دور الأمن الأخلاقي ومنظومة القيم في حماية المجتمع

دور الأمن الأخلاقي ومنظومة القيم في حماية المجتمعمحسن عليوة

الرأى29-12-2022 | 00:52

الأمن الأخلاقى ومنظومة القيم للمجتمعات أصبحتا من الأهمية بمكان فى هذه الفترة العصيبة التى تمر بالعالم وخصوصاً مع زيادة الهزات الإرتدادية لكثير من الأخلاقيات و القيم المجتمعية حيث أن الأمن الأخلاقى ومنظومة القيم من الموضوعات المتجددة بشكل مستمر ، لما لهما من إرتباط دائم بدوام وجود الإنسان واهتمام الأديان و الرسالات السماوية بهما ، وتشكيلهما للبنية الثقافية والحضارية للمجتمعات منذ بدء الخليقة ، وتتجدد الدعوة للعودة اليهما كلما ازدادت تحديات الواقع وما يشهده من متغيرات عالمية معاصرة تمثل خطراً على أمن المجتمع ، و كلما تمت مناقشة تطوير و بناء الأوطان والمجتمعات وتحقيق غاياته العُليا زاد الإحتياج الى منظومتى الأخلاق و القيم المجتمعية ، إعمالاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق .

فرياح التغيير تأتينا من كل مكان فى صورة غزو فكرى وأخلاقى يعصف بالعقول ، ولن نقف أمام ذلك حيارى و لدينا ميراث فكرى وثقافى أذهل العالم وتناولته الدنيا وأصبح سمة من سمات شعوبنا وثقافاتنا ، كم هائل من القيم الأخلاقية و رصيد عامر من الثوابت التى إن عُدنا اليها عادت ريادتنا .

وهناك عدة عوامل أثرت بشكل مباشر على منظومة الأخلاق والقيم منها ،أثار العولمة فى أخلاق وقيم المجتمع و على الرغم من تعدد المفاهيم للعولمة إلا أن دلالة المفهوم تشير إلى أنها عملية تحول تكنولوجى واقتصادى واجتماعى وثقافى تؤثر فى التوازن الداخلى للمجتمع و تدعم نطاقاً من العلاقات المتبادلة بواسطة وسائل التواصل التى أصبحت تحل محل النشرات والدوريات الرسمية فى المجتمعات وأثرت تأثيراً كبيراً فى منظومات الحياة وأهمها منظومة الاخلاقيات القيم .

والمتضح من هذا المفهوم أن العولمة بدأت بتأثير اقتصادى ثم تأثير سياسى ثم تأثيراً ثقافياً وهذا التأثير هو الأخطر حيث يرتكز على جانبين هامين ، الجانب الأول التأثير الإيجابى للعولمة فى مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ، و الجانب الثانى هو ما يُعد خطراً على ثقافتنا عامة وأخلاقنا خاصة ، والذى توافرت فيه جملة من المقومات التى انطوت عليها التأثيرات السلبية للعولمة و مفاهيمها و سلوكياتها فوصلت إلى المجتمعات بعيداً عن تماشى و اتساق هذه المفاهيم و القيم مع ما قامت عليه المجتمعات وطبائعها وخصائصها و غاياتها فأصبحت تحدياً حقيقياً و خطراً على تشكيل الوعى المجتمعى و صياغة الشخصية ثقافياً باعتبار ذلك اطاراً للأخلاق والقيم وطريقة للتفكير ،وقد تعددت المؤثرات على منظومتى الأخلاق والقيم ، منها التقدم العلمى والتكنولوجى الهائل لوسائل الإتصال و التى أدت الى سرعة تداول و نقل المعلومات بكثافة عالية مما كان له أكبر الأثر إلى تغييرات جوهرية فى مفاهيم النشئ والشباب ، مما يتطلب القاء الضوء على نماذج أخلاقية تتمكن من التعامل مع الثورة التكنولوجية توازياً مع الحفاظ على الهوية فى ظل الاخلاق والقيم المجتمعية .

و قبولاً لتلك التحديات التى تتجدد يوماً بعد يوم وتهدد أخلاق وقيم مجتمعاتنا فلابد أن يصبح الأمن الأخلاقى والقيمى هدفاً من أهم الأهداف الواجب أن تسعى لها كافة المؤسسات المجتمعية و التربوية والتعليمية والدينية والاعلامية لأن ذلك هو السبيل لتحقيق مسار العودة الى منظومة الاخلاق والقيم .

ولتحقيق العودة الى منظومة الأخلاق والقيم لابد من تقوية وتكوين الوعى الأخلاقى الذى لا يقتصر على المعرفة وتعلم واكتساب المفاهيم الأخلاقية وإنما يتجاوز المعرفة إلى تكوين النزعة الصادقة نحو حقيقة الأخلاق والقيم ، ومن ثم يجب تحويل الوعى الأخلاقى إلى ممارسات وعادات واقعية وذلك بالتدريب المستمر والمتكرر و توفير البيئة الملائمة لتحقيق ذلك .

ولابد أيضاً من تحقيق القدوة الحسنة وتكريسها فى المجتمع ومؤسساته والقاء الضوء على النماذج الناجحة ، والعلم بأن التنشئة على الأخلاق والقيم تربية وليست تعليماً ، فلا يكفى فى تعلمها الحفظ والتلقين بل بتحويلها الى سلوك و واقع إنسانى ملموس يترك اثراً فى نفوس أبناء المجتمع ، تقوية دور المؤسسات التعليمية مدرسة ومعهد وجامعة على اعتبار أنها محيط اجتماعى تتحقق على أرضيته الأخلاق و القيم والمثل من خلال تنمية وعى أطراف العملية التعليمية والتربوية و ربط القيم الأخلاقية بأمثلة واقعية ونماذج مجتمعية ناجحة .

ولابد من تعميق المسئولية والإيمان الكامل أن أمننا الأخلاقى ومنظومة القيم ، خطاً أحمر لا يمكن القبول بأى مساس به أوالنيل منه مهما كانت الاسباب ومهما تعددت التحديات ، فمصر العظيمة التى تبنى وتعمر منظومة التنمية تسير بخطى سريعة نحو التنمية البشرية فى طريقنا لبناء الجمهورية الجديدة .

حفظ الله مصر

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2