صعيدي في السفارة المصرية !

صعيدي في السفارة المصرية !صعيدي في السفارة المصرية !

*سلايد رئيسى23-3-2018 | 13:59

على «الواتس» جاءتنى هذه الرسالة المنقولة عن أحد الأصدقاء الناخبين بالمملكة السعودية والتى يستهلها بالقول:«يظل الصعايدة هم الفاكهة فى أى تجمع للمصريين..» ويفسر الصديق هذا الحكم القاطع بالحكاية التالية:

«فى القنصلية المصرية بجدة تجمع مجموعة من الشباب الصعايدة فى خيمة الانتظار الخارجية وهتفوا للسيسى، فجاء أمن السفارة وطلب منهم أن يكفوا على اعتبار أنها دعاية لمرشح داخل اللجنة، وبعد مناقشات أصروا على الهتاف لمصر والجيش، فوافق الأمن أمام إصرارهم وكانت هتافاتهم كالتالى وباللهجة الصعيدى:

«تحيا مصر»

«يحيا الجيش المصرى»

«عاش إللى منعونا «نجول» عليه»

«عاش إللى بالى بالك»

«حبيبكم مين.. مش «جادر أجول»

(1)

هذا هو المصرى صعيدى أو بحراوى، يملك من مخزون الثقافة والذكاء الفطرى ما يستطيع به أن يحوّل أى موقف مهما كانت صعوبته أو جديته إلى طلقة سخرية مكثفة ليقفز عليه ويقول ما يريد، وذلك سلاحه السرى الذى واجه به الحياة بحلوها ومرها منذ أن أوجده الله على هذه الأرض، وحيّر البرية فى تفسير هذا السلوك الإبداعى الجماعى الشعبوى، النكتة الشعبية المصرية، التى تتميز من بين نكات شعوب العالم كله بطعم الشطة الحارقة التى تلسع الدماغ، وصفتها الثانية أن تكون صادقة تعكس واقعا وليست مفتعلة.

ولا أتزيد على ما صدر عن الشباب المصرى الصعيدى فى حرم الدبلوماسية المصرية فى جدة وهو يحتفل بأداء واجبه تجاه وطنه، ويرى فيما يفعله نصرة له يقدمها وهو فى غربته.

ومثل هذا المشهد رأيناه خلال الأيام الثلاثة لانتخابات المصريين فى الخارج، مشهد متكرر فى كل السفارات والقنصليات حول العالم، ذهب فيه المصريون مجموعات وفرادى يدلون بأصواتهم فى أجواء احتفالية تعكس سعادتهم بالفعل لم يذهبوا لمجرد تأدية الواجب.

..عكست المشاهد أيضًا التفاؤل بالحدث وما سوف يترتب عليه، مشاعر لن تجدها إلا فى أفراح المصريين حين يزوجون أبناءهم أو بناتهم، ويوم العرس تتفجر فرحة من أنجز جانبًا كبيرًا من رسالته فى الحياة ويأمل أن ينتج هذا فى المستقبل ما يخلد ذكراهم ويبقى شىء منهم فى الدنيا بعد رحيلهم عنها.

(2)

أسبوع أو أقل وينتهى حدث الانتخابات ويتولى الرئيس الجديد مسئولية الحكم لسنوات أربع قادمة.. أحياكم الله.. أيام قليلة سوف تمر، ثم ذهب السكرة وتأتى الفكرة كما يقولون، وسوف نجد أنفسنا نسأل: والآن.. ماذا نحن فاعلون؟! الدنيا لم تنته عند انتخابات الرئيس، والتحديات قائمة فى بلدنا التى تقع فى إقليم تجاوز مرحلة الالتهاب إلى الاشتعال، والحرائق حولنا من جهات عديدة، وهذا الإقليم يقع فى عالم يبدو أنه فقد رشده وأصابه الجنون، يكفى أن يكون فيه رئيس دولة مثل ترامب، ورئيس حكومة مثل نتنياهو، وعائلة مالكة مثل آل حمد (!!)

وليس هناك نقطة فاصلة أو خط حدى توقف عنده الزمن بين السنوات الأربع فى ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسى المنقضية، والسنوات القادمة للرئيس الجديد، العمل مستمر فى كل المشاريع التى انطلقت، فى إنشاء الطرق، والمدن الجديدة، وقطاع الطاقة، والتصنيع، والمشروعات الضخمة فى شرق القناة، وسيناء، والعلمين، والضبعة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من الأماكن والمشروعات.. وماذا بعد؟!

هل يستمر العمل بنفس الحماسة أم تفتر؟!.. هل نكتفى بما أنجزناه أم نريد المزيد؟!.. هل نزيد سرعة تحركنا إلى الأمام فى محاولة للحاق بعالم يهرول من حولنا، أم نقول إننا تعبنا وآن لنا أن نهدأ أو نستريح وهى عادة من عاداتنا للأسف حين نركن إلى إنجاز أو انتصار جزئى حققناه.

سؤال آخر وليس أخير: هل انتهى الإرهاب الذى يتهددنا، وقضينا عليه القضاء المبرم؟! هل سنكتفى بالعملية الكبيرة سيناء 2018 ونقول كفى لم يبق إلا 10% أو 15% من حجم الإرهاب الذى كان موجودًا فى سيناء؟!

(3)

أؤكد لكم أن الأعداء لا يملكون الآن إلا أن يشهدوا لنا أننا نسير على الطريق الصحيح، لأن الكذب يفضحهم، لكنهم فى شهاداتهم بالإنجاز لا بد أن يضعوا سمهم، واستشهد على ما سلف، بما نشر على صفحة مؤسسة «بروكينجز» فرع قطر، وهى «ثينك ثانك» يملك ذراعًا إعلاميًا ينشر من خلاله دراساته وبحوثه، وما ينجزه باحثوه من تقارير أو دراسات مخصصة لهيئات دولية مثل الاتحاد الأوروبى.

وفى تقرير من هذا النوع أنجزه زميل السياسة الخارجية بمركز «بروكينجز» الدوحة عادل عبد الغفار كان قد كلفه به البرلمان الأوروبى، جاء تقرير عبد الغفار تحت عنوان:«استقرار مصر على المدى البعيد ودور الاتحاد الأوروبى»، والتقرير موجود وتستطيع أن تعود إليه عزيزى القارئ من عنوانه.

وفى جانب منه يجيب التقرير عن سؤال: ماذا يمكن أن تفعل أوروبا لسكان مصر لتعزيز استقرارها فى القادم من الأيام والمدى القريب (؟!) ويقدم الباحث نصائحه للجانب الأوروبى فى هذا الشأن.

لكن ثمة ملاحظات تخرج بها العين الناقدة من قراءة التقرير ومنها أنه على الرغم من الموضوعية فى تحليله للتحديات التى تواجه مصر فى الحاضر والمستقبل، ونتائج الإصلاح الاقتصادى والمالى، إلا أنه يعكس المعالجة على طريقة «ودنك منين يا جحا» وبدلًا من أن يطرح الباحث قضيته فى أنه يبحث عما يؤدى إلى استقرار مصر على مدى السنوات القادمة.. يبحث عما يؤدى إلى عدم الاستقرار.. كأنه يتمنى الخراب والعياذ بالله بدلا عن التنمية والتعمير.

(4)

والباحث الذى لا أعرف هويته، لكن أتصور أنه مصرى حين تحايل على الحقيقة وقلب العملة على وجهها لم يقل نكتة دمها خفيف مثل أشقاؤنا الصعايدة، لقد قال الحقيقة التى عاينها على الأرض لكنه أرضىّ حكام الدوحة ببعض الأمنيات الشريرة التى يحملونها لمصر مثل الفشل والسقوط أو على الأقل إطفاء أنوار الفرح و«كهاربه» المضيئة اليوم وإلى الأبد لو استطاعوا.

ولقد أدركت جموع المصريين هذا خلال سنوات ما بعد الفوضى والانفلات التى لم تستمر كثيرا رحمة ومنة من الله، وقررت هذه الجموع أن تفوّت على الأعداء الفرصة، مرة بالغناء، ومرة بالتنكيت، ومرات بالعمل الجاد الذى لم يعد اختيارًا، ولكن صار قدرًا محتومًا.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2