شهد قطاع المخلفات تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة فقبل 9 سنوات من الآن، خاصة بعد انتهاء تعاقدات الشركات الأجنبية التي كانت تدير المنظومة، كانت أكوام القمامة تناطح السحاب وتنتشر بكل ربوع البلاد، فالمخلفات تسد شوارع المدن، وتعطل السيولة المرورية، والأمراض تهاجم الأطفال، دون تفرقة بين الأحياء الريفية أو الحضرية أو بشوارع العاصمة أو حتى بالميادين العامة.
فكل الأراضي الفضاء وجوار أسوار الهيئات الحكومية والصحية والتعليمية، والمدارس كانت مرتعا لإلقاء القمامة من قِبل السكان، خاصة بعد انتهاء تعاقد الشركات الأجنبية التي كانت تتولى إدارة المخلفات بمصر لسنوات، وعدم وجود بديل، دفع السكان إلى التخلص من القمامة بأنفسهم بأقرب مكان فضاء، أو بالشارع، فقط يبعد عن محيط تواجدهم، بهدف التخلص من المنظر والرائحة المزعجين.
لكن على الرغم من هذا التطور ما زالت أزمة الاستفادة من هذا الكنز تحتاج إلى إدارة جيدة خاصة مع تزايد عدد السكان وتزايد المخلفات المنتجة، وبالتالي تحويل عبء تكاثر وتناثر القمامة إلى مورد دخل قومي، على غرار عدد من الدول الكبرى كالصين وسويسرا التي تستورد المخلفات وتعيد تدويرها وتحويلها إلى طاقة، وسماد، ومنتجات صناعية جديدة وغيرها وفقًا لنوع المخلفات وجودتها، فنسبة إجمالي المخلفات التي يمكن استخدامها فى إعادة التدوير لا تتجاوز 20% فقط، بسبب عدم وجود أنظمة كافية لترتيب جمع المخلفات ونقلها، كما أن 0.5% فقط من هذه النسبة تكون عالية القيمة. فلم يعد ينظر إلى النفايات بالنظرة التقليدية كمادة عديمة الجدوى لكنها الآن ثروة يجب استثمارها.
تتنوع المخلفات الصلبة بمصر_ وفقًا لآخر بيانات منشورة بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2017- بين مخلفات زراعية، وهي النسبة الأكبر بين مجموع المخلفات الصلبة بنسبة 35%، يليها مخلفات الترع والمصارف بنسبة 28%، وتأتي فى المرتبة الثالثة المخلفات البلدية (وهي المواد الصلبة أو شبه الصلبة التي تتخلف عن الأنشطة الإنسانية اليومية العادية ويتم التخلص منها عند مصدر تولدها كنفايات ليست ذات قيمة تستحق الاحتفاظ بها، وإن كان من الممكن أن يكون لها قيمة فى موقع آخر أو ظروف أخرى بما يوفر الأوضاع المواتية لعمليات إعادة الاستخدام أو التدوير) أو بكلمات أخرى هي المخلفات المنزلية اليومية، وتمثل 23.2% من حجم المخلفات الصلبة الناتجة، يليها كل من المخلفات الصناعية والهدم والبناء، بنسبة إجمالية تقدر بـ 13.8%
الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة قالت إنه وفى خطوات نحو حل أزمة المخلفات بمصر، تم تفعيل منظومة المخلفات البلدية الصلبة لتحسين الأوضاع البيئية والصحية للمواطنين، واستهدفت المرحلة الأولى منها تنفيذ نحو 90 مشروعًا، بينما تستهدف المرحلة الثانية تنفيذ 61 مشروعًا، يقوم بتنفيذها كل من “الهيئة العربية للتصنيع”، و”وزارة الدولة للإنتاج الحربي”.
الحوكمة البيئية
ومن جانبه يقول دكتور عمرو عبد المجيد المدير الإقليمي لبرنامج الحوكمة البيئية مركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا “سيداري أن المركز قام بتوعية 3 آلاف رجل وسيدة بأضرار المخلفات وطرق الاستفادة منها، وتمكين ١٠٠ شاب وتنمية مهاراتهم لتأهيلهم على ريادة الإعمال فى مجال الاستثمار فى المخلفات، إلى جانب توفير 15 معدة كفرصة عمل للشباب والفتيات، وتدريب السيدات على الفصل من المنبع لتمكينهم من تدوير المخلفات بعد فصلها والحصول على عائد مادي مقابل بيعها.
وفى ذات السياق يقول الدكتور ياسر محجوب، مدير قطاع إعادة هيكلة المخلفات الجديدة إنه ومنذ صدور قرار مجلس الوزراء رقم 41 لسنة 2019 بشأن تعريفة التغذية الكهربائية المولدة من المخلفات، وتشكيل لجنة وطنية برئاسة وزيرة البيئة وعضوية ممثلين عن الوزارات والهيئات المعنية والخبراء، تم تنفيذ العديد من الجهود لدعم التحول إلى هذا المجال ومنها:
إعداد الدليل الإرشادي لمشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة، ومستندات طلبات التأهيل للشركات المختلفة الراغبة فى العمل والاستثمار فى هذا المجال.
وتبعا للتكليفات الرئاسية بدعم مشاركة الشركات المصرية لتنفيذ المرحلة الأولى لمشروعات تحويل المُخلفات إلى طاقة، تم اختيار عدد (8) شركات مصرية للبدء فى (8) محافظات (الجيزة، الغربية، الإسكندرية، الفيوم، البحيرة، دمياط، المنوفية، الشرقية)، ووجه الدكتور رئيس الوزراء بالتنسيق بين وزارة البيئة والبنك المركزي المصري لدراسة إطلاق مبادرة لتمويل الشركات، حيث وافق البنك المركزي على توفير تمويل من خلال البنوك التنموية المصرية بإجمالي حجم استثمارات تتراوح بين 340 - 400 مليون دولار أمريكي خاصة بالمرحلة الأولى، على أن يكون القرض بالجنيه المصري بفائدة 8٪ وفترة سماح للسداد 5 سنوات يليها 10 سنوات سداد للدفع.
الدعم التشريعي
وأكد محجوب على أن عام 2021 قد شهد الانتهاء من إعداد مسودة اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون رقم 202 لسنة 2020 فى شأن إدارة تنظيم المخلفات، وإرسالها إلى كافة الوزارات والحصول على ملاحظاتهم وعقد اجتماعات ثنائية لمناقشتها، كما تم الانتهاء من استيفاء ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة فى أغسطس 2021 وتم إرسال النسخة النهائية إلى المستشار رئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء للاعتماد والإصدار.
وطبقا للقانون رقم 202 لسنة 2020 الخاص بتنظيم إدارة المخلفات تم بناء هيكل مؤسسي جديد، بحيث تكون وزارة البيئة (جهاز تنظيم إدارة المخلفات) المنظم والمخطط والمراقب، والمحافظات.