر العظيم يجب ألا يتحول إلى مجرد نشيد نغنيه.. ومناسبة نحتفل بها..

فنشوة ما حققناه يجب ألا تنسينا معاناة ما يجب أن نحققه.. فالطريق طويل من أجل دحر الهجمة الصهيونية نهائيا.. وصحيح أنها تتذرع بأسطورة عنصرية ركلها التاريخ بأقدامه وداسها التقدم بمياسمه، ولكنها تزحف بها بكل أحقاد العصور وبكل الرغبة المجنونة فى الانتقام لعارهم فى التاريخ.. ولهذا فإن الطريق وعر وبالغ الصعوبة.. وينتظرنا كفاح مرير مرير.. سلاحه الأفضل هو الحضارة بكل ما تعنيه الكلمة.. ثقافة وعلما وتطورا..

لقد كانت «حطين» هى بداية طريق طويل لرد الهدمة الصليبية على أعقابها.. وعلينا ليكون المستقبل لنا أن نرتفع إلى مستوى ما حدث فى أكتوبر.. أن تتحول دلالته وعطياته إلى قيم متأصلة تحكم حياتنا.. إلى سلوك حضارى تنطق به كل تصرفاتنا.. أن تترسخ قيم الديمقراطية فى وجودنا..

إن أكتوبر يجب أن يكون جامعة مشعة.. تفجر البحث، وتقدم الحول.. تنشر العلم وتقدم الثقافة.. إن أكتوبر هو المصنع المنتج، والحقل المعطاء، والفن المبدع، والمدرسة المعلمة والمربية.

علينا أن نعض على أكتوبر بالنواجذ قيم تضحية وشرف، قيم كرامة ونزاهة وحرية.. وعبور إلى كل ما هو حضارى وجميل.. علينا أن نرسخه قيمة فى حنايا القلب وأعماق الوجدان.. أن نحمله فى حدقة العين ونتنفسه فى خفقة القلب.. علينا ألا يفلت منا أكتوبر أبدا.. أكتوبر هو الوطن الجميل السعيد.. هو المواطن المكفول الحق، المتكافئ الفرص، السباق إلى الواجب بطواعية من شرفه.. لا قسرا بالقانون..

لقد عبر أكتوبر الطريق إلى المستقبل.. مهدها.. ورصفها لمسيرة تمتطى أحلام الغد، وتعانق المستقبل، وتصنع الفجر.. فلتكن مصر مشعل ثقافة، وبيئة علم.. ومنار عدالة.. يكون الامتياز للكفاءة والموهبة، للعمل المتقن، والجهد الخلاق، والابتكار المبدع.. وطنا يكفل الحوار دفاقا وحرا.. أن تكون الحرية للمواطن شجاعة وليس تطاولا.. جسارة وليس عربدة، أن تكون الطاقات تشييدا وليس تخريبا، إضافة وليس تدميرا.. أن يكون الاختلاف حوارًا وليس سبابًا، أن تكون الثورة سلوكا وليس مزايدة.. والسياسة ثقافة وليست متاجرة.. أن تكون مصر الوطن الذى تقاس فيه قيمة الإنسان بمدى ما يبذله.. لا بحجم ما يملكه.. بمدى ما يقدمه وليس بقدر ما يكسبه.

هذا هو أكتوبر.. الذى نريده.. والذى ننتظره.. والذى علينا أن نكافح بلا هوادة.. وأن نعمل بلا توقف.. من أجل أن يكون!

أضف تعليق

أصحاب مفاتيح الجنة

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2