فى ذكرى «الكوميديان الحزين».. عبد المنعم إبراهيم يشيع جثمان والده ويعود لإضحاك جمهوره

فى ذكرى «الكوميديان الحزين».. عبد المنعم إبراهيم يشيع جثمان والده ويعود لإضحاك جمهورهعبد المنعم إبراهيم

فنون20-12-2022 | 06:27

امتلأت حياة الفنان الراحل عبد المنعم إبراهيم، بالكثير من المفارقات؛ فأثناء عمله بوزارة المالية، وقبل دخوله المجال الفني؛ رشح له أحد أصدقائه، عروسًا، ليتقدم للزواج منها، فذهب لرؤيتها، ولكنه أعجب بشقيقتها، وبالفعل تزوّج الفتاة التي أعجب بها، وأنجب منها أبناءه “سمية وسلوى وسهير وطارق” وكان يحبها بشدة.

وقبل أن يتجاوز عمر ابنه الأصغر طارق، عامًا واحدًا؛ أصيبت الزوجة بالسرطان، وكان هذا الحدث كالزلزال الذي هز كيانه، فعاش مأساة مركبة بين دوره في أن يطمئن على زوجته، ويبدو أمامها قويًّا، محاولا إسعادها في أيامها الأخيرة، وبين جبال الهموم التي يحملها، وهو لا يعرف كيف يعيش وأطفاله بعد وفاتها، وكيف يتحمل فراقها، بل كيف يبدو ضاحكا ومضحكًا فيما يقدمه من أدوار كوميدية.

كان عبد المنعم إبراهيم لا ينام، وتحمل خلال تلك الفترة ما لا يتحمله أحد، واصطحب زوجته لأداء فريضة الحج، وبعدها ماتت في عام 1961، تاركه 4 أطفال، أكبرهم سمية 8 سنوات، وأصغرهم طارق الذي لم يكمل العام.

وحزن عبدالمنعم إبراهيم حزنا شديدا وظل يبكي طوال حياته؛ كلما تذكر زوجته وتذكر تلك الفترة.

وفي كتاب "في بيوت الحبايب.. الأبناء يفتحون خزائن الأسرار"، تقول سمية عبد المنعم إبراهيم: "من المفارقات الغريبة في حياة أبي، أنه بعد وفاة أمي؛ تزوّج خالتي التي ذهب لخطبتها قبل زواجه بأمي؛ حتى ترعانا، لكنه طلقها بعد 10 أيام من الزواج؛ لأنه كان سيصاب بانهيار عصبي، حيث كانت تشبه والدتي بدرجة كبيرة، وكان يناديها ويتحدث معها على أنها أمي، ولم يجد أبي حلا سوى أن يُلحقني مع شقيقتي سلوى وسهير بمدرسة داخلية.

وأضافت: أخذت خالتي الكبرى، شقيقي طارق ليعيش معها، وبعد ذلك تزوّج من ماما عايدة، وهي سيدة لبنانية، تولت رعايتنا، وأنجبت أختنا الصغرى: نيفين، فيما تحمّل عمي الراحل، مسؤولية رعايتنا في أثناء انشغال أبي بأعماله، لكنه توفي شابا قبل أن يتزوج.

وتصف الابنة، حال والدها بعد وفاة والدتها: "قام أبي بدور الأب والأم والصديق، وبذل كل جهده لإسعادنا ورعايتنا، وكان حريصًا على أن يرانا دائما نضحك، ويحتفظ بابتسامته، رغم المعاناة الشديدة التي عاشها، كان حليمًا راضيًا مؤمنًا بقضاء الله، وطيبا وحنونا جدا مع الجميع، لم يكن يشكو أو يتحدث عن أحزانه وهمومه".

ولم تكن هذه هي الأزمة الوحيدة التي تعرض لها الكوميديان الحزين، فحياته سلسلة من المآسي والأزمات، ففي أثناء مشاركته في مسرحية عيلة الدوغري عام 1963؛ توفى والده، وكان الأب قد تزوج بعد وفاة والدة عبد المنعم إبراهيم، وأنجب 4 أبناء من زوجته الثانية، وترك لابنه الأكبر مسؤولية رعايتهم جميعا.

وافة والد عبد المنعم إبراهيم، حدثت في أثناء المسرحية؛ فتحامل الفنان الضاحك الحزين على أحزانه، ووقف على المسرح ليضحك الجمهور، في نفس اليوم الذي دفن فيه أباه.

تكرر هذا الموقف، في أثناء عرض مسرحية "سكة السلامة" 1964؛ حيث توفي شقيقه، الشاب، فجأة، فأصيب بصدمة شديدة، ولكنه اضطر أيضا للوقوف على المسرح في نفس اليوم الذي دفنه فيه، فاعتاد على إضحاك الناس وقلبه يبكي.

كانت المسؤوليات تثقل كاهل الكوميديان الحزين وتزداد يوما بعد يوم، وبالإضافة إلى مسؤوليته عن أبنائه وإخوته؛ توفي زوج شقيقته، وترك لها 6 أبناء، فتولى عبدالمنعم إبراهيم رعايتهم.

وتشير الابنة، إلى أن والدها كان أحيانًا يقبل أدوارًا ضعيفة؛ بسبب مسؤولياته الكبيرة، وحاجته المستمرة للمال، قائلة: "كنت أسأله حين أرى دورًا لا يعجبني، لماذا قبلته؛ فيقول: لازم أشتغل عشان عندي عيلة كبيرة، وبيوت مفتوحة مسؤولة مني"، وكان يقول: (الفنان مثل الصنايعي، إذا طرق بابه من يطلبه؛ سيعمل، وإذا لم يطرق بابه أحد فلن يعمل)، ورغم ذلك كان والدي ينتقي أدواره، ولم أسمع منه أنه ندم على أي من أعماله".

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2