بعث الرئيس محمد أنور السادات بهذه التحية إلى أسرة أكتوبر فى يوم صدورها، وقد نشرتها كل الصحف اليومية فى صفحاتها الأولى، وأذيعت فى كل نشرات الإذاعة والتليفزيون.. هذا نصها:
باسم الله.. من كل قلبى أدعو لأسرة مجلة أكتوبر بالتوفيق.. وإذا سئلت عن آمالة فإن آمالى أن أرى فى مجلة أكتوبر صحافة جديدة فى مصر، تعتمد أول ما تعتمد على الخدمة الكاملة لكل ما ينشر وبكل الخلفيات حتى يمكن للقارئ أن يخرج من كل عدد من أعدادها بقيمة وإضافة جديدة لثقافته العامة.
أحلم أن تستأنف مجلة أكتوبر ذلك الخط الذى كانت تتميز به صفحاتنا من قبل، وكنا نجد فيها مفاتيح للثقافة الحقة.
وأذكر أننى بعد أن تخرجت بشهور.. وكانت سنى 19 سنة وشهرًا ابتدأت أقرأ، وأول ما قرأت فى حياتى كتابا اشتريته من دار المعارف اسمه “ فيض الخاطر” لأحمد أمين، والكتاب ملىء بالمقالات القصيرة والخواطر المتنوعة، التى يخدمها أحمد أمين بمصادر ثقافية متعددة.
فإذا استطاعت مجلة أكتوبر أن تخدم ولو مواطنًا واحدًا من كل ألف مواطن، ليخرج منها بشىء جديد، فسوف يكون ذلك إنجازًا كبيرًا، لأن هناك أناسًا كثيرين حريصون مثلى على الثقافة والتلقى، فقد كنا نرى مفاتيح الثقافة قد أودعها كتابنا القدماء فى الصحافة على أيامنا.
أحلم أيضا أن يجد كل عربى فى هذه المجلة الخير المخدوم والخلفية المخدومة بحقائق تاريخية ووثائق مؤكدة، فالمهم هو أن نعلم للقارئ العربى كيف يستوعب هذه المعلومات الجديدة والثقافة الجديدة.
وأحلم أيضا أن تقوم مجلة أكتوبر بتأصيل 6 أكتوبر بكل أبعاده، فليس ذلك اليوم مجرد معركة عبور وإنما هو يوم فاصل بين عالم ما قبل 6 أكتوبر الذى اختلف عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا عن عالم ما بعد 6 أكتوبر، فلم يكن العبور مجرد انتقال من شاطئ إلى شاطئ، وإنما كان هناك أكثر من عبور هناك عبور ثقافى وعبور اقتصادى وانفتاح.
وأحلم ل مجلة أكتوبر أن تقوم بتأصيل المعانى ونحكى للناس عن نتيجة انتصارات أكتوبر فى كل الميادين، أريد من كل شاب إذا ما قرأ مجلة أكتوبر أن يتصور أنها موجهة له ومهتمة بشئونه، أريد لهذا الشباب التائه أن نعيد له اكتشاف الطريق الذى فقده، ومع الأسف فإن جزءًا كبيرًا من صفحاتنا يعمل على ضياع الطريق تحت قدميه.
أريد ل مجلة أكتوبر أن تكون صحافة الثقة بالنفس والاقتدار والأمل، بلا عقد وإنما بآفاق مفتوحة.
أحلم أن تضع مجلة أكتوبر حجر الأساس لصحافة عربية مصرية جديدة، ولا أريد ل مجلة أكتوبر أن تكون قدوة فى الصحافة فقط، كما كنا قدوة فى الثقافة، بل أريد منها تأصيل القدوة، خاصة ما نبنيه اليوم فى الديمقراطية الاشتراكية لأول مرة، حيث لا تناقض بين حرية الفر وحرية المجتمع كما هو موجود فى المجتمعات الاشتراكية المعاصرة، فإنهم هناك لم يجدوا حلاً لهذه المشكلة، وأعتقد أننا وجدنا الحل ونطبقه فعلاً، ومن المناسب أن أقول إن جزءًا كبيرًا من سوء الفهم المتعمد من بعض إخواننا العرب لما يجرى فى مصر سببه خوفهم من التجربة المصرية فى بناء الديمقراطية الكاملة، فنحن مجتمع دخل الحرب وليس فيه معتقل واحد لا مصرى ولا أجنبى، لأن مبدأ الاعتقال انتهى سنة 1971 إلى غير رجعة، وسيادة القانون وقيام دولة المؤسسات جزء عظيم من التأصيل الذى يجب أن تقوم به مجلة أكتوبر لأن هذا إنجاز عظيم.
وأخيرًا أحلم ل مجلة أكتوبر أن تظل قدوة للصحافة فى الشمول والارتفاع فوق التفاهات التى أراها اليوم، وأن تقوم بتأصيل القيم الأساسية وإعطاء المثل كقيادة فى الصحافة كما كانت مصر قيادة فى الثقافة.