وجه أوروبا القبيح

وجه أوروبا القبيحانتهاك حقوق الإنسان

حوارات وتحقيقات12-12-2022 | 15:27

كشفت تطورات الأحداث الأخيرة عن العديد من أوجه انتهاك حقوق الإنسان فى المجتمعات الأوروبية ، والتي رصدتها تقارير صادرة عن مؤسسات اجتماعية ومنظمات حقوقية، وبحسب ما جاءت به هذه التقارير وحذرت منه وسائل إعلام عالمية، تتدرج نماذج انتهاك حقوق الإنسان من التمييز فى سوق العمل إلى الموت قهرًا داخل السجون نتيجة لتردي الأوضاع الإنسانية فى ضوء ممارسة أساليب الفصل العرقي والتنميط العرقي والإهمال فى توفير الرعاية الصحية والبلطجة داخل سجون الدول الأوروبية الأكثر تقدما والتي تتغنى حكوماتها بقيم ومعايير حقوق الإنسان هذا ما تكشف عن السطور التالية..


كشفت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية وفقًا لنتائج دراسة أجرتها مؤسسة ريزوليوشن «Resolution Foundation» أن واحدا من أصل خمسة بريطانيين يتعرض للتمييز فى مكان العمل، وكشفت الصحيفة بحسب نتائج الدراسة أن ثمانية ملايين بريطاني تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاما فشلوا فى الحصول على الوظيفة المطلوبة والترقية والتدريب الداخلي، وتعرضوا كذلك لمضايقات أخرى فى العمل بسبب التمييز الذي ينتهك قانون البلاد.
ووفقا للصحيفة، كان السبب الأكثر شيوعا لعدم المساواة فى المعاملة هو العمر، لافتة إلى أن 3.7 مليون بريطاني تم التمييز ضدهم على أساس العمر، منهم 16٪ تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاما و11٪ بين 55 و 65 عاما.
وأشارت الصحيفة البريطانية بحسب نتائج الدراسة إلى أن 2.7 مليون شخص آخر فى بريطانيا تعرض للتمييز بسبب النوع (ذكر وأنثى) وتم تسجيل عدد كبير من حالات التمييز بين ممثلي الأقليات العرقية، كما اشتكى أكثر من 20٪ من عدم المساواة فى المعاملة لافتين إلى أنهم أكثر عرضة للتحرش بسبب النوع والعمر، وبحسب الصحيفة يتعرض المعاقون للتمييز فى العمل.

وفيات قياسية ببريطانيا


كشفت تقارير صدرت مؤخرًا عن مؤسسة «إنكويست» «Inquest» «(مؤسسة المعنية بمتابعة حالات الوفاة المتصلة بعمل السلطات فى المملكة المتحدة) مدعومة بشهادات شهود عيان أن عدد الوفيات بسبب العنصرية والتمييز العرقي فى سجون بريطانيا بلغ معدلات قياسية، مما دفع مؤسسة «إنكويست» بالمطالبة بإجراء تحقيق أعمق وتطبيق نظام للرقابة واتخاذ الإجراءات للحد من وفيات هؤلاء الذين يعانون من العنصرية فى السجون البريطانية .
وبحسب صحيفة ذا إندبندنت البريطانية كشف التقرير الأخير الصادر عن مؤسسة «إنكويست» «Inquest» الذي يحمل عنوان «وفيات الأشخاص الذين يعانون من العنصرية فى السجون البريطانية بين عامي 2015 و2022 «Deaths of racialised people in prison 2015 – 2022» عن معلومات جديدة حصلت عليها من خلال «قانون حرية المعلومات» Freedom of Information Act، التي أظهرت أن 2220 شخصاً ماتوا فى السجون البريطانية فى الفترة ما بين يناير 2015 وديسمبر 2021.
وكان النصيب الأكبر من عدد الوفيات «136 وفاة» فى السجون بين الفئات التي تعرضت للتمييز العنصري للسود والأشخاص من ذوي الأعراق المختلطة، وهو بحسب الباحثين «يثبت بالأدلة دور العنصرية الممنهجة فى مرافق السجون».

وبحسب الصحيفة البريطانية درس التقرير 22 حالة وفاة «التي كان من الممكن تجنبها» لأشخاص كانوا يعانون من العنصرية فى السجن، من بينها حالات التطبيق غير الملائم للفصل العرقي، والتنميط العرقي، وإهمال فى توفير الرعاية الصحية، والبلطجة، لافتة بحسب التقرير إلى أن حالات وفيات السود، ومختلطي الأعراق، والآسيويين، والشرق أوسطيين، والأوروبيين الشرقيين، والايرلنديين البيض والرحالة، والغجر البيض هى الأعلى داخل السجون البريطانية.

وبحسب الصحيفة البريطانية صرحت «ديبورا كول» المديرة التنفيذية لمؤسسة «إنكويست»، أن «فشل التحقيقات فى أسباب الوفاة لدراسة الدور المحتمل للعنصرية أو التمييز فى الوفيات يوحي بأن المشكلات العنصرية غير موجودة، ومن ثم، تضيع الفرصة للاعتراف ومعالجة الظلم العنصري وعدم المساواة».


وأضافت أن «قرار الحبس لهؤلاء المذكورين فى التقرير تحول إلى حكم بالإعدام، السجن غير مجد فى الحد من الجريمة بل يكرس الأذى والعنف، وتكون فيه الفئات المعرضة للتمييز العنصري والمهمشة الأكثر تأثراً».

وبحسب نتائج التقرير التي أوردتها الصحيفة البريطانية تتخطى نسبة السود والأقليات العرقية فى السجون نسبتهم الفعلية من السكان، إذ يمثلون 28 فى المئة من النزلاء، إلا أنهم لا يمثلون سوى 13 فى المئة فقط من عموم السكان، وفى الإصلاحيات الخاصة بالشباب، يمثل السود والآسيويون وذوو الأعراق المختلطة حوالى 53 فى المائة من المعتقلين، فيما يشكل الشباب السود وحدهم 29 فى المائة من السكان.


وأضافت الصحيفة أن التقرير لفت إلى أنه على الرغم من أن أعداد وفيات الأشخاص الذين يتعرضون للتمييز العنصري تعد من أكثر الحالات إثارة للجدل حول العنف والإهمال».
وطالبت مؤسسة «إنكويست» بحسب الصحيفة بفتح تحقيقات أعمق وتطبيق نظام رقابي لوضع حد لوفيات الأشخاص الذين يعانون من التمييز العنصري فى السجون، فضلاً عن وقف بناء السجون وإعادة توجيه الموارد من نظام العدالة الجنائية إلى المساعدات الحكومية والصحة والإسكان والتعليم والرعاية الاجتماعية، ويأتي ذلك بعد أن وضعت الحكومة البريطانية خططاً فى ديسمبر الماضي لأكبر مشروع لبناء السجون منذ أكثر من 100 عام، حيث تعتزم الحكومة إنشاء 18000 مكان جديد و2000 مكان مؤقت، مما سيرفع عدد نزلاء السجون إلى ما يقرب 100 ألف بحلول عام 2026.


هذا على الرغم من حقيقة أن عدد المعتقلين فى سجون المملكة المتحدة قد ارتفع بنسبة 70 فى المئة خلال الثلاثين عاماً الماضية.
وقالت «إنكويست» إن خطة بناء السجون هذه تتلاءم مع توجه أشمل فى الاستثمار الكبير فى قطاع السجون، لافتة إلى أنه بنهاية عام 2020م، تجاوز إنفاق الحكومة على السجون 18 مليار جنيه استرليني، وبلغت التكلفة الإجمالية لكل سجين 42670 جنيهاً استرلينياً (ما يعادل 47705 دولارات).

ووفقاً لبيانات «إنكويست»، بلغ عدد الوفيات فى السجون عام 2021م حوالى 371 شخصاً، وهو أعلى عدد وفيات فى سجون إنجلترا وويلز، تم تسجيله على الإطلاق، حتى دون حساب الوفيات المتربطة بـ «كوفيد-19»، لافتة الى أن إحدى الجمعيات الاجتماعية حذرت من أن حالات وفيات السود وذوي الأعراق المختلطة فى سجون المملكة المتحدة هي من الأكثر عنفاً وانتشاراً.

وبحسب الصحيفة البريطانية أورد التقرير تجربة «محمد عرفان أفضل»، من أصول باكستانية والذي كان يبلغ من العمر 22 سنة، حيث كان محبوساً احتياطاً فى سجن «ليدز» عندما توفي فى الرابع من أغسطس 2019م بسبب التهاب الصدر، بعد أن فقد كثيراً من الوزن لدرجة أصبح فيها هزيلاً، وكان «محمد» يتمتع بصحة جيدة عند وصوله إلى السجن، لكنه فقد ما يقرب من ثلث وزنه بعد 48 يوماً من اعتقاله حتى أصبح هزيلاً، مما جعله أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.
وكشفت التحقيقات حوالى وفاته وجود إخفاقات فى تقييم صحته، ليس فقط قبل إصابته بالمرض، ولكن أيضاً بسبب تقييم صحته النفسية وصعوبات التعلم لديه.
وقالت شقيقته «عائشة أفضل»: «لقد عانى أخي فى الأشهر الأخيرة من حياته خائفاً وجائعاً ومريضاً ووحيداً، وهذا سوف يطاردني كل يوم حتى الموت». وأضافت «لم يُحاسب أحد على وفاته، ولم تتحقق العدالة».

كان إهمال الصحة الجسدية والعقلية للأشخاص موضوعاً رئيساً للحالات الأخرى التي أبرزها التقرير.
وتعقيبا على التقرير قال متحدث باسم وزارة العدل البريطانية «يتم التحقيق فى جميع حالات الوفاة أثناء الحجز بشكل شامل وحيادي من قبل ’أمين المظالم المعني ب السجون وفترات المراقبة‘ Prisons and Probation Ombudsman، الذي يعمل بشكل مستقل عن وزارة العدل»، مضيفاً «العنصرية والتمييز غير مسموح بهما فى سجوننا ونتخذ إجراءات صارمة لضمان المعاملة العادلة والمتساوية واللائقة لجميع السجناء والموظفين».

عدد المعتقلين بفرنسا

بعد مرور سنوات على إدانة القضاء الأوروبي لسجونها، وصل عدد المعتقلين فى فرنسا إلى رقم قياسي جديد بلغ 72809 أشخاص، وفقًا لإحصاءات رسمية صادرة عن وزارة العدل الفرنسية، وهو ما يعني تلاشي الأمل المتمثل فى الحد نهائيا من الاكتظاظ داخل السجون تنفيذا لتعليمات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا الصادرة يناير 2020م.

وذكرت وسائل إعلام عالمية أن عدد المعتقلين فى فرنسا ارتفع إلى معدلات قياسية فى السجون الفرنسية تبلغ 72809 سجين، وفقاً لإحصاءات رسمية، صادرة عن الحكومة الفرنسية، يثير انتقادات واستياء منظمات حقوقية داخل وخارج فرنسا، مشيرة إلى أنه وفقا للبيانات الإحصائية الصادرة عن وزارة العدل الفرنسية، كان فى السجون الفرنسية حوالي، 72809 معتقلين لقدرة استيعاب 60698 شخصاً، أي كثافة تبلغ 120% فى مراكز الاعتقال.

وبحسب بيانات رسمية نشرتها وسائل إعلام فرنسية بذل المرصد الدولي للسجون ونقابة المحامين فى مدينة بوردو الفرنسية محاولات عديدة ، لاتخاذ إجراءات قانونية لوضع حد لأزمة تكدس السجناء فى السجون الفرنسية والذي وصفته بأنه “المساس الخطير والجماعي بالحقوق الأساسية للسجناء”، إلا أن مجلس الدولة الفرنسي رفض طلب هذه الهيئات.

وبحسب تصريحات رسمية صادرة عن الإدارة الفرنسية «أنه لمواجهة هذه المشكلة، وعدت الحكومة الفرنسية ببناء 15 ألف مكان إضافى جديد فى السجون بحلول سنة 2027م وأكدت أن اللجوء المتنامي للتدابير التي تشكل بديلاً من بدائل الاعتقال «ستظهر فاعليته خلال الأشهر المقبلة».

الأكثر تهميشًا بألمانيا

كشفت شبكة الإعلام الألمانية دويتشه فيله «DW» بحسب تقارير منظمات اجتماعية معنية بحقوق السجناء أن ارتفاع معدلات التضخم نتيجة للتطورات العالمية منذ انتشار كورونا الى التداعيات الراهنة التي تفرضها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، زادت من الأوضاع المأساوية للسجناء داخل السجون الألمانية، مؤكدة أن الأوضاع فى السجون الألمانية تحقق المقولة المتداولة بين أفراد الشعب الألماني والتي تقول «الذين يدخلون السجن بالديون يخرجون بأكثر منها، السجون فخ لزيادة الديون».

وأوضحت شبكة الإعلام الألمانية فإنه هذه الأوضاع أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية جعلت الحياة أكثر صعوبة للسجناء، مما جعلهم أكثر عرضة للإساءة مرة أخرى وأكثر عرضة لارتكاب الجرائم مرة أخرى.

وبحسب ما أوردته شبكة الإعلام الألمانية أنه يتعين على السجناء فى السجون الألمانية العمل فى 12 ولاية من أصل 16 ولاية فى ألمانيا، مقابل ربع الحد الأدنى للأجور، كما يوجد حوالي 45000 شخص فى المؤسسات الإصلاحية الألمانية تضرروا بشكل خاص من التضخم.

وأضافت أنه لا يمكن للنزلاء التحقق من العروض الخاصة فى السوبر ماركت للحصول على أحدث الصفقات على الخبز أو السمن أو زيت عباد الشمس. ولا يمكنهم الذهاب إلى واحد من الف بنك طعام فى هذا البلد، حيث يمكن للفقراء الحصول على طعام مجاني، وأن كل ما يمكنهم فعله هو وضع علامة على قائمة كل أسبوع بالمنتجات التي يرغبون فى شرائها - بالإضافة إلى المستلزمات الأساسية المجانية - بأسعار أعلى بكثير من الأسعار «الخارجية»، لافتة الى أنه لمواجهة هذه الأوضاع رفع عدد من السجناء دعوى قضائية يطالبون فيها بأجر مناسب على أساس الحد الأدنى للأجور وبأسعار أغذية أكثر عدلاً.


ومن جانبه شدد «مانويل ماتزكي» المتحدث الفيدرالي لجمعية اتحاد السجناء والسجين السابق فى حواره مع شبكة «DW» على أنه ما يحدث فى السجون الألمانية يعد استغلال للسجناء، قائلا: «لدينا استغلال صعب للغاية للسجناء أثناء عملهم»، «إن أجر منتجات الحياة اليومية فى مؤسسة إصلاحية يتجاوز الخير والشر»، ويمكن بالتأكيد توقيع الهاشتاج #ichbinarmutsbetroffen «أنـــــــا متأثــــر بالفقر » «من قبل السجناء فى ألمانيا.

إهدار حقوق السجناء

ومن جانبها أكدت «يوليانه ناغل» عضو حزب اليسار «دي لينك» فى برلمان ولاية سكسونيا الألمانية أن السجناء الألمان هم الشريحة الأكثر تأثرًا مقارنة بباقي شرائح السكان، وأرجعت السبب إلى أن هذه الفئة ليس لديها «لوبي» يسعى من أجل مصالحهم وأنها تعد الشريحة الأكثر تهميشًا وعرضه لانتهاك حقوقها .
وأضافت : «يجب زيادة أجر السجناء العاملين، وهو منخفض للغاية، حيث يعمل حوالي 2000 من بين 3500 سجين فى السجون السكسونية، ويحصلون على أجر بخس بحد أقصى 2,15 يورو (اثنان يورو وخمسة عشر سنتا) فى الساعة ولا يتم تضمينهم حتى فى تأمين المعاش القانوني».

أضف تعليق

أصحاب مفاتيح الجنة

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2