"فورين بوليسي": رئيس الوزراء الماليزي الجديد ينتظره مهمة صعبة

"فورين بوليسي": رئيس الوزراء الماليزي الجديد ينتظره مهمة صعبةرئيس الوزراء الماليزي الجديد أنور إبراهيم

عرب وعالم13-12-2022 | 15:10

رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن رئيس الوزراء الماليزي الجديد أنور إبراهيم، أمام مهمة صعبة خاصة فيما يتعلق بتحويل نظرياته وانتقاداته عندما كان في صفوف المعارضة إلى حلول واقعية بعد توليه المنصب.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن أنور إبراهيم، استطاع على الرغم من أن الاحتمالات لم تكن في صالحه، تحقيق طموحه الذي راوده لعقود بعد سنوات قضاها في المعارضة السياسية تضمنت وقتا قضاه في السجن، مضيفة أنه أصبح الآن في وضع يسمح له - وإن كان ضعيفًا - بوضع البرامج والإصلاحات المنهجية التي وضع نظريات حولها وقام بحملات من أجلها أثناء تواجده بين صفوف المعارضة.

وبحسب "فورين بوليسي"، فإن تولي إبراهيم منصب رئيس وزراء ماليزيا يشكل مهمة صعبة بالنسبة لرجل يُعد من داخل النظام وخارجه في الوقت نفسه؛ إذ كان داخل الائتلاف الذي حكم ماليزيا لعقود، ولكنه عارضه كذلك لسنوات.

وأوضحت أن أمام إبراهيم ملفات كثيرة يتعين عليه معالجتها من بنيها "نظام سياسي يشوبه فساد يمثل عائقا للتقدم، بما في ذلك الجمود السياسي في البرلمان، والخدمة المدنية المختلة، بالإضافة إلى النظام القانوني؛ إذ لا تزال سيادة القانون طموحا وليس حقيقة.

وأشارت إلى أن الفضائح المالية الأخيرة هزت الثقة في مؤسسات الحكومة والاقتصاد في ماليزيا، فقد تورط رئيس الوزراء الماليزي الأسبق نجيب عبد الرزاق، المسجون حاليا، في فضيحة الصندوق السيادي الماليزي (1MDB)، والذي أدين فيها هو وأفراد عائلته باختلاس مليار دولار من أموال دافعي الضرائب، وتصدرت عناوين الصحف الدولية وتسببت في تردد المستثمرين في ضخ أموالهم في استثمارات بماليزيا.

وأضافت المجلة أن ماليزيا تعاني كذلك من صدمات التباطؤ الاقتصادي على الصعيدين الإقليمي والعالمي في ظل تقلص الاقتصاد الصيني والطلب المحلي بسبب استمرار سياسات (صفر كوفيد)، ومع انكماش الأسواق الأمريكية والأوروبية قبل الركود المتوقع وصدمات العرض المرتبطة بذلك.

وأوضحت أن كل هذه الأمور تشكل صعوبات بالنسبة لأي رئيس وزراء جديد، لاسيما وإن كان خارج دائرة صنع القرار منذ 25 عاما مثل أنور إبراهيم، "إلا أنه كان يستعد لذلك".

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن إبراهيم تحدث، خلال مقابلة معها العام الماضي عن أن التزاماته تتمثل في رؤية خاصة للبلاد التي وصفها بـ"دولة فتية ذات إمكانات مهدرة للأسف، بسبب مشاكل السياسة وفساد النخبة في البلاد".

ونقلت المجلة عن محللين وخبراء في الشأن الماليزي قولهم إن إبراهيم كان مستعدا للانتظار، تماما كما فعل خلال سنوات، من أجل الفرصة التي تسمح له بتنفيذ برنامجه.

ورأت الدورية الأمريكية أن إبراهيم لديه خلفية اقتصادية قد تساعده في مهام منصبه الجديد على إعادة بناء الثقة وترشيد الإنفاق العام، مشيرة إلى أنه كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير المالية في تسعينيات القرن الماضي، وكان ذلك إبان حقبة النمو والتفاؤل الكبير؛ إذ أفرزت هذه الحقبة "النمور الآسيوية الأربعة" (اقتصادات آسيوية سريعة النمو كان من المقرر أن تتمتع بصادرات أعلى ، وإنتاجية أعلى ، وأجور أعلى).

وأضافت أن هذه الفترة كانت تتسم بالجرأة والجموح، حيث أطاحت بالقبضة الأوروبية والأمريكية والسوفيتية الخانقة للتنمية بشكل جذري، مما مهد الطريق نحو القرن الحادي والعشرين ومن نواحٍ عديدة كان إبراهيم يمثل تفاؤل بلاده وجرأتها؛ بينما ظل محترما ومنضبطا في قيادته الاقتصادية، وبالنسبة لبعض الماليزيين المتقدمين في العمر كانت تلك الحقبة "عصر ذهبي".

واستدركت "فورين بوليسي" قائلة: "إن هذا الأمر يبدو بعيد المنال الآن فالتضخم يؤدي إلى اضمحلال الاقتصادات في جميع أنحاء العالم ويثير الفوضى في ماليزيا، حيث يهدد ارتفاع أسعار السلع الأساسية بدفع فقراء الحضر والريف على حد سواء نحو الفقر المدقع".

وقالت المجلة الأمريكية إن أنور إبراهيم كان قد صرح خلال حملته الانتخابية بأن معالجة هذه الأزمة عبر استقرار الأسعار هو أولويته الأولى، إلا أن موقفه هذا عُرضة للخطر؛ فتعافي ماليزيا، بحسب وكالة "بلومبرج"، هش ويجب على إبراهيم نفسه الحفاظ على ثقة السوق بينما يسير وسط شراك سياسي.

وأضافت أن إبراهيم وصل إلى السلطة على رأس ائتلاف من مختلف الحلفاء وأصحاب المصلحة، وجميعهم لديه مصالح داخل ماليزيا ويجب استرضاء كل منهم وتحقيق التوازن بين مصالحهم.

وأوضحت أن التحديات الدولية لا تختلف كثيرا عما يواجهه رئيس الوزراء الماليزي الجديد داخليا؛ إذ يجب أن يتعامل مع وضع دولي معقد، فهو يعترف بالتوترات بين الولايات المتحدة والصين والصعوبة التي يعنيها ذلك بالنسبة ل ماليزيا كونها دولة استراتيجية في قلب منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وأضافت أن إبراهيم يؤكد أن ماليزيا يجب أن تكون مستعدة للعمل مع كل من الولايات المتحدة والصين "وإصراره على الديمقراطية ومكافحة الفساد في الداخل سيمنح الرئيس الأمريكي جو بايدن بعض أسباب الرضا في عصر التراجع الديمقراطي".

وأشارت إلى أن إبراهيم استطاع على مدار عقود بناء علاقات مع الدول الأجنبية، والتي سيكون لها تأثير على سياساته الحالية، فلطالما كان داعما للهند، بما في ذلك إقامة علاقة وثيقة معها عندما كان زعيما المعارضة.

واختتمت "فورين بوليسي" بأن مثل هذه العلاقات تمنح إبراهيم بعض المؤيدين على الساحة الدولية، لكنها لا توفر له سوى هدنة فورية قصيرة من التحديات السياسية الداخلية، مؤكدة صعوبة مهمة رئيس الوزراء الماليزي الجديد.

أضف تعليق