بات الكلام والتحرك ع المكشوف ولم يعد فى عرف السياسة شىء يمكن أن تداريه الدولتان.. المنافسة بين أمريكا و الصين والصراع على فرض وتوسيع النفوذ فى مناطق العالم المختلفة بات واضحا.. ومؤخرًا تصريح وزير الدفاع الأمريكي الذى أبدى فيه، صراحة وعلنا، قلق أمريكا من زيادة النفوذ الصيني فى أفريقيا يؤكد أن الأمر لم يعد يحتمل أكثر من تأويل .
القمة العربية - الصينية وبعدها القمة الأمريكية - الإفريقية، كلها تحركات تؤكد أن الصراع والمنافسة على أشدها بين القوتين العظميين واللعب أصبح على المكشوف وهو شىء لا يدعو إلى الخوف، فلن يحدث صدام عسكري لأن هذا معناه نهاية العالم، إنما الأمر سوف يسير فى إطار المنافسة الشرسة على فرض النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي، وكلا القوتين يعلم أدواته جيدًا ويعلم نوع وحجم القوى التى يجب أن يستعين بها من أجل أن يحقق أهدافه فى أى منطقة يستهدفها.
وهنا تجدرالإشارة إلى المكانة التى تحتلها مصر بين القوى الدولية كدولة كبرى حجمًا وقوة، عسكريا وأمنيا ودبلوماسيا، وجغرافيا بموقعها الجيوسياسي، وكحلقة وصل استراتيجية بين إفريقيا والعالمين العربي والإسلامي، وهو ما يجعل كل القوى العظمى فى العالم وكل أطراف التسابق يأتون إلى مصر وعدم التفكير فى تعديها أو القفز على دورها أو تجاهله، فمصرتلعب دورًا هامًا فى استقرار إفريقيا خاصة فى ليبيا والسودان، ولديها علاقات تسمح لها بالتواصل الإيجابي مع القيادات الإفريقية، كما أن لها علاقات ممتازة مع دول الخليج والعالم الإسلامي، كل هذا يسهل مهمة مصر فى التوسط والتواصل، ويجعل منها المفتاح المركزي للتواصل الإفريقي والعربي مع الخارج.
و أمريكا تدرك هذه الحقيقة جيدًا وتتعامل معها باحترافية عالية فهي تدرك توسع الصين وروسيا بإفريقيا فى العديد من المجالات، وباستثمارات حقيقية على أرض الواقع ، وتدرك مدى التأثير المصري فى القارة السمراء ومدى أهمية الدور المصري كبوابة لتوسيع النفوذ والتواجد الأمريكي فى إفريقيا، ومصر بدورها تعي وتقدر حجم المسئولية التى تحملها على عاتقها وتحرص على أن تكون أمينة لأقصى درجة فى تحقيق المصالح الإفريقية، فمصر تعلم أن هناك أزمات عميقة داخل إفريقيا، وأن القارة ليست فى قمة الاستقرار، لذلك تعمل على بلورة رؤية إفريقية موحدة تحقق التوافق بين السياسات المختلفة للدول الإفريقية الـ 54، وتحقق أعلى قدر من المصلحة العامة لهذه الدول مجتمعة.