في 13سبتمبر عام 2015 أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي «البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة» بهدف توسيع قاعدة المشاركة الشبابية فى إدارة الدولة، وتهيئة آلاف الشباب لتولى مناصب قيادية، وخلق نموذج للتعليم والتدريب العملي المحترف، يسهل تكراره على نطاق أوسع، وتدعيم الهيئات الحكومية والوزارات بكفاءات حقيقية قادرة على تحسين مستوى الأداء، والإنتاجية، وحل المشكلات المزمنة، ورفع مستويات الوعي السياسي والثقافي.
يحصل خريجو البرنامج على شهادة أكاديمية احترافية بعد اجتيازهم مراحل البرنامج المختلفة، والتي تتضمن ثلاثة محاور رئيسية (علوم سياسية واستراتيجية وعلوم إدارية وفن القيادة وعلوم اجتماعية وإنسانية) ويتخلل ذلك أنشطة رياضية، وثقافية، وفنية.
في عام 2016 أطلق الرئيس حوارًا موسعًا مع الشباب، للوقوف على أحلامهم ومشكلاتهم، وأُطلِق عليه عام الشباب، متجهًا نحو إقامة مجتمع مصري يتعلم ويفكر ويبتكر، وإيمانًا منه بأن الشباب طاقة دفع قوية للمجتمع، كانت ثقة الرئيس فى الشباب كبيرة، وكان الشباب على قدر المسؤولية، وقد كان المؤتمر الأول للشباب بمدينة شرم الشيخ دليلًا على ذلك.
فى أكتوبر عام 2016، وبمشاركة أكثر من 3000 شاب وفتاة من مُختلَف محافظات الجمهورية، وبحضور ومشاركة الرئيس، وعدد من الوزراء والمسئولين والخبراء، وعلى مدار ثلاثةَ أيام، شهد المؤتمر أكثر من 84 جلسة وورشة عمل، تم خلالها مناقشة مختلف القضايا، مثل المشاركة السياسية للشباب، وسبل تطوير منظومة الإعلام، وخطة الإصلاح الاقتصادي، وغيرها من الموضوعات التي وضعها الشباب على قائمة أولوياتهم، ولم يكن المؤتمر مجرد منصة للحوار والنقاش، بل امتدّ ليضم صالونًا ثقافيًا شارك فيه العديد من الأدباء والفنانين والمثقفين لمناقشة العديد من الأعمال الفنية والموضوعات الثقافية، ولأول مرة تم إطلاق جائزة الإبداع السنوي لتضع الشباب المصري الناجح على منصة التكريم من الرئيس، حتى يكونوا قدوة ومثلًا يحتذى بهم أقرانهم من الشباب.
وتوالت مؤتمرات الشباب وتحولت توصيات ومخرجات تلك المؤتمرات إلى واقع، وكنت أتابع خريجي البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة خلال المؤتمرات الشبابية وأرى حجم الطاقة والإيجابية والتفاني فى العمل.
إنهم ثروة مصر الحقيقية.. فقد أثمرت الفكرة عن وجود كوادر شابة على قدر من العلم والاحترافية فى التعامل مع قضايا الوطن، ومواجهة الأزمات والتحديات.
ومع التأهيل والتدريب الاحترافى أصبح لدينا قاعدة شبابية من الكوادر الوطنية بعد تخرج الدفعة الرابعة من البرنامج الرئاسي.
شاهدنا عددًا من خريجي البرنامج من مساعدي الوزراء ونواب المحافظين والمحافظين، ونجاحهم فى إدارة العديد من الملفات.
وأطلقت العديد من المبادرات استجابة لرؤية الشباب التي يؤمن بها الرئيس السيسي ويحرص على مساندتهم، وظلت قضية تطوير الصناعة إحدى القضايا الوطنية التي يتحدث عنها الجميع، ولكننا فى النهاية نجدنا نعود إلى نفس المربع «صفر»، رغم أننا بدأنا نهضتنا الصناعية مع العديد من الدول إلا أننا تعثرنا بسبب الأزمات المتلاحقة.
نعم نجح الرئيس عبد الناصر فى تحقيق نهضة صناعية، وأنشأ العديد من القلاع إلا أننا تعثرنا بعد يونيو 67، وعندما انتهت الحرب وآثارها وعقب توقيع اتفاقية السلام جاء اغتيال الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، وتحركت مصر بشكل بطيء وأكلت الزيادة السكانية التي لم تفلح حملات التوعية فى إيقافها، أي تحرك باتجاه تطوير الصناعة.
شهد العالم تطورًا كبيرًا فى القطاع الصناعي، وتوقفنا نحن عند مرحلة الستينيات والسبعينيات، فظلت خطوط الإنتاج بدون تطوير طالما كانت تفي بالغرض، وتسارعت وتيرة التطوير فى الخارج حتى سيطر المنتج المستورد على السوق المحلي.
خرجت قطاعات صناعية من الخدمة لحساب المستورد، وراج الاستيراد، ليضغط بفاتورته على العملة الأجنبية، ويقلل من قيمة العملة الوطنية «الجنيه»، ولم تفلح سياسة الخصخصة التي بدأت فى عام 1991 طبقًا للقانون رقم 203 فى أن تعيد القوة لقطاع الصناعة.
لم نفلح فى اللحاق بركب الثورات الصناعية، وكانت النتيجة، زيادة فاتورة الاستيراد بل تضخمها بشكل غير طبيعي نظرًا لاحتياجات المواطن المتزايدة مع الزيادة السكانية فأصبحت مصر سوقًا رائجة وهدفًا لأي منتج أجنبي، وأصبحنا نتندر فيما بيننا أننا حتى إبرة الخياطة، نستوردها من الصين.
ولم تنجح الصناعة الوطنية فى استغلال هذا السوق الضخم لمواجهة متطلباته، وتعثرت كثيرًا إما بسبب عدم قدرة النظام على مواجهة التحديات أو وقوف البيروقراطية والروتين فى وجه أي محاولة للتطوير.
استمر ضغط الاستيراد على العملة الوطنية، فى الوقت الذي كانت معظم الصادرات من المواد الأولية «المواد الخام» التي تصدر بعشرات الدولارات، وتعود للأسواق بملايين الدولارات.
وفى ديسمبر من عام 2019 وخلال النسخة الثالثة لمنتدى شباب العالم، وبالتحديد خلال جلسة «الذكاء الاصطناعي والبشر.. من المتحكم؟» قال الرئيس السيسي: «معندناش وقت نضيعه للتناحر وتضييع مزيد من الفرص، العالم يقفز للأمام، ولو مكناش هنتحرك عشان نلحق بالركب ده هيزداد تخلفنا بشكل لا يمكن تعويضه، علينا أن نشارك فى الثورة الصناعية الرابعة».
ليتحرك الشباب على محور تطوير الصناعة فى صمت وبعيدًا عن ضوضاء وصخب الإعلام والسوشيال ميديا، حول ملف تطوير الصناعة الوطنية.
وكعادتهم دائمًا عند مستوى ثقة الرئيس بهم، فعقب تكليفهم من جانب الرئيس فى أبريل الماضي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية وإطلاق مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص فى توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبرى والمتوسطة.
بدأ شباب البرنامج الرئاسي فى تنفيذ التكليف الرئاسي، وفى أكتوبر الماضي أي بعد 6 أشهر من التكليف تم الإعلان الرسمي وإطلاق المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ».
حتى ذلك الوقت لم يكن أي منا يعلم شيئًا عما يفعله هؤلاء الشباب المؤمنين بقضايا وطنهم والمخلصين له، الذين يعملون فى صمت.
وخلال المؤتمر والمعرض الدولي الأول للصناعة المصرية الذي عُقِد أواخر أكتوبر الماضي، ظهر شباب المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية فى المعرض الخاص بالصناعات الوطنية.
شباب لديهم رؤية مختلفة، يمتلكون احترافية العمل، ويؤمنون بما يقدمونه لوطنهم، وما يواجهه من تحديات.
وخلال افتتاح الرئيس مدينة المنصورة الجديدة بداية ديسمبر الماضي ظهرت نتائج أعمال هؤلاء الشباب خلال عرض عدد من رجال الأعمال تجاربهم مع المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ».
حرصنا على أن يكون هؤلاء الشباب ضيوف الصالون الشهري لمجلة أكتوبر فى شهر ديسمبر الماضي، وبالفعل تم التواصل معهم والترتيب ليكون عنوان الصالون «تطوير الصناعة الوطنية».
كنا نحمل أسئلة كثيرة منها ما كان يدور فى أذهاننا حول المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة وهل ستنجح فى تحقيق ما عجزت عنه العديد من الوزارات فى المساهمة بالنهوض بالصناعة؟ وهل من الممكن أن ينجح هؤلاء الشباب خاصة وأن أعمارهم ما بين 30 و35 عامًا؟ والعديد من التساؤلات الأخرى التي طالما كانت تُؤرِّق رجال الصناعة ولا أُخفي عليكم أن بعض الزملاء كانوا قبل بدء الندوة غير مؤمنين بقدرات هؤلاء الشباب على النجاح فى ملف من أهم الملفات فى الدولة المصرية (الصناعة).
وصل الشباب فى الموعد المحدد لعقد الندوة فى انضباط شديد ولم أتفاجأ بذلك لأن من يستطيعون تنظيم العديد من الفعاليات والمؤتمرات الدولية والتخطيط للجلسات النقاشية وطرح الأفكار والموضوعات وإعداد ورش العمل والإشراف والمشاركة فى أكبر مبادرة تحقق العدالة الاجتماعية بمفهومها الصحيح – حياة كريمة، يجب أن يكونوا بهذا الانضباط.
بدأت الندوة وكانت المفاجأة، التي أبهرت الزملاء من الصحفيين خاصة وأن البعض منهم متخصص فى ملف الصناعة والبعض الآخر صحفيون اقتصاديون، ويُعد ملف الصناعة هو شغلهم الشاغل.
لنجد شبابا يمتلك خبرات سنوات طويلة اكتسبها من الدراسة والعلم والاجتهاد، يمتلك من الأدوات ما يجعله قادرًا على إدارة منظومة كاملة رغم صغر سنه، شبابا يمتلك من المهارات والقدرات ما يجعل كل كلمة ينطق بها ليست للاستهلاك ولكنها جاءت نتاج تجارب وعمل وتواصل حقيقي على الأرض ودراسة تحديات والبحث عن حلول ليست تقليدية، شبابا تتجاوز ساعات عملهم ما هو متعارف عليه لدى العديد منا بسنوات ضوئية.
فى الوقت الذي تؤكد الإحصائيات أن صافى ساعات العمل اليومي للعامل المصري لا يتعدي 25 دقيقة يوميًا، نجد شبابا تتجاوز ساعات العمل لديهم 18 ساعة يوميًا، غير منشغلين بالإجازات أو مواعيد الحضور والانصراف ولكن يشغلهم أمر واحد فقط «متى يتم تحقيق الحلم وإنجاز التكليف على أكمل وجه بما يليق بالدولة المصرية مهما كلفنا ذلك من تحديات؟».
شاهدت انبهار الزملاء بهم وهم يتحدثون عن وضع الصناعة فى الأقاليم وكيف أن كافة تفاصيل الملف قد عايشوها بالكامل بدءًا من بيروقراطية البعض ممن يقبعون خلف مكاتبهم ويعيقون أي عمل يستهدف الخير لهذا الوطن وانتهاء بالقوانين والإجراءات ومشاكل الصناع مع القطاعات المختلفة.
ليضعوا رؤية دقيقة وواقعية بعد دراسة التجارب السابقة والتجارب الخارجية، خاصة وأن البعض منهم يتمتع بتجارب دولية ويحيط بالمعوقات التي تواجه توطين الصناعة الوطنية.
كان حوار عبدالرحمن عمر والمهندسة سارة مصطفى عضوى المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية، وزملائهم خلال الندوة مبنيًا على احترافية ودقة فى العمل لتكون النتيجة هي الحصول على ثقة الصناع ونجاح المبادرة فى إعادة تشغيل العديد من المصانع المتوقفة وإنشاء صناعات كانت ضاغطة على الواردات المصرية ودراسة احتياجات السوق المصري وأيضًا الأسواق الخارجية بما يحقق زيادة حجم الصادرات وخفض الواردات.
لم نطرح سؤالًا إلا وأجابا عنه، بل إن زميلي محمد العوضي بصفته مسؤولًا عن ملف الصناعة وواحدًا من أبناء محافظة سوهاج كان يظن أنه عندما يسألهم عن مشاكل المنطقة الصناعية فى سوهاج والمصانع المتوقفة لن يجد لديهم إجابة ليجد الزميل رد عبدالرحمن عمر عضو المبادرة الوطنية يذكر له كافة تفاصيل ما يحدث وكأنه أحد أبناء سوهاج، بل ويستعرض كيف يتم التحرك لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة وإضافة صناعات جديدة.
ظن الزميل ياسر حسني أن شركات قطاع الأعمال العام والأزمات التي تواجهها قد تكون غائبة عن المبادرة الوطنية ليجد المهندسة سارة مصطفى تستعرض كيف تحركت المبادرة على هذا القطاع لتنفيذ التوجيه الرئاسي بضرورة التكامل مع كافة مؤسسات الدولة.
ليكون تعليق الزملاء «فعلا شباب يِفرِح..احنا بجد اطمنا على البلد دي».
شكرًا لمن منح هؤلاء الشباب الثقة، فكانوا أهلًا لها بحق.
وشكرًا لهؤلاء الشباب الذين منحونا طاقة إيجابية على مدى ساعتين كانوا فيها معنا، وجعلونا نطمئن بأننا قادرون على أن نكون شركاء فى الثورة الصناعية الرابعة.