ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أنه خلال معظم تاريخ ما بعد الاستقلال في أفريقيا، كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تنظر للبلدان الأفريقية من خلال عدسة الصراعات الجيوسياسية الشاملة والمنافسة.
وقالت الصحيفة - في مقال للرأي أوردته عبر موقعها الإليكتروني اليوم الثلاثاء - إنه خلال العقود القليلة الأولى، كانت تلك هي الحرب الباردة ، حيث صنفت الدول الأفريقية إما "موالية للغرب" أو "موالية للشيوعية" ، خلال منافسة الولايات المتحدة طويلة الأمد مع الاتحاد السوفيتي، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، انصب اهتمام الولايات المتحدة في الغالب على البلدان التي تصارع تهديدات التمرد من الفروع المحلية أو المنتسبين للقاعدة وداعش.
وأضافت الصحيفة أن أحدث إطار مرجعي استراتيجي لهذا الأمر هو الصين التي كانت تغازل إفريقيا ببذخ من خلال الاستثمار والقروض ومشاريع البناء الرائعة، إذ تصنف الولايات المتحدة - في استراتيجيتها تجاه أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى "الصادرة في أغسطس - الصين بوضوح باعتبارها المنافس العالمي الرئيسي لها على النفوذ في القرن الحادي والعشرين .
وأشارت الصحيفة إلى أن وجهة النظر هذه محدودة، وتتجاهل القوة الذاتية للقارة وإمكاناتها الاقتصادية الهائلة ، فبحلول عام 2050، ستكون إفريقيا موطنا لربع سكان العالم، ونصفهم دون سن 25 عاما، وتعد إفريقيا بالفعل أكبر منطقة تجارة حرة جغرافية في العالم وسط توقعات بأن يصل إجمالي ناتجها المحلي إلى 29 تريليون دولار بحلول 2050.
واعتبرت الصحيفة أنه كان من المشجع أن نرى تأكيد إدارة جو بايدن المستمر على "الشراكة" خلال قمة قادة الولايات المتحدة و أفريقيا التي استمرت ثلاثة أيام في ديسمبر ، وكانت أول اجتماع من هذا القبيل منذ استضاف الرئيس الأسبق باراك أوباما اجتماعاً في عام 2014.
واستشهدت الصحيفة بما قاله بايدن خلال القمة بأن " الولايات المتحدة كلها في أفريقيا وتقف إلى جانب أفريقيا"، مضيفة أن حجر الزاوية في هذا الالتزام الجديد هو الوعد بتقديم 55 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة ، مشيرة إلى أن هذا ليس مبلغا مذهلا تماما لقارة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة موزعة على 54 دولة معترف بها .
ونوهت واشنطن بوست بأن الصين اختارات بناء رموز فخمة وأكثر وضوحا ، مثل مباني البرلمان وملاعب كرة القدم والأكاديميات العسكرية وخطوط السكك الحديدية ومراكز المؤتمرات في جميع أنحاء القارة ، كما أن الصين ليست اللاعب الوحيد في إفريقيا، إذ أصبح لكل من روسيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة تواجدا رئيسيا في القارة، وهو ما قد يسهل العلاقات بين الحكومات على المدى القصير.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إن ما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه ولا تستطيع الدول الأخرى تقديمه هو نوع من تطوير البنية التحتية التأسيسية - البنية التحتية للديمقراطية، وهناك بالفعل مؤشرات تبعث على الأمل في هذا الشأن.