يعتبر النجم الكبير الراحل نور الشريف، هو أجرأ وأكثر الممثلين العرب تقديماً لشخصية الملحد على الشاشة.
البداية كانت فى فيلم "السكرية" عام 1973، وعلى الرغم من صغر سنه وقتها، إلا أن نور وافق على استكمال دور "كمال"، ليظهر على الشاشة الفضية بشعره الأشيب وانحناءة ظهره البسيطة، ويقدم دور "كمال" صاحب النظرة الفلسفية والذى تقترب أفكاره أحياناً من حافة الإلحاد.
أما فى سنة 1974، فجسد نور الشريف واحدا من أكثر أدواره إثارة للجدل، عندما قدم فيلم "الإخوة الأعداء" عن رائعة ديستوفسكى "كرامازوف"، وأعدها للسينما المصرية وكتب السيناريو والحوار لها رفيق الصبان ونبيهة لطفي، وفى هذا الفيلم قدم نور دور "شوقى القرماني" الشاب الملحد الذى ينكر وجود الله من أساسه، ليدخل فى صراع العائلة الدائر ليصل إلى يقين بأن الله موجود.
نور قدم الدور بشكل يُحسد عليه، بداية من تخيله لشكل الشخصية، وظهوره فى ملابس تشبه ملابس الرهبان الضيقة، ومشيته الصارمة ونبرة صوته، واستغل نور كل أدوات الممثل الاستغلال الأمثل ليجسد تلك الشخصية صعبة المراس دون ابتذال أو افتعال.
بين أفكاره والرغبة فى التحرر من قيود الأديان وتشدد والده، وإرغامه على إقامة الشعائر الدينية، يقع "عباس" الشاب طالب الهندسة، وهو الدور الذى أداه نور الشريف فى فيلم "لقاء هناك" فى سنة 1976 للمخرج أحمد ضياء الدين، وهو عن قصة وحوار ثروت أباظة وسيناريو أحمد عبدالوهاب.
واقتحم نور الشريف بشخصية "عباس" أكثر من منطقة شائكة فى مجتمعنا، فمن التحرر من القيود الاجتماعية والدينية إلى منطقة الحب المستهجن بين شاب مسلم وفتاة مسيحية، ليؤكد نور الشريف مرة أخرى على جرأته الشديدة فى اختيار الأدوار، ورهانه على تقديم نفس الدور بشكل مختلف فى كل مرة.
السحر والشعوذة والانتقام عن طريق الجان كانوا طريق "طلال" للخلود والانتقام من قتلة زوجته، و"جلال" هى الشخصية التى قدمها نور الشريف فى فيلمه النادر والمجهول للكثيرين "أصدقاء الشيطان"، الذى عُرض فى سنة 1988، وأخرجه أحمد ياسين وكتبه إبراهيم الموجي.
أما "جعفر" المتمرد على جده والمطرود من جنته بغية تحقيق ذاته، فقد كان رهان نور الشريف فى سنة 1989، عندما قدم مع المخرج عاطف الطيب فى لم "قلب الليل"، عن قصة نجيب محفوظ، وسيناريو وحوار محسن زايد، وهنا يغوص نور فى قلب فلسفة نجيب، وصراعه بين الرب والإنسان.
وأدى تكرار الفنان الراحل نور الشريف لأداء دور الملحد لأن يشك أقرب الناس إليه فى أنه أصبح ملحداً، وروى فى أحد حواراته الصحفية، النقاش الذى دار بينه وبين عمه الذى رباه، حينما عاتبه على دوره فى فيلم "الإخوة الأعداء"، ظنا منه بأنه اتجه للإلحاد، وكيف أقنعه بصعوبة شديدة بأن الأمر لا يعدو تمثيلاً وأنه مؤمن وموحد بالله!