لم يمنعهم ابتعادهم عن أرض الوطن من المشاركة فى هموم مصر وأحلامها، بل تجسدت وطنيتهم وانتماؤهم فى العديد من المواقف.. إنهم المصريون بالخارج أو الطيور المهاجرة، الذين تجدهم فى طليعة المشاركين بالاستحقاقات الانتخابية، بنسبة مشاركة عالية، وصورة مبهرة للديمقراطية، ليثبتوا للعالم أنهم سفراء مخلصون للدولة خارج محيطها الإقليمي.
كما أنهم لم يبخلوا بخبراته العلمية والمهنية وقدموها لصانعى القرار حتى يستفيد منهم الوطن فى مسيرة بناء الجمهورية الجديدة، بل إن بعضهم تخلى عن امتيازات كان يحصل عليها فى الخارج؛ ليعود للوطن ويتولى إحدى المهام أو المناصب التنفيذية.
وكذلك أكدوا دوما حرصهم على دعم الدولة بتحويلاتهم من العملات الأجنبية، حتى إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج قد شهدت تطورا ملحوظا خلال الـ 5 سنوات الماضية لتصل إلى 31,9 مليار، لتمثل موردًا مهمًا للنقد الأجنبى للبلاد، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى يمر بها العالم وتراجع حركة السياحة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أحجام التضخم.
أكبر متلقٍ للتحويلات
واستفادت مصر، التى تعد أكبر متلقٍ للتحويلات فى المنطقة وأحد أكبر 5 دول متلقية للتحويلات على مستوى العالم، من ارتفاع أسعار النفط والتحويلات من المصريين العاملين فى دول الخليج، فضلا عن النشاط الاقتصادى القوى فى أوروبا والولايات المتحدة، بحسب تقرير البنك الدولى.
عودة الطيور المهاجرة
وخلال السنوات الماضية، قرر عدد كبير من هؤلاء العلماء، العودة للوطن لمنح خبراتهم لتنمية بلدهم، والمشاركة فى إعادة مصر لمكانتها العلمية التى تستحقها، وفى مقدمتهم السير د. مجدى يعقوب، الذى عاد لمصر ليساهم فى إنشاء جمعية خيرية لمرضى القلب من الأطفال فى دول العالم النامية إضافة لرعايته لجمعية مجدى يعقوب لأمراض القلب فى مصر، فضلا عن مركز مجدى يعقوب للقلب بأسوان والذى أنقذ حياة آلاف الأطفال والمرضى من جميع الأعمار، كما يتدرب على يديه عدد من أطباء وجراحى القلب المصريين، ليصبحوا علامات مضيئة فى هذا التخصص الطبى المهم.
كما عاد عالم الفضاء المصرى د. فاروق الباز، ليضع خبراته تحت تصرف وطنه، فى مجال أبحاث الفضاء، والتخطيط للاستكشاف الجيولوجى للقمر، وتدريب رواد الفضاء وتطبيقات الاستشعار عن بعد، وغيره من العلوم والخبرات التى اكتسبها خلال مسيرة علمية لعشرات السنوات.
أما د. م. هانى عازر، صاحب الريادة فى تنفيذ مشروع تطوير محطات سكك حديد برلين، بعد أن فشل المهندسون الألمان فى تنفيذها، وغيرها من المعجزات الهندسية فى مجال النقل والطرق، فلم يتردد عن وضع كل خبراته أمام صانعى القرار فى الوطن، ليكون ضمن الآراء الاستشارية البارزة فى مشروعات النقل والطرق والكبارى والتى تشهدها أرض المحروسة.
المجلس الاستشارى العلمي
وكذلك لبى د. مصطفى السيد، أول مصرى وعربى يحصل على قلادة العلوم الوطنية الأمريكية التى تعتبر أعلى وسام أمريكي، نداء الوطن، وقدم للدولة ومؤسساتها العلمية، خلاصة خبراته وإنجازاته فى مجال الناتو تكنولوجى وتطبيقه لهذه التكنولوجيا باستخدام مركبات الذهب الدقيقة فى علاج مرض السرطان.
مصر تستطيع
تضم قائمة الطيور المهاجرة والعائدة لخدمة الوطن أيضا، د. محمد محمود أبو زيد، نائب محافظ المنيا، وكبير مصممى معماريات نظم الحاسبات، الذى يعد من أبناء مصر الذين أثبتوا نجاحهم فى الخارج ورفعوا راية الوطن خفاقة، فهو صاحب أول حاسب مصرى بالأقمار الصناعية فى اليابان.
الهراس أمير
ولا ننسى الدكتور عبد الحليم عمر، أستاذ هندسة الطرق بجامعة «كارلتون»، أحد أنبغ عقول مصر بالخارج فى مجال الهندسة، وصاحب اختراع «الهراس أمير»، وهو جهاز لتسوية الأسفلت اخترعه، وتم تصنيعه محليا، بأيد مصرية، من خلال التعاون مع وزارة الإنتاج الحربي.
كما أهدى الدكتور هشام العسكرى أستاذ نظم الأرض والاستشعار عن بعد بجامعة تشابمان بالولايات المتحدة، أول أطلس شمسى متجددا لمصر بالتعاون مع وزارة الكهرباء.
ومن النماذج المشرفة، الدكتورة هدى المراغى أول امرأة مصرية تحصل على «وسام كندا» الذى يعد أرفع درجات أوسمة الشرف المدنية، وزوجها الدكتور وجيه المراغى أستاذ الهندسة الصناعية فى جامعة ويندسور، والحاصل على «وسام أونتاريو للمهندسين بكندا"، اللذان بادرا بوضع خطة تطبيق مفاهيم «الثورة الصناعية الرابعة»، لأول مرة فى مصر، للاستفادة العلمية والتطبيقية فى تطوير الصناعة الوطنية لتواكب أحدث التقنيات التصنيعية العالمية.
فى حب مصر
كما لا يمكن أن ننسى مواقف الجاليات المصرية بالخارج، فى الوقوف بظهر الدولة فى قضاياها الداخلية والخارجية، وظهر هذا جليا فى مظاهرات الحب والتأييد للدولة المصرية والقيادة السياسية، وحرصهم دوما على أن يكونوا فى طليعة المستقبلين للرئيس السيسي والوفود الرسمية المصرية عند زيارتهم لأى دولة خارجية.
وكذلك كان المصريون بالخارج أول سدا منيعا لأى تحركات تستهدف زعزعة أمن مصر، واتسم دورهم المستمر فى دعم الدولة المصرية بالمشرف، وساعدوا الوطن على تخطى الصعاب، والتصدى لمحاولات إرهاب مصر، أو المساس بأمنها القومية.
فكان المصريون بالخارج أول من وقف ضد التقارير المشبوهة للبرلمان الأوروبى والمنظمات "سيئة السمعة" التى تحاول تشويه إنجازات الدولة المصرية فى كل الأصعدة، لصالح "أهل الشر والجماعات الإرهابية".