قربة «الأستاذ» المقطوعة

قربة «الأستاذ» المقطوعةأحمد النومي

الرأى26-12-2022 | 10:05

تشرفت بمعرفة أستاذي العزيز الكاتب الكبير محسن حسنين، رئيس تحرير مجلة أكتوبر الأسبق، منذ عشرين عامًا، عندما كنت محررًا تحت التمرين فى المجلة العريقة، وكان مسئولاً وقتها عن تحرير باب "اتجاه الريح".

ولأسباب قهرية تأخرت نسختي من كتابه "أسرار 50 سنة صحافة" والذي يروى فيه خلاصة تجربته فى عالم الصحافة ونشأته وتعليمه ومعاركه الصحفية داخل وخارج البلاد، وكواليس المطبخ الاقتصادي، وأعترف أن القلم يتصبب عرقًا ويرتعش خوفًا، من إبداء رأي فى كتاب يخطه من علمنا كيف نكتب؟!

رغم أن حلمه كان فى البدلة الميرى كضابط شرطة أو فى السلك القضائى، إلا أن نبوءة أستاذته "فاطمة بركة" معلمة اللغة العربية، تحققت بأن يكون محررًا صحفيًا، وبالفعل ندهته صاحبة الجلالة ليكون ضمن المسحورين بها، وأصبح من عظمائها.

الانتصار للمهنية والحفاظ على الكرامة الوطنية خط أحمر عند الأستاذ، ومرتكزان رئيسيان لكل حملاته الصحفية التي خاضها، والتي لم يبغ من ورائها سوى كشف الفساد، ورفض عروض سخية داخل وخارج البلاد كانت ستجعله من سكان القصور، بل يعترف بأن هناك من استفاد من حملاته، لا سيما حملته الشهيرة ضد رجل الأعمال أحمد الريان.

وكان موضوع "اقتصاد مصر فى غرفة العمليات" جواز مرور "الأستاذ " لينضم إلى كتيبة عظماء أكتوبر من جيل المؤسسين بقيادة المايسترو الراحل أنيس منصور، وبعدها توالت الحملات والضربات والخبطات.

وعندما جلس على كرسي أنيس منصور، وهو بالمناسبة أول رئيس تحرير منتخب، خاض معارك ضارية، منها معركته مع منظمات المجتمع المدنى، والدور المشبوه للإدارة الأمريكية فى تمويلها، وكانت معركته مع جماعة الإخوان أم المعارك، فلم يهادنهم أو يتملقهم، بل أطلق تحذيراته من تكويشهم على البلاد والعباد، وهاجمهم وقت أن تولوا السلطة، وكانت الفاتورة خسارة منصبه.

صحيح أن الإخوان عزلوه من منصبه فى مذبحة إقالة 55 قيادة صحفية، وصحيح أيضًا أنه لم يمكث سوى عام فى منصبه، لكنه كان عامًا بألف عام، فقد أحيا أكتوبر وأعادها إلى مجدها والأيام الخوالي، وكان غلاف أكتوبر الأسبوعي حديث الساعة، وإذا كان الإخوان عزلوه من منصبه لكنهم لم يعزلوه من قلوب أبنائه الصحفيين.

الأستاذ يعترف فى مرارة بأن كل المعارك التى خاضها على مدار نصف قرن لا تزال كما هى وإن اختلفت الشخوص، كأنه يحرث فى البحر أو ينفخ فى قربة مقطوعة، ونحن نتمنى أن تجد كلماتنا آذانًا صاغية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وألا تتكرر قربة الأستاذ المقطوعة.

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2