أيام الطالبية!

الرأى10-12-2022 | 08:22

احترت فى تصنيف رواية "أيام الطالبية" الممتعة والمرهقة فى ذات الوقت.

ولم أستطع أن أجزم إذا ما كانت "مذكرات" شاهد عيان، سكن فى تلك المنطقة واختلط بأهلها وراقب تصرفاتهم ثم كتب عنهم بعد ذلك!، أم أنها "خيال" أدبى لكاتب روائى مبدع، وأن تشابهت الأشخاص والأحداث والأماكن.

ذلك.. لأننى كنت "قريب جدًا" من أشخاص الرواية ومسرحها وأحداثها، فقد سكنت فى منطقة الطالبية فى بداية عملى الصحفى، وتصادف أن كان ســكنى بجــوار الجمعيـــة الإسلامية، وشاهدت وتابعت "خلافات" كوادر الإخوان وأعضاء الجماعة الإسلامية والسلفيين، بل تعرضت لمضايقات من بعضهم بسبب تكرار "الخبط" على باب سكنى والإلحاح لدعوتى للصلاة معهم بالمسجد، لقد أبدع زميلى وصديقى عادل سعد، مدير التحرير السابق لمجلة المصور فى تصوير حياة قطاع عريض من البؤساء ساكنى هذا الحى والذى كنا نطلق عليه "الصين الشعبية" بسبب زحامه وعشوائيته لدرجة اختلاط "الحابل بالنابل" كما يقولون، فقد كان يضم المتدينين وأصحاب السوابق والبلطجية وشقق الدعارة وتجارة المخدرات و"المشرقين" من الصعيد و"المغربين" من بحرى، وكل من يبحث عن "سبوبة" يقتات منها ومكان " يفرد" ظهره فيه!

لقد ارهقتنى رواية " أيام الطالبية"؛ لأنها ممتعة ومتدفقة الأحداث ومتشابكة الوقائع.. ولم أستطع مقاومة الرغبة فى قراءة صفحاتها فى ليلة واحدة رغم ضعف النظر!

وركز زميلى وصديقى المؤلف على "التعايِش" بين المسلمين والمسيحيين على الرغم من الضغوط المختلفة واتهامات "التكفير" بخلاف الفقر المشترك والعوز وقلة الحيلة، ومع ذلك تمكن هؤلاء رغم مشاكلهم الشخصية وأسرارهم "المخزية" من الإنتاج المشترك للمستقبل والذى تمثل فى إقامة حضانة حديثة مع تعليم جيد لأطفال المنطقة.

وأشار المؤلف أيضًا لإمكانية التحول الإيجابى وتغيير الماضى المشين والحاضر البائس من خلال الجدية فى تحصيل التعليم والمشاركة فى الخدمة العامة، حيث أصبحت إحدى فتيات الحى أستاذة جامعية، كما قاد أحد أبناء المنطقة فريق الكرة الطائرة فى نادى رياضى كبير.

وتمكن الأحفاد الذين حصلوا على "قسط" من التعليم من تغيير أحوال الآباء والأجداد، ومساعدتهم فى التوبة عن أخطائهم السابقة.

الرواية طويلة وتحتاج لمساحة أكبر لسرد وقائعها، خاصة ما يتعلق بثورة يناير وما جرى فيها، وحسب تعبير المؤلف – لم يعاقب منها أحد غير الثوار!

فالتحية ل عادل سعد على روايته الجميلة، وسوف أبحث عن مؤلفاته الأخرى لقراءتها، خاصة روايتى الأسايطة، ورمضان المسيحى وقد ترجمت الأخيرة للغة الروسية مع رواية البابا مات.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2