أكد د. محمد فهيم رئيس مركز معلومات تغير المناخ ومستشار وزير الزراعة أن قضية تغير المناخ أخطر وأعمق بكثير مما هو متداول عنها، حيث يتم تسطيح هذه القضية فى أنماط تغيرات الطقس مثل درجات الحرارة والرطوبة والفيضانات والسيول، لكن تغير المناخ يعنى وجود أزمة مستمرة تزداد ضراوة مع مرور الوقت ستؤدى إلى تخريب وتدمير أكبر الاقتصادات للدول الكبرى.
وأضاف فهيم فى تصريحات خاصة لـ "دار المعارف" تغير المناخ ما بين أعوام 2015 – 2020 تسبب فى عدد كبير من الفيضانات والجفاف والعواصف وتغيرات حادة فى ارتفاع درجات الحرارة، واندلاع حرائق الغابات فى 114 دولة، وفى العام الحالى 2022 تواجه أغلبية دول العالم ظروف صعبة بسبب الظروف المناخية الصعبة.
ولفت د. محمد فهيم أنه بالرغم من تواصل دول العالم لإيجاد حل لهذه القضية فقد تم عقد اتفاقية المناخ عام 1992 بموافقة 197 دولة، وهناك مؤتمرات سنوية يتم الموافقة فيها على بعض الاتفاقيات وبلغت هذه الفعاليات حوالى 27 قمة عقدت حتى الآن.
وبالنسبة لمؤتمر قمة المناخ فى شرم الشيخ فقد تأكدت مختلف دول العالم أن مصر مصدر ثقة لكافة هذه الدول فى جميع النواحى التنظيمية وتخصصات المناخ المختلفة، وقد شارك فى قمة المناخ فى شرم الشيخ حوالى 140 ألف مشارك بوفود من جميع أنحاء العالم وبحضور 120 رئيس دولة، وتأتى هذه القمة فى ظروف صعبة يعيشها العالم بدءًا من أزمة كورونا، ثم أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، والتى صاحبها أزمة ركود عالمى وتدهور اقتصاديات غالبية الدول الكبرى، فضلًا عما تعانيه الدول الفقيرة من نقص إمدادات الغذاء وإمدادات الطاقة.
ويشير د. محمد فهيم أن مؤتمر المناخ أحرز تقدمًا فى بعض القضايا مثل ضرورة التزام الدول بالتعاون فى برامج العمل الدولية بما فى ذلك الحكومات والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الإقليمية والدولية والشركاء التنمويين، وما تم فى مؤتمر المناخ لم يحدث فى سنوات سابقة، حيث شمل النقاش قضية الزراعة والرى وتنمية البشر (الجندر)، كما تم إطلاق العديد من المبادرات مثل مبادرة الهيدروجين الأخضر ومبادرة التغير المناخى فى إفريقيا.
ويطالب د. محمد فهيم بضرورة أن يجد المجتمع الدولى حلول سريعة وحلول مستقبلية لمشكلة تمويل برامج إصلاح المناخ العالى خاصة فى الدول الفقيرة وأولها القارة الإفريقية الأكثر فقرًا وتضررًا من تدهور المناخ.
ويتبع ذلك معاونة الدول الفقيرة بالنظم التكنولوجية والفنية للتغلب على مشاكل المناخ المختلفة، وكذلك الوفاء بالتعهدات والالتزامات التى وافقت عليها الدول الغنية فى كافة مؤتمرات المناخ السابقة وفى مؤتمر شرم الشيخ الآن.
ويجب أن تستمر المفاوضات حاليًا وبعد انتهاء مؤتمر مناخ شرم الشيخ لمواصلة تنفيذ تعهدات الدول الكبرى الصناعية التى تضخمت اقتصادياتها على حساب الدول الفقيرة، عندما أطلقت هذه الدول مليارات الأطنان من الغازات السامة نتيجة النشاط الصناعى، وكل هذه الغازات انطلقت نحو فضاء الدول الفقيرة وتسببت فى الكوارث المناخية مثل الفيضانات والتصحر والجفاف وتعطل التنمية فى كافة البلدان النامية والعالم بأسره، خاصة الدول الغنية مطالبون بتنفيذ برامج للخفض التدريجى فى استخدام الوقود الإحفورى (الفحم – البترول - الغاز) حتى تكون درجة الكون فى حدود 1.5 درجة، ولن يحدث ذلك إلا بتقليل انبعاثات الغازات السامة.
ولفت د. محمد فهيم إلى دور الإعلام للقيام بدوره فى توطين (ثقافة المناخ) بدءًا من أسلوب معيشة الناس والتى تعنى الممارسة اليومية لجموع المواطنين فيما يخص استخدامات المياه ونظافة البيئة المحيطة بهم، والتوعية بحسن استخدام الموارد المحدودة من المياه فى أغراض مياه الشرب والرى، وغيرها من الاستخدامات الأخرى، واستخدام وسائل المواصلات التى تصدر غازات سامة تؤثر على البيئة، ولا بد أن يساعد المواطنين الدولة فى ترشيد الأنماط الاستهلاكية، حيث نجد فى فصل الصيف كمثال لذلك تناول المواطنين مواد غذائية نشوية وسكرية فى وجباتهم اليومية، والمواطنين مطالبين بعدم حرق القمامة، ووضعها فى مكبات القمامة حتى يمكن التعامل الصحى معها، وعدن إلقاء النفايات فى الشوارع والطرقات.
وينهى د. محمد فهيم حديثه عن جهود الدولة المصرية فى التحول إلى استخدام الطاقة النظيفة لتخفيف حدة الانبعاثات الحرارية السامة، فقد تم إنشاء أكبر محطة لإنتاج الطاقة النظيفة (الكهرباء) فى بمبان، وهى ثانى محطة فى العالم تنتج طاقة تفوق طاقة إنتاج الكهرباء من السد العالى بحوالى ضعفين، وتتجه الدولة فى برامج طموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وقد افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي أول مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر مع بداية انعقاد مؤتمر المناخ، كما يوجد أطلس إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، وهذه المشاريع العملاقة تنتظر المستثمرين للاستفادة من مصائد الرياح الموجودة بمنطقة البحر الأحمر لإنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة.