لم ننته من الواقعة المؤلمة لوفاة الطفلة «بسملة أسامة» (9 سنوات)، التلميذة بالصف الرابع الابتدائى بمدرسة السنبلاوى بالدقهلية على يد مدرس اللغة العربية الذى ضربها «بخشبة» على رأسها لأنها أخطأت فى الإملاء.. حتى فوجئنا بنفس الواقعة تتكرر – بنفس حذافيرها – فى إحدى المدارس الابتدائية فى أسيوط، حيث قام أحد المدرسين بضرب تلميذة بعصا مما أفضى إلى موتها، حيث كان يعاقب مجموعة من التلاميذ بإجبارهم على تقديم يدهم ليضربها بالعصا.. ولما رفضت الطفلة «ريناد» الامتثال بتقديم يديها إنهال عليها ضربًا بالعصا على جسمها مما أصاب الطفلة بحالة من الرعب وقدمت يدها فضربها بقسوة وعنف حتى سقطت على الأرض وارتطمت رأسها بأحد المقاعد لتفقد الوعى.. ولتتوفى فى الطريق أثناء نقلها إلى المستشفى !!
فماذا ننتظر عندما تصل الأمور إلى حد القتل لأطفال أبرياء؟.. وأن مثل هذا المعلم يستعرض قوته وعضلاته على طفلة صغيرة لا حول ولا قوة لها فإن الأمر يحتاج إلى وقفة.. عمومًا فقد أمر المستشار حمادة الصاوى، النائب العام بحبسه بعد أن أقر تلميذًا من زملائها فى الفصل بالواقعة.. وبعد أن كانت إدارة المدرسة تريد أن «تطرمخ» على الواقعة تعاطفًا مع زميلهم المعلم القاتل.. وهذه مصيبة أخرى.. فهؤلاء لا يمتون للعملية التربوية بصلة ولا يصلحون أن يكونوا معلمين.
إننا أمام قضية خطيرة بعد أن ازدادت وقائع الضرب بالمدارس الذى أفضى إلى موت لتلاميذ لم يتجاوز أعمارهم 9 و10 سنوات.. وقد سبق هذه الواقعة بأيام قليلة قيام مديرة إحدى المدارس الخاصة بالإسكندرية بالتنمر على طفلة وضربها بوحشية مما أصابها بحالة نفسية.. وكلها تجاوزات لا تصدر من أشخاص أسوياء، وتنم عن وجود خلل نفسى فى شخصية هؤلاء المعلمين.
والواقع أن استخدام الضرب داخل المدارس أسلوب قد عفا عليه الزمن لما له من أضرار جسيمة على نفسية الطفل، حيث تجعل التلاميذ يكرهون المدرسة ويكرهون التعليم، فضلًا عن أنها تقتل الموهبة وتؤدى إلى تخريج أجيال خانعة جبانة.. وهذا لا يتماشى مع الجمهورية الجديدة التى يحفر الرئيس السيسي الصخر لبنائها ولا يتناسب مع جهود القيادة السياسية لبناء الإنسان.
والمفروض أن يكون للرجل التربوى د. رضا حجازى، وزير التربية والتعليم وقفة حازمة بمنع الضرب بالمدارس، وإيقاف أى معلم يستخدم الضرب فى العمل وتحويله لوظيفة إدارية.. وأن يكون للإدارات التعليمية – النائمة فى العسل – دورًا فى مراقبة ومتابعة المدارس والمعلمين، خاصة المدارس الابتدائية.. وعدم التهاون أمام أى عنف بدنى يصدر من معلم تجاه تلميذ صغير مهما كانت الأسباب والمبررات والحجج، خاصة أن هناك الكثير من الوسائل التربوية للعقاب مثل حرمان التلميذ من نزول الفسحة أو استدعاء
ولى الأمر أو استخدام درجات السلوك وغيرها.
وللعلم أن احترام التلميذ للمعلم لا يتأتى باستخدام العنف.. فالمعلم فى الفصل بمثابة الأب أو الأم.. وعلى المعلمين أن يعلموا أن الآباء قد تركوا لهم أبناءهم الصغار أمانة فى أعناقهم ليعلموهم لا ليقتلوهم.