مع قرب الإنتهاء من المرحلة الأولى من
مشروع التجلى الأعظم لافتتاح بعض المشروعات تجريبيًا يكشف خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو
المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار عن الموقع الحقيقى لجبل موسى كواقع دينى أثرى يصعد إلى قمته الملايين لرؤية أجمل منظر شروق فى العالم فى سياحة روحانية لنيل بركة هذه البقعة المقدسة والوصول إلى السلام النفسى والراحة والطمأنينة الذى يستشعرها كل من تطأ قدميه الوادى المقدس طوى.
ويوضح الدكتور ريحان بأن المولى عز وجل بارك أرض مصر بوجود الوادى المقدس طوى بسيناء حيث بورك الإنسان والمكان، بورك من فى النار وهو نبى الله موسى وبورك من حولها من البشر فى هذه البقعة كما بورك الوادى الذى تجلى فيه المولى عز وجل بوصفه الوادى المقدس طوى فانعكست البركة على كل إنسان تلمس قدميه هذه البقعة ومن أجل هذا أمر المولى عز وجل نبيه موسى بأن يخلع نعليه وكل من يدخل إلى هذا الوادى عند جذور شجرة العليقة المقدسة التى تقع أسفل مذبح كنيسة العليقة المقدسة بدير سانت كاترين يخلع نعليه تأسيًا بنبى الله موسى عليه السلام.
ونوه بأنه أمام هذه العظمة والتفرد والقيمة الاستثنائية لهذه البقعة المقدسة تحاول عدة دوائر سلب هذه القيمة الكبرى عن مصر ومن أمثلة ذلك ما نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية أن نبى الله موسى قد كلم ربه فى الأردن وليس مصر عن طريق جبل نافو كما نشرت صحيفة " جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن العالم الإسرائيلى عمانويل أناتى ذكر أن الجبل الذى كلم الله عليه سيدنا موسى عليه السلام وأرسل إليه بالوصايا العشر هو جبل "كركوم" الموجود فى صحراء النقب.
وذكر العالم الإسرائيلى تسيفى إيلان أن جبل موسى فى سيناء ولكن فى منطقة سرابيط الخادم مما يؤكد أن الغرض من هذه الأراء مجرد إبعاد وجود الجبل عن موقعه الحقيقى بالوادى المقدس طوى فمرة فى سيناء وأخرى فى النقب أو الأردن.
وأكد الدكتور ريحان من خلال تحقيقى الأثرى لرحلة خروج بنى إسرائيل بسيناء وتحديد محطات الخروج بها والذى تضمنها كتابه "التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى" إصدار دار أوراق للنشر والتوزيع بأن المحطات تبدأ بعيون موسى حيث تفجرت الإثنى عشرة عينًا ثم منطقة سرابيط الخادم حين طلبوا من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهًا ثم منطقة الطور المشرفة على خليج السويس (موقع طور سيناء حاليًا) الذى عبدوا بها العجل الذهبى بمنطقة قريبة من البحر حيث نسف العجل بها ثم جبل الشريعة حيث تلقى نبى الله موسى ألواح الشريعة وقد انتقل بنى إسرائيل إليه عبر وادى حبران من طور سيناء إلى الجبل المقدس بالوادى المقدس طوى (منطقة سانت كاترين حاليًا).
ويتفق موقع الجبل المقدس مع خط سير الرحلة وهى المحطة الرابعة التى تشمل جبل الشريعة وشجرة العليقة المقدسة الذى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وهى المنطقة الوحيدة بسيناء التى تحوى عدة جبال مرتفعة مثل جبل موسى 2242م، جبل سانت كاترين 2642م فوق مستوى سطح البحر وغيرها، ونظرًا لارتفاع هذه المنطقة فحين طلب بنو إسرائيل من نبى الله موسى طعام آخر بعد أن رزقهم الله بأفضل الطعام وهو المن وطعمه كالعسل ويؤخد من أشجار الطرفا القريبة من الوادى المقدس حاليًا وهناك منطقة كاملة بهذا الاسم.
أمّا السلوى فهو شبيه بطائر السمان المتوفر بسيناء وكان النص القرآنى "إهبطوا مصرًا فإن لكم ما سألتم" سورة البقرة آية 61، والهبوط يعنى النزول من مكان مرتفع ونظرًا لارتفاع هذه المنطقة أيضًا فقد كانت شديدة البرودة لذلك ذهب نبى الله موسى طلبًا للنار ليستدفئ به أهله فى رحلته الأولى إلى سيناء، كما أن بهذه المنطقة شجرة من نبات العليق لم يوجد فى أى مكان آخر بسيناء وهو لا يزدهر ولا يعطى ثمار وفشلت محاولات إنباته فى أى مكان بالعالم مما يؤكد أنها الشجرة التى ناجى عندها نبى الله موسى ربه.
وأردف الدكتور ريحان بأن التأكيدات الأثرية بدأت حين جاءت الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين إلى الوادى المقدس فى القرن الرابع الميلادى بعد زيارتها القدس وبنت فى حضن شجرة العليقة المقدسة كنيسة صغيرة تحت مذبحها جذور هذه الشجرة وقد أصبحت من وقتها أرض سيناء بقعة مقدسة للحجاج المسيحيون من شتى أرجاء العالم وبعد دخول الإسلام إلى مصر أصبحت بقعة مباركة يحرص المسلمون على زيارتها فى رحلة الحج بالطريق البحرى إلى جدة ومنها إلى مكة المكرمة وكانوا يبحرون على نفس سفينة الحجاج المسيحيون من ميناء القلزم "السويس حاليًا" إلى ميناء الطور المملوكى ومنها يعبرون سويًا وادى حبران إلى الوادى المقدس طوى لزيارة جبل موسى وشجرة العليقة المقدسة والصلاة فى الجامع الفاطمى داخل الدير وقد تركوا كتابات تذكارية داخل الجامع ثم يعودون إلى ميناء الطور لاستكمال الرحلة إلى جدة ويظل الحجاج المسيحيون بالدير لاستكمال رحلة الحج ومنهم من يتوجه من سيناء إلى القدس.
ثم أكد ذلك أثريًا الإمبراطور جستنيان حين بنى بهذه البقعة أشهر أديرة العالم فى القرن السادس الميلادى وأطلق عليه دير طور سيناء تبركًا بجبل الطور ومازال ختم مطران الدير حتى الآن باسم دير طور سيناء والذى تغير اسمه إلى دير سانت كاترين فى القرن التاسع الميلادى بعد العثور على رفات القديسة على أحد جبال سيناء الذى حمل اسمها وتم نقل الرفات إلى الدير وقد أدخل كنيسة العليقة المقدسة داخل أسوار الدير ثم أكدت اليونسكو عام 2002 وجود الجبل والشجرة بهذه البقعة حين سجلت منطقة سانت كاترين وتضم الجبل والدير وكل مدينة سانت كاترين الحالية كمدينة مقدسة لها قيمة عالمية استثنائية تراث عالمى باليونسكو ثم أكد ووثق الدكتور عبد الرحيم ريحان كل هذه الحقائق بكتابه "التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى".
ويتابع الدكتور ريحان بأن ملايين الزوار الذين يصعدون إلى قمة جبل موسى "له عدة أسماء منها جبل المناجاة وجبل الشريعة وفى بعض المصادر جبل سيناء" يومًا وراء يوم يؤكدون لحظة بلحظة وجود الجبل والشجرة بالوادى المقدس طوى على أرض سيناء عبر
طريق سيدنا موسى المختصرة الذى مهدها الرهبان منذ عهد بعيد وجعلوا لها سلمًا من الحجر الغشيم مكون من 3000 درجة تم ترميمه عام 1911، وارتفاع جبل موسى 2242م فوق مستوى سطح البحر وهناك قنطرة من الحجر، قيل أنه كان يجلس عندها راهب أو أكثر يتقبل الاعتراف من الزوار ويكتب أسمائهم تليها قنطرة أخرى يطلق عليها قنطرة الغفران ثم نجد منخفض بين الجبال يسمى (فرش إيليا)، ثم يصعدون من فرش إيليا إلى قمة الجبل عبر 750 درجة سلم، وعلى قمته بقايا كنيسة صغيرة بناها الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادى، وجامع صغير قائم على أنقاض الجامع الفاطمى الذى بناه الأمير أبو المنصور أنوشتكين فى عهد الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله حين بناء الجامع الفاطمى داخل الدير 500هـ 1106م، وهناك كنيسة حديثة شيدت عام 1933م وتسمى كنيسة الثالوث الأقدس.