حتى الآن لم ينجح أى وزير تربية وتعليم على مدار الـ45 سنة الأخيرة فى القضاء على الدروس الخصوصية أو حتى تحجيمها، حيث أغمض كل منهم عينيه عن المشكلة.. وتركوها تزداد من عام لآخر حتى تفشت وتوحشت بهذا الشكل المخيف واكتفوا فقط بالتصريحات الوردية فى مواجهة هذه المشكلة.. حتى أصبحت مرضا مزمنا.. صعب العلاج ويهدد العملية التعليمية.
وقد وصل الأمر مؤخرًا بأن بعض الوزراء منهم من بدأ يفكر فى الاعتراف ب الدروس الخصوصية وتقنينها.. وبلاها وجع دماغ ليريح دماغه، مستندًا على المثل الشعبى الدارج "الإيد اللى متعرفش تقطعها بوسها".. بدلاً من معالجة الأسباب التى أدت إلى تفشيها.
ستظل هكذا ظاهرة الدروس الخصوصية فى تزايد من يوم لآخر ما لم يتم معالجة الأسباب التى أدت إلى تفشيها.. ومن هذه الأسباب غياب دور المدرسة.. تلك المؤسسة التربوية التى لا يضاهيها أحد، وإحقاقا للحق فإن المدرسة موجودة وتؤدى دورها وعملها على أكمل وجه فى المرحلة الابتدائية ورياض الأطفال فقط، حيث يواظب التلاميذ الصغار على الحضور، خاصة تلاميذ الصفين الرابع والخامس الابتدائى بعد تطويرهما.. وبعد أن تم تخصيص درجات على المواظبة فضلا عن إجراء امتحانات شهرية مما ربط التلاميذ بالمدرسة ولكن المشكلة تتركز فى مدارس المرحلتين الإعدادية والثانوية، التى هجرها الطلاب تماما لعدم وجود تعليم ولا شرح، حيث تعمد بعض المدرسين عدم الشرح للترويج لتجارتهم "الدروس الخصوصية".
وقد حكى لى بعض الطلاب بالمرحلة الإعدادية بأنه عندما يذهبون للمدرسة فإنهم يقابلون بالتوبيخ من بعض المدرسين على حضورهم.. وهذه مصيبة كبيرة وتريد حسمًا من الوزارة والمديريات التعليمية بتخصيص لجان متابعة مفاجئة للمدارس الإعدادية والثانوية لمتابعة الغياب والحضور ومتابعة أداء المعلم داخل الفصل، وأن تكون هناك عقوبات رادعة للمعلمين الذين لا يؤدون عملهم على أكمل وجه.. وأقترح أن يتم الاستعانة بطلاب كليات التربية للقيام بالتدريس فى المرحلتين الإعدادية والثانوية بدلاً من المعلمين المتقاعسين، كما أقترح تخصيص نسبة درجات على الحضور والغياب وبعض الامتحانات الشهرية التى تضاف للمجموع لإعادة الطلاب للمدرسة، كما أقترح أيضا أن تقوم كل مديرية تعليمية بتخصيص مدرسة أو مدرستين لتقدم مجموعات التقوية لتكون بديلاً عن "السناتر" عقب انتهاء اليوم الدراسى.. على أن يعمل بها أكفأ المدرسين وأشهرهم، فإعادة المدرسة لسابق عهدها هو أحد الأمور الهامة لمواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية وتحجيمها.. فالعملية تحتاج لشجاعة من الوزير فضلا عن تطوير كتب الوزارة المدرسية؛ لتكون على غرار الكتب الخارجية من حيث شرح الدروس بشكل مبسط وتضمنها للأمثلة والتمرينات الاسترشادية عقب كل درس لأن الكثير من الكتب المدرسية عبارة عن "لوغاريتمات" صعبة الفهم.
هكذا تكون البداية إذا كنا جادين فى مواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية أو حتى تحجيمها.