مع كل يوم يتم زيادة سعر شراء الزيت المستعمل، حيث 25 جنيها لسعر الكيلو، ومع تزايد حملات الترويج لشراء الزيوت المستعملة من المنازل والمطاعم عبر إعلانات بالشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي، وتجميعه في مصانع "بير السلم"، يتزايد الخطر.
ويزعم مشترو الزيوت المستعملة أن الهدف الرئيسي من حملاتهم، خدمة الاقتصاد الوطني بإعادة استخدامها بعد التنقية في صناعة الصابون والجلسرين أو ببيعها لمصانع الوقود الحيوي للحفاظ على البيئة، وتحقيق استفادة مالية للمواطنين من المخلفات، وعدم إلقائها بالمواسير والصرف الصحي منعا لتراكمها وانسدادها في بعض المناطق، إلا أن مصانع "بير السلم" تقوم بتوزيعها على المطاعم لاستخدامها في تصنيع الأغذية.
وطفت على السطح ظاهرة تدوير زيت الطعام المستعمل بطرق خاطئة، حيث انتشر سماسرة زيت الطعام المستعمل، الذين يشترون الزيوت المستخدمة من المواطنين ويعيدون تدويرها في مصانع بير السلم، تم يعيدون بيعها للمطاعم ومواطنين، ليكونوا السبب الرئيسي في انتشار أكثر من 10 أمراض خطيرة بين المواطنين، منها سرطان القولون والكبد وأمراض القلب.
والدليل على وجود تلك الزيوت بالأسواق هو الحملات التي تشنها مباحث التموين، والتي تمكينهم من ضبط العديد من المصانع التي تقوم ب إعادة تدوير زيت الطعام المستعمل، وكانت آخرها عندما تمكنت إحدى الحملات التفتيشية على الأنشطة التجارية، من ضبط سيارة بالجيزة محملة بنحو 2 طن زيوت طعام مستخدمة، قبل إعادة تدويرها وبيعها مجددا، ما يمثل خطرا داهما على صحة وسلامة المواطنين.
وتستورد مصر نحو 97% من احتياجاتها للزيت من الخارج، ولا تنتج سوى 3%، بحسب ما أعلنته وزارة التموين، ويصل حجم الاستهلاك نحو 2.4 مليون طن سنويا، بمعدل 20 كيلوجرام للفرد، وبلغت واردات مصر من الزيوت نحو 1.4 مليار دولار، خلال أول 10 أيام من 2021 وفقا للإحصاءات الرسمية.
وحذر عدد من خبراء البيئة والأطباء من انتشار ظاهرة إعادة تدوير الزيت المستعمل، لأنها تتسبب في الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة، لاحتوائه على مركبات هيدروكربونية، وهي مركبات كيميائية خطيرة للغاية تهدد الجهاز المناعي والكبد والكوليسترول الضار في الدم.
كما تؤدي إعادة استخدام زيت القلي لمخاطر صحية ضارة، مثل ارتفاع ضغط الدم والتشوهات النسيجية والتغيرات في المادة الوراثية يمكن أن تتسبب الجذور المتولدة أثناء عملية القلي في إتلاف الدهون الغشائية من خلال بيروكسيد الدهون مما يؤدي لاحقا إلى الإجهاد التأكسدي، وكذلك يعرض للإصابة ببعض الأمراض السرطانية الخطيرة.
وعلى الرغم من أن إعادة تدوير المخلفات بشكل عام من أهم بدائل التعامل مع المخلفات بأنواعها، بحسب المهندس حسام محرم المستشار السابق لوزير البيئة، هناك كيانات صناعية تأسست للعمل في مجال تجميع الزيوت المستعملة لإعادة تدويرها، وتحوله لاستخدامات نافعة مثل نصاعة الجلسرين والشحم أو الوقود الحيوي، وغيرها من الاستخدامات لمقبولة فنيا.
إلا أن مستشار وزير البيئة الأسبق، يؤكد أن هذه الصناعة غير معروفة في مصر، وتستخدم مصانع "بير السلم"، الزيت المعاد تدويره لأغراض الاستهلاك الآدمي كزيوت طعام، وتحتاج هذه الصناعة إلى المراقبة والتحكم، لاقتصار استخدام زيت الطعام المستعمل على أغراض صناعية غير آدمية.
ويشدد "محرم"، على ضرورة تكليف جهات البحث العلمي والتوحيد القياسي وغيرها من جهات التنظيم والتشريع والرقابة بوضع ضوابط ومواصفات قياسية تحكم تلك الصناعة لتوجيهها بما يخدم الاقتصاد ولا يضر بالبيئة ولا بالصحة العامة.
ولأن إعادة استخدام الزيت المستعمل خطر على الصحة، يحذر خبراء التغذية العلاجية، والكيمياء الحيوية، من استخدام الزيوت أكثر من مرة في القلي، لأنه من أكثر الأسباب المؤدية للأمراض السرطانية بأنواعها المختلفة الأكثر خطورة.
بحسب الدكتور أحمد دياب، استشاري التغذية العلاجية، فإن خطورة إعادة تدوير الزيت بعد تبريده، تكون بسبب التغيرات الكيميائية التي تحدث له نتيجة تكسر روابطه أثناء الغليان ثم تحلل المادة الغذائية فيه والتي ينتج عنها عملية تأكسد، والأكسدة هي مجموعة من الشوائب المضرة للصحة.
كما أن تكرار استخدام الزيت يسبب تعرضه للتلف، نتيجة تعرضه للضوء والأكسجين في الوقت نفسه أثناء القلي، وبالتالي تتغير خصائصه من حيث اللون والطعم والرائحة، ويصبح غير صالح للاستخدام، والمطاعم التي تعيد تدوير الزيوت أكثر من مرة رغم تعرضه لدرجة حرارة أكثر من 200 درجة، مما يتسبب في تأكسده وكسر الجزيئات وتكون مواد نتجت عن ارتفاع درجة الحرارة، تؤدي هذه المواد لمشاكل كبيرة في الكلى والكبد أيضا بجانب الأمراض السرطانية.
ويزيد أيضا استخدام الزيت أكثر من مرة، من فرص تسرطن الخلايا داخل الجسم، والتسبب في الإصابة بالكثير من الأورام السرطانية، كما أنه يرفع نسبة الكوليسترول، وتكون الدهون الثلاثية الضارة مما يؤدي إلى تصلب في الشرايين وحدوث جلطات.
وزيادة درجة حرارة الزيت عن 100 درجة مئوية، يسبب أيضا بحسب استشاري التغذية العلاجية، أضرارا خطيرة على جسم الإنسان تصل إلى السرطان، فضلا عن التأثير السلبي على الكلى والكبد بسبب اختلاف في مركب الزيت.
وتقوم مصانع بئر السلم، بوضع مبيضات لتحسين اللون، لكي ينخدع به المستهلك، ولكنه يفقد القيمة الغذائية للمأكولات التي يضاف إليها الزيت المعاد تدويره وهدر قيمته الغذائية، وإعادة التدوير المستمر للزيت، يزيد من زيادة أكسدة الجسم، وزيادة تأثر الشوادر الحرة التي تعمل على التحام الخلايا ببعضها، مما يتسبب في انفصال الخلايا الذي يؤدي إلى ضعف بالمناعة وتأثير على الحالة العامة بالجسم يجعل الخلايا تنفصل فتسبب السرطان.
ويوضح "دياب"، أن استخدام الزيت أكثر من مرة يتسبب في الإصابة بالسرطان، ولا تظهر أعراضه إلا بعد سنوات خاصة سرطان القولون والبنكرياس والمعدة، فالزيوت المشبعة تضر بالصحة، فما بالنا بأضرار الزيوت المعاد تدويرها.