"استراحة بالمنطقة الأثرية وميادين".. معالم تخلد اسم عميد الأدب العربي طه حسين في مسقط رأسه

"استراحة بالمنطقة الأثرية وميادين".. معالم تخلد اسم عميد الأدب العربي طه حسين في مسقط رأسهطه حسين

حوارات وتحقيقات16-11-2022 | 12:50

49 سنة مضت على وفاة عميد الأدب العربي، طه حسين، الذي أضائت مؤلفاته الأدبية الجامعات المصرية والعالمية، بعد أن ولد في أسرته الصغيرة متوسطة الحال بمنطقة "الكيلو" بمركز مغاغة شمالي محافظة المنيا ويتلقى تعليمه في المراحل التعليمية المختلفة بالمعاهد الأزهرية، قبل أن ينتقل ويتلقى تعليمه الجامعي بالقاهرة عندما فتحت الجامعة المصرية أبوابها عام 1908 ومنها إلى فرنسا بمدينة مونبلييه لاستكمال الدراسات العليا.

ورغم المسيرة الكبيرة التي عاشها "حسين" متنقلاً بين بلدان العالم ينشر علمه، إلا أنه لم يتبقى له في مسقط رأسه بمحافظة المنيا سوا ميادين قليلة باسمه أحدهما في مدينة المنيا والثاني في مدينة مغاغه، و استراحة صغيرة في أقصى الجنوب الغربي بالصحراء في مركز ملوي، بناها لنفسه في منطقة تونا الجبل الأثرية، والتي كانت ملتقى المفكرين والأدباء والمثقفين على مدار سنوات طويلة رغم بعد مكانها، حيث عشق عميد الأدب هذه المنطقة بعدما دبت الاكتشافات الأثرية فيها في ثلاثينات القرن الماضي على يد العالم الكبير سامي جبره.

وبحسب أثريو المنيا فإن طه حسين قام ببناء الاستراحة ليأتي إليها كل عام ليكتب أحدث مؤلفاته، ويبتعد عن القاهرة وصخبها ويستعيد طاقته، وكان يقضي فيها أكثر من شهرين متتاليين، فهي تقع على مسافة نحو 60 كيلو متر جنوب مدينة المنيا، ولازال يغلب عليها الطابع القديم، وبنيت على مساحة 55 مترًا تقريبًا، مكونة من طابقين بكل منهما غرفتين وصالة ودورة مياة، ويحيطها من الخارج سور صغير من الطوب اللبن، بينما خصص الطابق الأول ليكون مكتبة لصاحبها.

الأثر الوحيد الذي لازال شاهداً على حياة طه حسين بمحافظة المنيا وهي تلك الاستراحة قام ببنائها له الدكتور سامي جبره عالم الآثار الشهير، حيث كانت تربطه علاقة صداقة قوية مع عميد الأدب العربي نظرًا لعلاقة الصداقة القوية بينهما، وتزوجهما من فرنسيتين، وكانا أصدقاء في مهمة التدريس بجامعة القاهرة.

أبرز ما دفع طه حسين للاستقرار في تلك الاستراحة كل عام هو سلسلة الاكتشافات الأثرية التي كان يسمع عنها كل عام هناك على يد العالم " سامي جبره" صديقه المفضل، وما ظهر هناك ن سراديب أثرية ومقبرة تعد فريدة م نوعها للملكة "ايزادورا" ، لتظل الإستراحة في تونا الجبل الأثرية، مزاراً للمثقفين فيما بعد، ومكتبه تضم نتاج أعماله الأدبية، فهي رمزًا وشاهدة على فترة من أعظم فترات القرن الماضي.

كما شهدت إستراحة تونا الجبل تسجيل وتصوير بعض المشاهد لأحد أشهر الأفلام المصرية والعربية، وهو فيلم "دعاء الكروان" لأحمد مظهر والفنانة القديرة فاتن حمامة، مما يؤكد أهمية المنطقة الفريدة وحب العديد من الممثلين والمثقفين لها، رغم موقعها البعيد عن المدينة ووقوعها بالصحراء، وصعوبة المواصلات والتنقل في اربعينات القرن الماضي إليها، ولكنها تمتاز بالبساطة والجمال.

ويري الكثيرين أن سبب عشق "حسين" للمنطقة وتلك الاستراحة بشكل كبير خاصة عندما كان يستمع لتاريخها من الدكتور سامي جبره، خاصة قصة العاشقين " إيزادورا وحابي " أصحاب أقدم قصة حب منذ 2000 عام ، والتي تدور قصتها بين " إيزادورا " ذات الأصول الإغريقية وإبنة الملك الحاكم في ذلك الوقت للاقليم، وأحد أفراد الجيش ويدعى "حابي"، الذي يعد أحد أفراد الشعب، فهي تعيش مع والدها في قصر بالناحية الشرقية للنيل بالتحديد في منطقة الشيخ عبادة حاليًا، بينما يعيش محبوبها الضابط بالناحية الغربية لمدينة ملوي، وبدأت قصة الحب بينهما حينما خرجت لمشاهدة الاحتفالات الخاصة، وأخذا يتقابلان لمدة 3 سنوات بالقرب من ضفاف النيل، وسط ترقب وخوف أن يراها والدها أو الحراس فتنتهي علاقتهما، وظل الأمر هكذا إلى أن وصلت الأنباء لوالدها بأنها تقابل أحد الضباط دون علمه، فطلب من الحراس بأن يتعقبوها ويمنعونها من مقابلة الضابط مرة أخرى، إلى أن قامت بالانتحار بإلقاء نفسها في النيل وفارقت الحياة حزنًا على حبيبها، وتم تحنيط جثتها وعمل مقبرة جميلة لها بمنطقة تونة الجبل وهي قريبة من مكان الاستراحة.

وطالب العشرات من المثقفين والقائمين على المنطقة الأثرية بالمنيا خلال الأعوام الماضية بالاهتمام بالاستراحة وتحويلها لمتحفًا يضم المزيد من متعلقاته وكتبه، لتكون المنطقة أكثر جذباً إلا أنه لم يستجيب أحد.

يذكر أن طه حسين هو « طه حسين علي بن سلامة»، وولد يوم الجمعة 15 نوفمبر 1889، وكان سابع ثلاثة عشر من أبناء أبيه حسين، وخامس أحد عشر من أشقائهِ، في قرية الكيلو قريبة من مغاغة إحدى مدن محافظة المنيا في الصعيد الأوسط المصري ولم يمر على عيني الطفل أربعة من الأعوام حتى أصيبتا بالرمد ما أطفا النور فيهما إلى الأبد؛ ويرجع ذلك إلى الجهل وعدم جلب أهله للطبيب بل استدعوا الحلاق الذي وصف لهُ علاجا ذهب ببصره، وكان والده حسين عليّ موظفًا صغيرًا رقيق الحال في شركة السكر، وأدخله أبوه كتاب القرية للشيخ محمد جاد الرب لتعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم وحفظه في مدة قصيرة أذهلت أستاذه وأقاربه ووالده الذي كان يصحبه أحياناً لحضور حلقات الذكر، والاستماع إلى قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي.

دخل طه حسين جامع الأزهر للدراسة الدينية والاستزادة من العلوم العربية في عام 1902، فحصل فيه على ما تيسر من الثقافة، ونال شهادته التي تخوله التخصص في الجامعة، ولما فتحت الجامعة المصرية أبوابها عام 1908 كان طه حسين أول المنتسبين إليها، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا، وعدداً من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية والسريانية، وظل يتردد خلال تلك الحقبة على حضور دروس الأزهر والمشاركة في ندواته اللغوية والدينية والإسلامية، ومن أشهر مؤلفاته ومن أشهر مؤلفات طه حسين في السينما والإذاعة والتليفزيون ، دعاء الكروان، الأيام، والذى يتناول قصة حياة عميد الأدب العربى ، والوعد الحق، وأحلام شهرزاد، قبل أن يتوفى يوم 28 أكتوبر 1973.

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2