جهود الدولة لتحقيق حلم الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الزراعية، ليست خافية على أحد، خاصة تحقيق الاكتفاء من المحاصيل الاستراتيجية الأساسية للمواطن، وقيام الدولة باستصلاح آلاف الأفدنة وإجراء المئات من الأبحاث لزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعي، لكن يظل الفلاح المصرى هو أحد أهم أعمدة الاكتفاء الذاتى بقيامه بالالتزام بإرشادات وزارة الزراعة، والتطبيق العملى للأبحاث وبالتالى زاد المحصول بنسبة كبيرة، كما كان للفلاح المصرى دور كبير فى توريد المحاصيل للدولة وعدم الانصياع وراء مضاربات السوق السوداء ودعوات أهل الشر لإحداث أزمة فى المنتجات الغذائية والمحاصيل الاستراتيجية.
وكشف المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، فى تقرير له خلال سبتمبر الماضي، أن الدولة عززت من استراتيجيات دعم الفلاح والتى بدأتها خلال السنوات الماضية والتى كانت حافزا كبيرا للفلاحين للالتزام بتعليمات الدولة، لاسيما فى ظل التغيرات التى شهدها العالم وتأثر سلاسل الإمداد والتوريد، وازدياد الحاجة لتأمين واستدامة الإنتاج الزراعى محليًا بما يضمن الحفاظ على الأمن الغذائي.
وأشار التقرير، إلى أن الدولة أسرعت نحو التوسع فى التعاقدات مع المزارعين بما يساهم فى تعظيم المردود على الفلاح من ناحية وتأمين المحاصيل الاستراتيجية من ناحية أخرى، فضلاً عن توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، إلى جانب تقديم المزيد من الدعم المالي، وكذلك التحول نحو ميكنة الخدمات المقدمة للفلاحين، بما يضمن تحسين جودة حياتهم والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم، وتذليل كل العقبات أمامهم، ومواجهة التحديات الحالية التى فرضتها الأزمات العالمية.
وأوضح، أن الزراعة التعاقدية توفر للمزارع سعر ضمان حتى إذا انخفض السعر وقت الاستلام عن سعر الضمان المتفق عليه، مشيرًا إلى أنه سيحصل عليه كاملاً، كما تضمن له أعلى سعر إذا ارتفع السعر مبينًا أنه تم تفعيلها لأول مرة لمحاصيل فول الصويا وعباد الشمس والقطن وحاليًا الذرة مع التوسع فى باقى المحاصيل عالميًا أو فى السوق المحلي.
اقتصادى من الدرجة الأولى
من جانبه، قال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن الفلاح المصرى أصبح ذو خبرة كبيرة ويعتبر رجلا اقتصاديا من الدرجة الأولى، مشيرا إلى أن المزارع المصرى يعمل على زراعة الأصناف ذات الإنتاجية العالية والسير على تعليمات وزارة الزراعة، من حيث أصناف البذور والشتلات لكل تربة، وأوقات الزراعة المناسبة، مما ساهم بصورة كبيرة فى زيادة الإنتاجية.
وأضاف أن الفلاح المصرى يعتبر "الموفر الأول فى الاستهلاك"، فأصبح يستهلك على قدر احتياجه فقط، وتخلصنا من ثقافة التخزين، والتى كانت السبب الأول فى إهدار نسبة كبيرة من المحاصيل نتيجة فقدها وتعرضها للتلف بسبب سوء التخزين أو طول مدة الاحتفاظ بها، مشيرا إلى أن ثقافة التخزين كانت مقبولة قديما مع صعوبة المواصلات نتيجة عدم تمهيد الطرق فى معظم القرى، فكان من الصعب على الفلاحين التنقل كثيرا لتوفير المستلزمات الضرورية، الأمر الذى أصبح يسيرا بصورة كبيرة هذه الأيام، خاصة مع توفر البطاقة التموينية لمعظم الفلاحين.
وأشار إلى أن خبرة الفلاحين ساهمت بصورة كبيرة فى إعطاء إنتاج وفير وبجودة عالية، بالإضافة إلى أن توفير الدولة أصنافا مقاومة للأمراض ساهم بصورة كبيرة فى زيادة إنتاجية الفدان مما ساهم فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض المحاصيل بل تصديرها للخارج، مشيرا إلى أننا نقوم بتصدير 5.5 مليون طن من الخضراوات والفاكهة كل عام.
وأضاف أن الفلاحين ساهموا بصورة كبيرة فى مضاعفة الإنتاج هذا العام من القمح وزادت الرقعة المزروعة من القمح حتى وصلنا إلى 3 ملايين و650 ألف فدان بإنتاجية عالية وبالتالى تقلصت الحاجة إلى القمح المستورد خاصة مع الأزمة العالمية، واستطعنا تحقيق الاكتفاء الذاتى بنسبة 55%، لافتا إلى أن الفلاح المصرى "طالب مجتهد" استطاع خلال فترة قصيرة التعلم والتعرف على الأصناف الجديدة والفترة الزمنية الأفضل لزراعتها.
وأوضح أن إعطاء السعر العادل للمحاصيل ساهم بشكل كبير فى اتباع الفلاحين لتعليمات وزارة الزراعة فى نوعية المحاصيل التى من المفترض زراعتها وان الزراعة لم تعد تعتمد على الأهواء، مشيرا إلى أن هناك مطالبات من بعض الفلاحين فى رفع أسعار بيع بعض المحاصيل مثل البصل والثوم وقصب السكر والبنجر والتى وصلت أسعار بيعهم إلى أقل من سعر الجملة.
الشريك الأول
من جانبه، أشار جمال السيد، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إلى أن الفلاح المصرى يعتبر الشريك الأول والأساسى فى عملية التنمية الزراعية التى تحدث الآن على أرض مصر، مؤكدًا أن الأبحاث الأكاديمية والتطورات الكبيرة التى حدثت فى مجال الزراعة كانت ستظل حبيسة المعامل والأدراج، لولا حرفية الفلاح المصرى الذى استطاع تطبيقها بشكل جيد على أرض الواقع وتنفيذ التعليمات والارشادات الفنية التى ساهمت بصورة كبيرة فى اكتشاف أصناف جديدة فى الكثير من المحاصيل الجيدة والمقاومة للأمراض.
وأضاف أنه بمجهودات الفلاح المصري، وحرصه على توريد محصوله للدولة بعيدًا عن المضاربين فى السوق السوداء، استطعنا تحقيق الاكتفاء الذاتى من العديد من المحاصيل الزراعية خاصة الاستراتيجية منها على رأسها الأرز وثمار الموالح والوصول إلى أعلى إنتاجية لعدد آخر من المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذى تزيد مساحة زراعته سنويا والقطن والكثير من المحاصيل الأخرى.