بعدما شاهد الفيزيائي "روبرت أوبنهايمر" مخترع القنبلة النووية قدرتها التدميرية الفائقة فى هيروشيما وناجازاكي أصابه الهلع، واضطر إلى تقديم استقالته من منصبه، ورفض الاستمرار فى تطوير القنبلة النووية، ويتجدد نفس الفزع حصريا لدى سكان الأرض من احتمال تدمير شامل لأنشطة الحياة مع تصاعد سخونة الحرب الروسية الأوكرانية، وبعد استقالة أوبنهايمر أبو القنبلة النووية من إدارة مشروع منهاتن النووي، التحق بمدرسة جمعية الثقافة الأخلاقية بأمريكا فى عام 1911، إيمانا منه أن رجوعه إلى القيم الأخلاقية سوف تعيد توازنه النفسي.
وبرغم هول ما حدث فى هيروشيما وناجازاكي يعد أمرا ضئيلا أمام ظهور أسلحة معاصرة أشد فتكا، مثال علي ذلك تصنيع قنبلة حرارية تنشر سحابة فور إلقائها، تخترق أي منافذ غير محكمة، يعقبها انفجار شحنة ثانية تُشعل هذه السحابة، يخلف عنها كتلة نارية ضخمة، يتبعها تدمير هائل وفراغ يمتص كل الأكسجين فى المنطقة، ومازال جراب الدول الكبري مليئا بالأسلحة الأكثر فتكا، واتهمت السفيرة الأوكرانية روسيا فى الأمم المتحدة باستخدامها لهذه القنبلة الفراغية فى غزوها لبلادها.
ويلح علينا سؤال أخلاقي لماذا الأطراف المتحاربة تغض الطرف عن أخلاقيات القتال؟ التي أقرتها الاتفاقيات الدولية، وأهمها اتفاقيات جنيف الحقوقية، ويرجع فقهاء القانون الدولي المصدر الأساسي لتلك الاتفاقيات، إلى أخلاقيات الحروب المنصوص عليها فى الحضارات والشرائع الدينية.
ويتساءل عقلاء الغرب أين ذهبت أفكار سقراط وأفلاطون وأرسطو رواد المدرسة الأخلاقية فى الفلسفة الغربية، وانضم إليهم فى عصر النهضة، جان جاك روسو بكتابه الأشهر العقد الاجتماعي، غير أن أنصار مدرسة السياسة الواقعية يرفضون الالتزام الأخلاقي فى المواثيق الدولية أثناء الحروب أو خلال العلاقات الدولية، ويعتبر معتنقو التفكير الواقعي أن الأخلاقيات تمثل رفاهية لدى عقول قادة الحروب.
وفى كتاب "الأخلاقيات والحرب" للكاتب "ديفيد فيشر"، أشار إلى أن الحرب أداة مشروعة، ولكن إخفاقات الالتزام بقواعدها الأخلاقية العادلة، ينتج عنها دائما بحار من الألم والأحزان، ونصح بضرورة التمسك بالأخلاق لدورها المؤثر فى ازدهار الأمم، وانتقد بشدة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة فى 2009 على النساء والأطفال، والقائمين على كوكب اليابان حين شعروا بتدهور الأخلاق فى المجتمع، شرعوا فى تطبيق مادة لتعليم الأخلاق للطلاب، نظرا لأعتقادهم أن الأخلاق تحقق السلام الداخلي للإنسان، وتحقق السلام الخارجي للمجتمع.