مجموعة من الشباب متوسط أعمارهم 30 عامًا، يديرون أحد أهم الملفات فى الاقتصاد المصري.. ملف تصحيح مسار القطاع الصناعي.. ربما يساورك القلق لو توقفت فقط عند أعمارهم، قبل أن تستمع إليهم، وترى ما حققوه على أرض الواقع فى أشهر معدودة..
فالحقيقة؛ ما حققه هؤلاء الشباب، من خريجى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، يفوق الخيال ويتحدى المستحيل، آلاف المصانع عادت للعمل بعد توقفها وخروجها من المنظومة الصناعية، ومصانع أخرى نجحوا فى إشراكها فى الاقتصاد الرسمى بعدما كانت خارجه، وصناعات مغذية لم تكن ضمن الخريطة الصناعية فى مصر، أقنعوا الشركاء الأجانب والمصريين لتوطينها فى سابقة هى الأولى من نوعها.
قصة نجاح لتجربة مصرية شبابية ومبادرة رئاسية، هى المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، والتى تجعلنا نطمئن للمستقبل ونثق أن هناك عقولا وأيادى وطنية تعمل فى هدوء لنعبر جميعا للجمهورية الجديدة، وتصبح مصر بالفعل، كما قال الرئيس «أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا».
« أكتوبر - بوابة دار المعارف الإخبارية» استضافت فى صالونها الشهرى عددا من شباب المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» لتسلط الضوء على ما حققوه من إنجازات ولتستمع إليهم وتحاورهم حول كواليس مبادرة «ابدأ» وذراعها التنفيذية المتمثلة فى شركة « ابدأ لتطوير الصناعة» وعن دعم الدولة للمبادرة وما الذى وعدوا به الرئيس السيسي والشعب المصرى ويسعون لتحقيقه وعن حلمهم، وعن الصعوبات التى واجهتهم والعقبات التى أزالوها من طريق الصناع المصريين..
اسئلة عديدة طرحناها عليهم، وإجاباتهم عنها تكشف حجم المجهود الذى يبذلونه، وربما يكفى أن تعلم أن كل منهم يعمل يوميا ما لا يقل عن 18 ساعة دون كلل أو ملل، بل ويبحث عن المزيد من ساعات العمل، لتلبية نداء الوطن..
«أكتوبر»: تود تسليط الضوء على فكرة «ابدأ» من البداية، والمعوقات التى واجهتكم؟
عبد الرحمن عمر، عضو المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»: فى البداية، فإن نموذج عمل المبادرة الذى طُرح أو نعمل عليه الآن، ليس هو النموذج الوحيد، أو الأول، وإنما طرحنا أكثر من 5 نماذج، ولكنها لم تكن تتناسب مع أهداف المبادرة، إلى أن تم الوصول إلى هذا النموذج.
وقد كانت النماذج السابقة، تشبه تجارب قامت بها الدولة فى فترات سابقة، أو لا ترقى لمستوى الحلم الذى نريد تحقيقه، ولو كنا استكملنا بأحدها، كنا سنضيع وقت ومجهود الدولة، وكانت توجيهات الرئيس السيسي لنا أن نبدأ من حيث انتهت التجارب السابقة، وأن نستفيد منها ونتفادى معوقاتها، وأن نسخر إمكانيات الدولة الحالية للوصول إلى الأهداف التى نريد تحقيقها.
وتم إنشاء شركة «ابدأ»، بنموذجها الحالي، لتكون بمثابة الذراع التنفيذية للمبادرة فى إطار عمل له 3 محاور رئيسية، وهي: محور الشراكات الكبرى ومحور دعم الصناعة ومحور البحث والتطوير والتدريب، وهذا النموذج كان الأكثر قبولا سواء من قبل الرئيس السيسي أو المستثمرين سواء من المصريين أو الأجانب، وتحفيزهم للتعاون معنا.
وقبل إطلاق المبادرة فى 28 أكتوبر الماضي، كان هناك مجهود استمر أكثر من 12 شهرا، قبل إطلاق المبادرة بشكل رسمي، ونجحنا خلاله فى الاستحواذ على ثقة المستثمرين، سواء المصريين أو الأجانب، فى نموذج العمل الذى تم طرحه بعد جلسات عديدة من التفاوض والبحث، والتأكيد على أننا نريد تحقيق أهداف معينة، لصالح الدولة والمستثمر، وعندما وجدوا أن هناك نية صادقة لدى الدولة لحل مشاكل الصناعة فى مصر، وأننا نريد بالفعل إيجاد قاعدة كبيرة جدا لملف الصناعة، ومشاركته فى الاقتصاد المصري، بمعدلات أكبر من الوضع الحالي، عندما تأكدوا من جدية ذلك، أبدوا تعاونهم معنا.
نتائج المبادرة
ونتائج هذا التعاون، والمجهود الذى بذلناه فى المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، ظهرت من خلال المشروعات التى تم الإعلان عنها خلال إطلاق المبادرة، أو الشراكات التى تم الإعلان عنها سواء من خلال افتتاح مشروعات أو تدشين شراكات، هذا بالإضافة إلى ملف دعم الصناعة وحل عدة مشاكل كانت تعوق بعض الصناعات.
أزمة ثقة
والثقة التى نالها هذا النموذج، لدى المستثمرين، لم تأت من فراغ، أو نحصل عليها بدون بذل مجهود كبير فى سبيلها، فقد واجهنا أزمة ثقة فى البداية، وتساؤلات وتشكيك يتمثل فى «هل هذه المبادرة حقيقية وفاعلة وتسعى للنجاح والاستدامة؟ أم ستكون مثل المبادرات السابقة التى يتم إطلاقها وتظهر لفترة ثم تنتهي؟».
حتى أصحاب المصانع الذين ساعدناهم فى الحصول على تراخيص لمصانعهم، لم يصدقوا فى البداية، أننا سننجح فيما فشل فيه السابقون، وفشلوا هم أيضا فيه، حتى تم تسليمهم الرخص فى أيديهم، ليكتشفوا أنهم أمام فريق متخصص فى إصدار الرخص الصناعية، وطرح حلول للعقبات التى تواجه الصناعة وتطويرها، وبعد هذه الخطوة بدأ المستثمرون وأصحاب المشروعات يثقون فى المبادرة، بعد تقنين أوضاعهم وحصولهم على الرخص فى أقل من أسبوعين، بعد أن كان المستثمر يستغرق سنوات يحاول إنهاء تلك الإجراءات دون نتائج ملموسة، ويصطدم بالروتين الحكومي.
الهدف من «ابدأ»
وأشار عبد الرحمن عمر إلى أنهم فور تكليفهم من الرئيس السيسي بتلك المهمة، كان وضع هدف أساسى تتحرك «ابدأ» فى هداه، محل مناقشة من فريق العمل فى أول اجتماعاتهم، فكان التساؤل: «هل إحنا داخلين السوق ننافس؟» بمعنى هل نحن كشركة سننافس نموذجا صناعيا ناجحا ويعمل بشكل جيد فى السوق؟، بالطبع ستكون النتيجة فشل نموذجنا والنموذج الناجح الذى ننافسه بسبب أن السوق لن يتحمل النموذجين معا.
وهذه الفلسفة التنافسية بيننا وبين الكيانات الصناعية الحالية، كانت مرفوضة تماما، من أول يوم لتولينا المهمة، ووضعنا هدفا أساسيا لـ «ابدأ» وهو أننا «داخلين نكمل السوق، ونشوف إيه الناقص ونعمله، وإيه الجديد من الصناعات اللى احنا مبنعملهوش علشان نعمله»، وكذلك نحاول استغلال الطاقات الاقتصادية غير المستغلة ونوظفها.
وبالتالى لجأنا إلى دراسة هيكل الواردات المصرية الحالي، وأيضا المتوقع، وبالتوازى مع ذلك قمنا بدراسة القدرات التصنيعية المصرية، لأنه من غير الطبيعى الدخول فى صناعة معينة وقدراتنا التصنيعية غير مؤهلة، فعلى سبيل المثال صناعة الأخشاب من الصعب توطينها فى مصر، حيث إننا لا نمتلك غابات، وبالتالى لا نستطيع تغطية هذه الصناعة بالشكل الأمثل وستكون تكلفة الإنتاج أكبر من تكلفة الاستيراد، ولكننا نستطيع فى ذات صناعة بعض المكونات المغذية لهذه الصناعة، وهو ما سنعمل عليه.
وكذلك فنحن نحاول أن «نجتهد شوية فى مسألة عدم امتلاك التكنولوجيا الخاصة بالتصنيع»، فإذا وجدنا صناعة يمكننا القيام بتوطينها ولدينا مؤهلات استقطابها ولكننا لا نمتلك أو نجيد التكنولوجيا الخاصة بتلك الصناعة، فإننا نقوم باستقطاب شركات أو مؤسسات صناعية أجنبية للدخول معنا عبر شراكات مباشرة ومشتركة فى تلك الصناعات، لنقل حق المعرفة للعامل المصري، من أجل توطين الصناعة فى مصر بشكل حقيقى وعملى ومستدام».
وبالطبع نسمح لتلك الكيانات بالدخول للسوق المصرية باستثمارات واتفاقيات متكافئة، فلا نفرض أنفسنا على السوق وإنما نتفاوض مع المستثمرين، والذين عندما يجدون فرصة حقيقية للاستثمار والنجاح فى مصر، وأنهم سيوفرون المنتج بقوة بخبراتهم وقدراتهم الصناعية وبسواعد مصرية، عندما يجدون ذلك فإنهم يرحبون بالانضمام للسوق المصرية.
وبما أن تلك الاتفاقات تتم بشكل متكافئ ومتوازن بيننا وبين الشريك الأجنبي، وكل شخص يعرف دوره جيدًا من أول يوم، سنجد أن خطوات التنفيذ تتم بسهولة وسرعة، وبالتالى تنتقل الاتفاقية لمشروع على الأرض، يتم تنفيذه فى أقل وقت ممكن وبعوامل نجاح قوية.
أول مصنع فى الشرق الأوسط
وتابع «عمر»: خير مثال على ذلك، أننا فى ظل التوسع فى إنشاء محطات الصرف الصحى وتحلية المياه، خصوصا مع التوسع فى مشروعات حياة كريمة، وكذلك إدارة ملف الثروة المائية والتوسع فيه، للاستفادة من كل قطرة مياه حتى لا نخسرها، من خلال تحلية مياه البحر، كان من المتوقع أن يشهد هيكل الواردات للسوق المصرية زيادة فيما يخص بند مكونات محطات الصرف الصحى ومحطات تحلية المياه، بأكثر من 2 مليار دولار، خلال العامين القادمين.
وهذه الدراسة استوجبت منا تحركا سريعا وناجزا لإنشاء مصنع خاص بمكونات محطات الصرف الصحى وتحلية مياه البحر، ليكون الأول من نوعه فى الشرق الأوسط، وهذا المشروع استغرق وقتا طويلا من التفاوض لإقناع دور صناعة أجنبية لنقل هذه التكنولوجيا إلى مصر، مع وجود وكيل حصرى بالفل لها فى مصر، حتى نجحنا فى نقل هذه التكنولوجيا لمصر وتوطينها، حتى نضمن أن كل ما يحتاجه المواطن المصري، والمشروعات القومية، من هذه الصناعة يتم تصنيعه داخل مصر بأيد مصرية وكذلك توفير تلك القيمة المتوقعة فى فاتورة الاستيراد بقيمة 2مليار دولار وتوفيرها للدولة لاستخدامها فى مجال آخر للتنمية.
الصانع المصري
وأضاف: لم نقف عند هذا الحد، فوجدنا أن هناك أمرا آخر لاستكمال المنظومة، وهو جزء التدريب وفكرة الصانع والعامل المصري، وكيف نجعله قيمة مضافة فى الصناعة المصرية.
ودعونا نعترف أن التعليم المهني، يحتاج إلى تحسين صورته الذهنية لدى الطالب المصري، حتى تتكون لديه رغبة للاتجاه إلى التعليم الفنى والمهنى والتقني، ويعمل بعد التخرج فى مصنع سواء عامل بيديه أو على معدة أو آلة، وإن اقتنع بأن عمله اليدوى هذا شرف، وأن العامل المصرى له قيمة مضافة فى الاقتصاد المصري، وأنه أصل منتج يخدم الاقتصاد والوطن بشكل كبير.
فتحركنا فى هذا الملف على جزءين: جزء البرامج التدريبية عن طريق المصانع من حيث توفير المواصفات المهنية التى تحتاجها المصانع فى هذا العامل، سواء كانت مواصفات وخبرات محلية أو مهارات عالمية، والجزء الآخر هو الصورة الذهنية للعامل المصري، وكيفية توجيه الشباب للالتحاق بالتعليم الفني.
توقيت المبادرة
«أكتوبر»: لماذا لم نبدأ فى ملف تطوير الصناعة قبل ذلك، ولماذا الانتظار حتى 2022 لفتح هذا الملف المهم؟
عبد الرحمن عمر: هذا السؤال، سألناه لأنفسنا منذ البداية، لماذا انتظرت الدولة حتى 2022 لإطلاق هذه المبادرة؟ ولماذا لم تكن فى 2016 عندما تم الحديث عن ملف الصناعة والاستيراد أو ما قبل ذلك فى 2013؟
والإجابة بصراحة، أنه لا يخفى على أحد، أن مصر كانت تواجه فى هذه التواريخ وقبلها، أزمة طاقة، فكنا نواجه أزمة عجز فى الطاقة الكهربائية حتى أن الدولة لم تكن تستطيع الالتزام بتوفير الطاقة الكهربية للمنازل، وشهدنا قبل 2013 فترات انقطاع للكهرباء فى المنازل لساعات.
والأمر الثانى أن مصر كانت تستورد الغاز، ومن المعروف أن الكهرباء والغاز، هما المحركان الأساسيان أو القوة المحركة لأى صناعة، وبالتالى فالدولة كانت تعانى من أزمة فى الطاقة والغاز، ولا يمكنها التحرك فى ملف الصناعة وهى مكبلة بأزمة الطاقة، أما الآن فقد نجحت مصر فى إدارة تلك الأزمة واستطاعت أن تحقق فائضا فى الطاقة، بل إننا نقوم حاليا بتصدير الطاقة الكهربية، كما أن الله حبانا بموارد طبيعية وبعد الاكتشافات الأخيرة للغاز أصبح لدينا فائض فى الغاز الطبيعي، وانتقلنا من مرحلة الأزمة إلى مرحلة وفرة الطاقة.
وكان السؤال بعد توافر فوائض فى الطاقة، كيف نديرها بشكل جيد وناجح؟، هل نصدرها بشكل خام؟، أم نوجهها لتشغيل مصانع تنتج وتبيع منتجاتها، سواء فى السوق المحلية أو نصدرها للخارج لتحقيق قيمة مضافة لهذا الفائض؟
وكان هذا هو التفضيل المتفق عليه، أننا بدلًا من أن نصدر غازا فقط أو كهرباء فقط، كفائض للطاقة، نقوم بتوجيه ذلك الفائض فى الطاقة لتشغيل المصانع المصرية سواء القائمة أو نفتح مصانع جديدة ونتوسع فيها، وبعد ذلك نصدر منتجات، وبالتالى نعظم من القيمة المضافة لفائض الطاقة والعمالة المصرية والاستثمارات والمواد الخام.
أزمة العملة
«أكتوبر»: هذه الجزئية تجعلنا نسأل عن استراتيجية المبادرة فيما يتعلق بمعالجة أزمة السيولة الدولارية أو توفير العملة الصعبة؟
عبد الرحمن عمر: دعونا نوضح بشكل بسيط تلك المشكلة وتداعياتها وأسبابها لنكشف حلها.. هل القطاع المصرفى يخلق الدولار أو يُوجده؟.. بالطبع لا.. فمن المعروف أن القطاع المصرفى لا يخلق دولارا، وإنما هو يدير السيولة الدولارية والسيولة من النقد الأجنبى للعملات المختلفة، أو حتى السيولة من العملة الوطنية، فكان لا بد أن نكون اقتصادا منتجا ومصدرا، لتوفير العملة الأجنبية، سواء بتصدير منتج للخارج وتوفير نقد أجنبى كقيمة له، أو تقليل الفجوة الاستيرادية، وتصنيع منتجات بديلة للسوق المحلية، فنقلل من الضغط على العملة الأجنبية لسداد الفاتورة الاستيرادية.
فبدأنا بأول هدف بسيط، وهو تقليل الفجوة، من خلال تحليل الواردات ومعرفة المنتجات التى يمكن تصنيعها فى مصر، وهو ما نجحنا فيه فى مشروع مصنع مكونات محطات الصرف الصحى ومحطات التحلية، والذى سيوفر على مصر 2 مليار دولار، بالإضافة إلى توفير فرص عمل، وبعد إثبات نجاحه نتوجه إلى عملية التصدير.
اختيار الشراكات
«أكتوبر»: ما هى المشروعات التى تم التحرك لتنفيذ شراكات فيها، وكيف تم اختيارها؟
المهندسة سارة مصطفى، عضو المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»: الاختيار يتم بناء على نوع الصناعة سواء صناعات (معدنية - هندسية - كيميائية- وغيرها)، بعد تحليل هيكل الواردات فى كل صناعة لمعرفة المنتجات أو مستلزمات الإنتاج المطلوبة للسوق المحلي، وبناء عليه يتم استهداف هذه المنتجات، وعلى سبيل المثال فى صناعة الأجهزة المنزلية يوجد صناعة مغذية محددة نستوردها بملايين الدولارات، وهنا يأتى دور «ابدأ»، فكانت لنا لقاءات مع صناع الأجهزة المنزلية وتم استهداف عدد من المنتجات المستوردة، وبدأنا بالفعل نعمل على توفيرها وتوطينها فى السوق والقطاع الصناعى المصري، منها على سبيل المثال كمبروسر التكييف، وبالفعل ولأول مرة سيتم تصنيعه فى مصر، وتم الاستعانة بالشريك الأجنبى الذى يقوم بتوريد هذا المنتج لتصنيعه فى مصر، فقمنا كمبادرة بتجميع الصناع والشريك الأجنبى وتم اختيار المكان المقترح للمصنع وتم اتخاذ عدة إجراءات فعلية فى المشروع وتم تأسيس الشركة بين المساهمين فيها.
وحول نسب المساهمة فى الشركة ووجود الشريك الأجنبي، أكدت أن وجود الشريك الأجنبى فى الشركة الهدف منه هو استدامة نقل التكنولوجيا والصناعة،
ولا نشترط عليه نسبة فى الشركة، وتم الإعلان فى مشروع مصنع صمام الأمان الغاز، أن الشريك الإسبانى له 60% من المشروع، وفى شراكات أخرى الشريك الأجنبى له حصة لا تتجاوز 15%، فتجديد النسبة يتم حسب التوافق وحسب الصناعة نفسها.
غير نمطي
وحول أهم التحديات التى واجهت المبادرة، أوضحت سارة أن أول هذه التحديات هو «أزمة الثقة»، مشيرة إلى أن الرئيس السيسي فى مؤتمر إطلاق المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، قال: «أنا مستعد أشارك بنسبة 50% مع المصنع أو رجل الأعمال علشان يطمن»، وأعاد التأكيد على ذلك خلال افتتاح مشروعات مدينة المنصورة الجديدة، وهى رسالة لتطمين رجال الأعمال والشركاء الصناعيين واستعادة الثقة مرة أخرى.
وعندنا قصص نجاح كثيرة لتحويل المستوردين إلى مصنعين، ومنها صمام أمان الغاز «التركي»، والذى تحول فيه مستورد هذا الصمام لأول مرة إلى شريك مصنع للمنتج الذى كان يستورده، مع الشريك الأجنبى والذى كان يقوم بتصديره للسوق المصرية، وكذلك هناك قصص أخرى فى مجال صناعة الأجهزة الكهربائية والمنزلية، والتى كان الوكيل يقوم بتصنيعها بالفعل ولكنه كان يستورد أجزاء من المنتج، فيتحول لصناعة هذه الأجزاء وبالتالى تصنيع المنتج بالكامل فى مصر وبأيد مصرية.
وتغلبنا على هذه التحديات، من خلال أن تكون «ابدأ» ذراعا غير نمطى للدولة، فنحن نوفر على المستثمر الوقت والجهد ومشاكل البيروقراطية فى الدولاب الحكومي، مبينة أن دور المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» هو تسهيل كل الإجراءات ومحاولة تقليل الروتين قدر الإمكان، ونجحنا فى ذلك وهو ما ظهر بالفعل فى محور دعم الصناعة فى حل مشاكل عدد كبير من المصانع، ولدينا استراتيجية لتغطية جميع المصانع القائمة بالفعل والجديدة والتى تريد التوسع، وفى كل محافظة يتم حل مشاكل المصانع، وهدفنا تقليل الواردات وزيادة الصادرات، وفى هذا الجانب نعمل على تكوين تحالفات تصديرية بالتعاون مع المجالس التصديرية.
فمثلا فى مجال صناعة الملابس لدينا منتجات مصرية بمواصفات غير قياسية، وفى نفس الوقت لدينا مصانع تعمل بالتصنيع للغير فتقوم العمالة المصرية بتصنيع ملابس على أعلى مقاييس الجودة لتصديرها للخارج، وبالتالى فنحن لدينا العمالة المدربة والقادرة على الإنتاج وفق أفضل المواصفات القياسية ومعايير الجودة العالمية، وبالتالى فهذه الصناعة تحتاج فقط إلى تدريب العمالة بشكل جيد وعلى المواصفات العالمية لإنتاج ملابس للتصدير تنافس فى الأسواق الدولية.
«أكتوبر»: ما حجم مشاركتكم فى تنفيذ مبادرة الرئيس السيسي بالوصول للصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار؟
سارة مصطفى: المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» جزء من حلم أو مبادرة الـ 100 مليار دولار صادرات، وجزء من دورنا تقليل حجم الواردات، وجزء كبير من دورنا هو توعية أصحاب المصانع بأهمية إنتاج سلعة أو منتج ذى جودة ومطابق لجميع المواصفات التى تؤهله للتصدير، وهو ما أطلقنا عليه فى مبادرة «ابدأ» الوعى التصديري، من خلال توجيه المصانع خاصة المتوسطة والصغيرة نحو التصدير، من خلال خطوات التصدير بداية من الانضمام إلى المجلس التصديرى، والمواصفات الخاصة بالتصدير سواء الأيزو فى كل سوق على حده، الأوروبى أو العربي.
«أكتوبر»: فماذا عن الوعى لدى المستهلك نفسه، هل نحن بحاجة لتغيير المفاهيم الاستهلاكية لدى المواطن المصرى لتنمية الصناعات الوطنية؟
عبد الرحمن عمر: هذا الجزء له أكثر من جانب، الأول هو أن أكبر مستهلك للمنتج هو الطلب الحكومى وبالتالى من الضرورى العمل على تفضيل المنتج المحلي، وذلك فيما يتم طرحه من مناقصات حكومية لشراء منتجات سواء للوزارات أو قطاعاتها أو للمشروعات القومية، وهذا الجزء يمثل حجما كبيرا من السوق، والشق الثانى يمثل المستهلك، وبسبب ظروف ارتفاع أسعار العملات مقابل العملة المحلية وبالتالى، فالمستهلك سيلجأ للمنتج المصري، وهذه فرصة حقيقية للصناعة الوطنية لرفع كفاءة منتجه مما يرفع ثقة المستهلك فى المنتج المصري، ويخلق ارتباطا إيجابيا بين المواطن والمنتج المصري، حتى لا يعود مرة أخرى للبحث عن المنتج المستورد، أما الشق الثالث، فهو تكامل القطاع الخاص وسلاسل الإمداد، ومشاركة القطاع الخاص قدراته التصنيعية، فقد حدث أن هناك مصانع تستورد مكونات إنتاج من الخارج ويوجد مصنع بجوارها يصنع هذه المكونات ولا تعرف، أو أن تقوم بصناعتها بنسب انحراف عن المطلوب، وبالتالى فمن الممكن أن يطلب منه المواصفات المطلوبة ويتكامل مع الآخر فى التصنيع، وتم رصد عدة حالات مثل ذلك، ولهذا نعمل على توفير قاعدة بيانات للصناعة الوطنية حتى لا تضيع مواردنا فى استيراد منتجات يتم تصنيعها فى الداخل.
« ابدأ وحياة كريمة»
وعن تكامل بين مبادرة «ابدأ» و»حياة كريمة»، قال عبد الرحمن، إن حياة كريمة تعد بمثابة طاقة نور وأمل دخلت الريف المصري، وحققت طفرة غير مسبوقة فى حياة أهل الريف المصرى والبنية التحتية فى القرى والريف، ولكن يأتى هنا تساؤل شديد الأهمية وهو هل التنمية ستتوقف عند انتهاء مراحل حياة كريمة الخاصة بالبنية التحتية، أم لا بد من توفير فرص عمل لهذا المواطن للحد من ظاهرة الهجرة من الريف إلى الحضر أو من الصعيد إلى القاهرة، فكان لا بد من تحقيق تنمية متوازية، وهى تحويل المجتمع الذى تم تغيير شكل الحياة عنده بتمكين اقتصادى أيضا ووفرت له فرص العمل التى يستطيع أن يعمل بها، ولذلك فى المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» نسعى أولا لإقناع المستثمر بالاستثمار فى كافة محافظات الجمهورية، حتى يشعر المواطن بتغيير حقيقي، بالإضافة إلى حل كافة المشاكل التى تواجه المناطق الصناعية فى المحافظات، سواء مشكلات تخص الترفيق والمياه والكهرباء، وتحركنا على الفور فى ذلك الأمر حتى لا تقتصر التنمية الصناعية على القاهرة والإسكندرية.
«أكتوبر»: معنى ذلك أن مشروعات المبادرة التى سيتم افتتاحها، ستكون على مستوى جميع محافظات الجمهورية وليس محافظات بعينها دون الأخرى؟
سارة مصطفى: فريق المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» يعمل على كافة المحافظات، ولدينا قائمة بالأراضى الصناعية التابعة لهيئة التنمية الصناعية وهيئة المجتمعات العمرانية فى كافة المحافظات، ونعرض على المستثمر هذه القائمة ليختار من بينها ما يناسبه لبدء نشاطه.
التواصل مع «ابدأ»
«أكتوبر»: كيف يتم التواصل مع المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» سواء للمصانع التى تواجه عقبات أو لديها مشاكل أو حتى للراغبين فى تقديم مقترحات أو عرض أفكار جديدة على المبادرة؟
سارة مصطفى: التواصل يتم عبر الموقع الإلكترونى للمبادرة، وحسابات التواصل على مواقع التواصل الاجتماعى « فيسبوك – انستجرام» ويتم بالفعل استقبال الطلبات، وتنفيذها، وعلى سبيل المثال أننا بعد 3 أيام من إطلاق المبادرة استقبلنا أكثر من 2000 طلب، يتم توزيعها على الفرق المتخصصة فى «ابدأ»، مثل فريق دعم الصناعة وفريق المشروعات الكبرى وهكذا، ولدينا فريق للتواصل مع الإدارات الحكومية عن طريق مجلس الوزراء، ولدينا قنوات تواصل مع كافة الجهات الحكومية والجهات المعنية بالصناعة فى الدولة، فنحن نعد ذراعا غير نمطى للدولة.
تفضيل المشروعات
«أكتوبر»: هل لديكم أولويات محددة يتم على أساسها تفضيل مصنع أو صناعة عن غيرها؟
عبد الرحمن عمر: المبادرة لا تفضل مصنعا على الآخر، ونعمل على حد سواء مع كل الطلبات التى تقدم لنا سواء مصنع صغير أو كبير، ولا نقوم بتفضيل صناعة على غيرها، وكل ما يهمنا هو حل المشكلة فى أسرع وقت ممكن حفاظا على مقدرات ذلك المصنع والأيدى العاملة فيه، فهدفنا الأساسى فى المبادرة هو أننا نضيف مصنعا فى المنظومة وليس خروج مصنع من دائرة العمل.
«أكتوبر»: معنى ذلك أنكم شاركتم فعليًا فى حل أزمة توقف عدد من المصانع؟!
بالفعل قمنا بحل مشاكل العديد من المصانع، والحل يتوقف على سبب التوقف، فهناك مصانع توقفت بسبب مخالفات وأخرى بسبب معوقات مالية مع البنوك، وغيرها من الأسباب المادية، فنساعده فى وضع خطة، أما بالنسبة للتوقف بسبب قرارات حكومية فنقوم ببحث الأسباب سواء مخالفات أو غيرها فنتدخل مع المصنع لتصحيح مساره مرة أخرى ويعود مرة أخرى للعمل بدون أى عوائق، هذا بالإضافة إلى المصانع المخالفة أو الموجودة خارج الحيز الصناعى، أو داخل تجمعات سكنية، ملف كبير واشتغلنا عليه، ونجحنا فى نقل البعض إلى الحيز الصناعى والبعض الآخر الذى لا يسبب ضررا فعملنا على إدخاله فى المنظومة الرسمية وتقنين أوضاعه والحصول على الترخيص الصناعى ودخوله فى الاقتصاد الرسمى، وحصلنا لعدد من المصانع على إعفاء من الضرائب لمدة 5 سنوات فى سبيل عودتها للعمل، والكثير من الحلول التى قدمناها ونجحنا فى إعادة العديد من المصانع للمنظومة وفق الاقتصاد الرسمى للدولة.
وأضاف، أن الصناعة كانت متأثرة أيضًا بأزمة العملة، وهو ما لمسناه مع عدد غير قليل من المصنعين، وقمنا بنقل الصورة إلى مجلس الوزراء ومحاولة طرح حلول مثل الإفراج المشروط على المواد الخام بالموانئ، وننقل صوت المصنعين سواء إلى مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية، وهناك بعض الحلول التى قد تُقترح من الحكومة وتضر بالمصنعين وفى هذه الحالة نتدخل للدفاع عن المصنعين، ونطالب بإلغاء تلك القرارات.
وأشارت المهندسة سارة مصطفى، إلى أن المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» أصبحت صوت المصنعين، وتقدمنا بالعديد من الطلبات لتخفيض بعض الغرامات عن بعض المصنعين، ودورنا يتضمن كل ما هو مصنع أو صناعة سواء كانت كيانا صناعيا كبيرا أو صغيرا أو حتى متناهى الصغر.
تعديلات تشريعية
«أكتوبر»: هل هناك حاجة إلى إجراء تعديلات تشريعية على عدد من القوانين؟ وهل تقدمت المبادرة بمقترحات قوانين أو تعديلات لقوانين؟!
عبد الرحمن عمر: المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» لم تتقدم حتى الآن بأى مقترح تشريعي، لأننا نرى أن التعديلات التشريعية قد تكون سلاحا ذى حدين، فإذا كانت فى صالح الصناعة فهذا مقبول، أما السلاح الأخطر وهو كثرة التعديلات التشريعية أو القوانين، فيجب التعامل مع التعديلات التشريعية بـ«مشرط جراح» فلا نتسرع فى تعديل قانون محدد ثم مع تطبيق التعديل نجده غير ملائم أيضًا فنقوم بتعديله مرة أخرى، فيعطى ذلك صورة سلبية للمستثمر الخارجى وهى أن مصر تعدل تشريعاتها بصورة متكررة وهو ما يعطى رسالة سلبية عن الاقتصاد المصرى، ولكن ما تقدمنا به خلال الفترة الماضية هى مجموعة من المقترحات سواء إلى مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية، لكن لم نتقدم بطلب تعديل تشريعى بشكل صريح حتى الآن، وإن كان ذلك من الحلول المحتملة التى ربما نلجأ إليها فى المستقبل.
وأضافت المهندسة سارة مصطفى: أى دراسة أو مقترح نتقدم به، نشارك فيه الصناع أنفسهم قبل التقدم به، لأنه هو من يعرف أين الحل، وفى نفس الوقت نراجع المقترح مع الفريق القانونى والاقتصادى بالمبادرة، وفى النهاية يتم عمل رؤية متكاملة وتقديم المقترح للجهات المعنية.
البرنامج الرئاسي
«أكتوبر»: هناك سؤال يتبادر للأذهان عندما نجد أن هذا المجهود يقوم به شباب متوسط أعمارهم 30 عامًا وهو كيف تم اختيار فريق المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»؟!
عبد الرحمن عمر: اختيار فريق المبادرة جاء من خلال البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، فمن المعروف أن البرنامج الرئاسى هو برنامج تأهيلى يتم خلاله تدريب وتثقيف الشباب حول الملفات التى يتناولونها وعن أهداف الدولة المصرية وما تواجهه من مخاطر وأزمات، وبالتالى فالدارسون بالبرنامج الرئاسى بعد تلك الفترة من التدريب المكثف تتحول أفكارهم من فكر الفرد إلى فكر الدولة، ويتم دراسة الأبعاد القومية والاستراتيجية، وكل فرد بالفريق يعد من «الفارودة» فى عمله، فتم اختيار الفريق من عدة أماكن مختلفة، منهم اقتصاديون وماليون وناجحون فى مجال عملهم المهنى سواء فى البرنامج الرئاسى أو من خارج البرنامج الرئاسى.
وبعد ما تم اختيار الفريق المقترح للمبادرة من بين خريجى البرنامج الرئاسي، كان التكليف واضحًا: «أنتم عايزين تشوفوا مصر إزاي؟»، وهذا التكليف وضعنا أمام مسئولية كبيرة، فمصر التى نحلم بها تختلف عما هى عليه الآن، فهل «نقعد ننتقدها ولا نتحرك علشان نغيرها ونحقق الحلم ده على أرض الواقع؟» وهو ما جعل كل شاب فى المبادرة «رأس حربة، مهاجم» يبحث عن أفضل وأسرع الطرق لتحديد الهدف والتكليف المطلوب مننا، ولهذا فنحن نعمل لعدد ساعات تتخطى الـ 18 ساعة فى اليوم الواحد، ولدينا التزام رئاسى نسعى لتحقيقه فى زمن محدد.
وأشار إلى أنه رغم عدد ساعات العمل الكبير ذلك، إلا أنهم يشعرون أحيانا بالتقصير وأنهم يريدون بذل المزيد من المجهود للوصول بشكل أسرع للحلم، فالمهمة التى تم تكليفهم بها صعبة وتحتاج لطاقة عمل لا تنفد، ولكنهم يبذلون بالفعل أقصى طاقتهم، إيمانا منهم وإدراكًا بأن كل ساعة عمل يجب أن تكون فعالة بنسبة 100% حتى يسابقوا الزمن لوضع مصر فى المكانة التى تستحقها، مضيفًا: «نعم فى إنجازات اتحققت على أرض الواقع لكن لا يزال الحلم كبيرا وهناك نجاح نتمناه أكبر وأكبر.. وهو ليس بسيطا أو سهلا ولكنه أيضًا ليس مستحيلًا وإن شاء الله سنحقق حلم الشعب المصري».
وأضافت سارة مصطفى: هناك هدف وبرنامج زمنى ملتزمون به ومتابعة أسبوعية لكل تفاصيل المبادرة، من خلال تقارير دورية، وحجم التكليف ليس بسيطا وهى مبادرة كبيرة تخص مستقبل الصناعة المصرية، وبالتالى فهذا العدد من ساعات العمل ليس مجرد استعراض للرقم، إنما بسبب وجود التزام حقيقى وزمن معين لتحقيق أهداف المبادرة، خاصة فى ظل المتغيرات التى يشهدها العالم، وبالتالى فلابد أن نسابق الزمن من أجل تحقيق أهداف المبادرة.
«أكتوبر»: كيف يمكننا تقييم المبادرة بعد تلك الأشهر من انطلاقها.. وإلى أين وصلت؟!
عبد الرحمن عمر: المبادرة لا تزال فى بدايتها، لكن وجود نموذج عمل مقبول من الدولة والمستثمر سواء المصرى أو الأجنبى هو أمر يبشر بالخير، وأننا نسير فى الطريق الصحيح، والدليل على ذلك المصانع التى عادت للعمل مرة أخرى بعد أن كانت أغلقت أبوابها والأخرى التى تعثرت ووقفت مرة أخرى، وولدت من جديد على يد المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، وهذه آلاف المصانع وليس مصنعا أو اثنين، وأصبح لدينا فريق متخصص على أعلى مستوى فى ترخيص المصانع، وهذا الفريق اكتسب هذه الخبرة بعد أن واجه مئات العراقيل والإجراءات الحكومية المعقدة وفى النهاية انتصر على البيروقراطية، وصار لدينا فريق مؤهل أن يقترح الحلول بمجرد أن يسمع المشكلة وبالتالى يوفر على الدولة وصاحب المصنع المجهود للوصول للحل.
ونحن نوجه رسالة لجميع أصحاب المصانع: «ضعوا أيديكم فى يدنا.. حتى نطور الصناعة الوطنية.. فنحن لدينا حلم وهدف دولة تبحث عن توطين الصناعة وإعادتها كقاطرة للاقتصاد، وبالتالى فالهدف يجب كلنا أن نعمل عليه ونعلم أن المهمة صعبة ولكن لدينا إرادة سياسية تدعمنا».
وشباب المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» تعاهدوا أمام الرئيس على إيجاد حلول لهذا الملف المهم، وتعهدهم هذا أمام الشعب المصري، فالرئيس هو الممثل الشرعى لشعب مصر، وبالتالى فإنهم يضعون نصب أعينهم هذا التعهد وأنه لشعب مصر كله.
كما أن الرئيس عندما استمع خلال افتتاحه مشروعات بالمنصورة الجديدة لعدد من رجال الأعمال وكيف ساعدتهم «ابدأ» فى حل مشاكلهم والعودة للسوق المصرية بعد توقف نشاطهم، فهى رسالة لكل المستثمرين ورجال الأعمال، بأن الدولة تسمع مشاكلهم وتبحث عن حلول لها وتشعر بما يواجههم من عقبات وتقف فى صفهم وستساعدهم، كما أنها رسالة للحكومة بضرورة مساعدة صاحب المصنع والوصول لحلول وسط تعيده للمنظومة مرة أخرى.
وهذه الرسائل تعكس فلسفة الجمهورية الجديدة وهى أن يتحول المجتمع المصرى إلى مجتمع منتج يدعم أى سلعة أو منتج مهما كان بسيطا وأى صناعة مهما كان حجمها صغيرا، وذلك لزيادة الطاقة الصناعية والإنتاجية للمجتمع وما يترتب على ذلك من تقليل للفاتورة الاستيرادية وتوجيه العملة الصعبة لصالح ملفات أخرى مهمة تحتاجها وبالتالى نشعر جميعا بالنمو والرخاء.
وأضافت سارة مصطفى: رغم أن المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» لا توفر فرص عمل بشكل مباشر، إلا أن كل مصنع تدعمه المبادرة ويعود للعمل مرة أخرى، يوفر فرص عمل، وكل مصنع توسع يوفر فرص عمل، وكل مصنع كان متوقفا وعاد للعمل يوفر فرص عمل، فمن الطبيعى أن هذه المصانع تعمل من خلال عدد من العمال بمتوسط 20 عاملاً، بالإضافة إلى فرص العمل غير المباشرة من حيث توريد الخامات والنقل والمواصلات وغيرها من الأعمال المرتبطة بعمل المصنع.
المصانع المتوقفة والمتعثرة
وحول عدد المصانع المتوقفة أو المتعثرة التى دعمتها المبادرة، قالت المهندسة سارة مصطفى، إنه يتم نشر البيانات على موقع المبادرة بشكل دورى، وأن دعم المصانع المتعثرة والمتوقفة محور رئيسى فى المبادرة، فمحور دعم الصناعة كان اسمه فى البداية المصانع المتعثرة والمخالفة، ثم تم تسميته دمج الاقتصاد غير الرسمى، ثم تحول إلى محور دعم الصناعة حتى يصبح المحور أشمل بكل مشاكل الصناعة.
وعن دعم المبادرة لأفكار الشباب الصناعية، أوضحت «ٍسارة» أن المبادرة تتعاون مع أكاديمية البحث العلمى، لكن هدفنا الأساسى هو دعم الصناعة والمشروعات الكبرى وتقليل فاتورة الاستيراد، لكن المبادرة تستقبل أفكار الشباب ويتم توجيههم إلى الجهة المناسبة أو المنوط بها.
وأضافت أن المبادرة تقوم أيضًا بتدريب العمالة وفقا لمتطلبات واحتياجات الشريك الأجنبى أو التكنولوجيا التى يتم نقلها إلى مصر، وبالتالى يصبح العامل المصرى مؤهلا للتعامل مع التكنولوجيا الأجنبية التى نقلناها من خلال الشريك الأجنبي.
«أكتوبر»: مشاكل المناطق الصناعية فى الصعيد عديدة وفى مقدمتها عدم توافر أراض صناعية.. فهل تم فتح هذا الملف من خلال المبادرة؟!
عبد الرحمن عمر: هناك بالفعل بعض المناطق الصناعية فى الصعيد تعانى من مشاكل الترفيق، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصناعي، وقمنا بالفعل بفتح هذا الملف، ويتم الآن حصر هذه المشاكل للعمل على حلها فى أسرع وقت ممكن، وحتى نهاية 2023 ستكون أغلب مشاكل المناطق الصناعية فى معظم المحافظات وليس الصعيد فقط قد تم حلها.
ارتفاع أسعار الوحدات الصناعية
وحول شكوى بعض المستثمرين من ارتفاع أسعار الوحدات الصناعية، فقال إن طريقة الحصول على الوحدات بحق الانتفاع أو انتفاع بغرض التملك يعد من أفضل الحلول التى تقدمها الدولة للمستثمر حتى يبدأ نشاطه الصناعى، وبعد مرور 20 سنة أو 10 سنوات حسب التعاقد مع المستثمر يتقدم بطلب لتملك الوحدة الصناعية، وفى هذه الحالة يتم حصر كل ما دفعه المستثمر خلال مدة الانتفاع ويخصم من المبلغ الإجمالى للوحدة.
وأوضحت المهندسة سارة مصطفى أن المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» تهتم فى شراكاتها مع المصانع الأخرى بجودة المنتج النهائى حتى يضاهى المنتجات العالمية، وهى حاليا تركز على الصناعات المغذية وهى أغلب الصناعات الواردة فى هيكل الواردات، مثل صناعة الكمبروسور فى صناعة التكييفات والثلاجات.
شركات قطاع الأعمال
«أكتوبر»: أين المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» من ملف شركات قطاع الأعمال المتعثرة؟!
المهندسة سارة مصطفى: شركات قطاع الأعمال تمتلك قدرات تصنيعية كبرى، وتدخل فى محور المشروعات الكبرى بالمبادرة، ونحن نتعاون معهم فى شقين، إما صناعات جديدة وعقدنا عدة اجتماعات مع وزير قطاع الأعمال وبدأنا بدراسة الصناعات الجديدة التى تدخل فى نطاق اختصاص هذه الشركات، مثل الشركة القابضة لصناعة الكيماويات، ووجدنا أن هناك دراسة لصناعة السليكون وصناعات أخرى، فتم بالفعل تأسيس الشركة واختيار الأرض ونستكمل الآن باقى الخطوات مع الشركة القابضة.
مصانع قطاع الأعمال
أما بالنسبة للمصانع التى تعانى من أزمات أو مشاكل، توضح المهندسة سارة: «عرضنا على وزير قطاع الأعمال دخول المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» فى شراكات مع هذه المصانع لتصحيح مسارها من جديد، سواء تحتاج إلى تحديث خطوط الإنتاج أو عمالة فنية مدربة ومؤهلة أو صناعات جديدة، وبالفعل تسلمنا ملف مصنع الورق ومصنع نجع حمادى لصناعة الأخشاب بمحافظة قنا، وهناك مصنع آخر فى قنا لتصنيع الفوسفات تدخل «ابدأ» معه فى شراكة، وعند عرض مشروعات جديدة على الرئيس دائما ما يؤكد: «تكاملوا مع أصول الدولة»، وبالتالى فهناك آلاف المصانع التابعة للدولة وتمتلك خطوط إنتاج كبيرة، فبدلا من إنفاق ملايين الدولارات فى إنشاء خطوط إنتاج جديدة، فمن الأولى أن نستغل هذه الخطوط والإمكانيات الكبرى التى تمتلكها شركات قطاع الأعمال بالتعاون مع القطاع الخاص أيضا، وبالتالى شركات قطاع الأعمال لم تكن بعيدة عن أهداف المبادرة، فنحن نضع شركات الدولة على رأس أولوياتنا ونضعهم عين الاعتبار قبل أى شىء.
أهداف «ابدأ»
أكتوبر: إذن فالمبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» تستهدف القطاع الصناعى بكل مكوناته وليس القطاع الخاص فقط؟!
د. دينا الدليل، عضو المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»: تستهدف المبادرة تنمية الصناعة بكل مشروعاتها، سواء المشروعات الكبرى أو المتوسطة أو حتى الصغيرة ومتناهية الصغر، الحكومية أو الخاصة.
ولأن أهم عنصر بنيت عليه المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» هو الدراسات، فقد قمنا بدراسة وتحليل كل ما يتعلق بالقطاع الصناعى وتحديد سبل تنميته وكذلك المشاكل التى تواجهه.
وأشارت إلى أن أكثر ما شجعهم للبدء فى تدشين وتنفيذ المبادرة هو حالة الاقتصاد المصري، والاحتياج الشديد لتطوير القطاع الصناعى وأهمية ذلك للاقتصاد المصري، وضرورة تقليل الفاتورة الاستيرادية فى الوقت الراهن.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من الأزمات العالمية وأزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وتوقف سلاسل الإمداد، إلا أن المؤشرات الاقتصادية المصرية ظلت إلى حد ما أقل تضررًا عن غيرها من الدول ذات الوضع الاقتصادى المماثل.
فقمنا بإجراء كل الدراسات اللازمة، ودرسنا القطاع الصناعى فى مصر بالكامل، وحجم المصانع الموجودة على أرض الواقع، وطاقتها الإنتاجية وتكلفتها الاستثمارية، وقمنا بعقد العديد من الاجتماعات مع كل رجال الأعمال والمستثمرين فى مجال الصناعة، وكذلك مع كافة الجهات المعنية بقطاع الصناعة فى الدولة.
وانتهينا إلى معرفة كم التحديات التى تواجه القطاع الصناعى فى مصر، ومن هنا جاءت فكرة المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» وأنشأنا شركة « ابدأ لتطوير الصناعة» لتكون بمثابة الذراع التنفيذية للمبادرة على الأرض.
وحول أهم أهداف المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، قالت د. دينا الدليل، إن توطين الصناعات الحديثة، وتقليل الفاتورة الاستيرادية، وبالطبع توفير فرص عمل، ونعمل بتنسيق كامل مع كل جهات الدولة، ونسعى لخلق حالة تكامل وتضافر للجهود بين جميع الجهات المعنية بالصناعة فى الدولة، بما يتناسب مع متطلبات القطاع الخاص لتعزيز دوره فى قطاع الصناعة.
والشركة تعمل على ثلاثة محاور: محور المشروعات الكبرى، ومحور دعم الصناعة، ومحور البحث والتطوير والتدريب.
«أكتوبر»: نريد معرفة ما الذى وصلتم إليه تحديدًا حتى الآن فى محور البحث والتطوير والتدريب؟!
د. دينا دليل: نحن نعمل الآن بالتنسيق مع الأكاديمية الوطنية للتدريب، كشريك استراتيجي، وعقدنا بالفعل العديد من الدورات التدريبية، بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي، ومبادرة «حياة كريمة»، فى عدة محافظات مثل سوهاج، من خلال سيارات «مراكز تدريب متنقلة» وقمنا بتدريب العمال من خلالها على الحرف المتنوعة مثل «اللحام وتقفيل الأجهزة المنزلية وغيرها من الحرف اليدوية».
ونحن لنا فلسفة مختلفة فى مجال التدريب، فنقوم بتنظيم برامج رياضية، ومحاضرات توعوية، بالتوازى مع الدورات التدريبية، لأننا معنيون بكل ما يخص العامل المصري.
كما أننا قمنا بتوقيع بروتوكولات مع العديد من الجهات الخاصة والحكومية للاستفادة بما لديها فى مجال التدريب والأبحاث والتطوير، فيما يتعلق بقطاع الصناعة وتطوير القطاع الصناعى المصري.
وأضافت المهندسة ياسمين كمال، عضو المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، أن محور التدريب والبحث والتطوير، له 4 أهداف، أولها: الانتشار بمعنى الوصول إلى كل العمال والفنيين فى قرى حياة كريمة على مستوى الجمهورية، نقنعهم بأهمية التدريب الفنى ونوفر لهم فرص عمل تناسب طبيعة حياتهم فى تلك القرى.
والهدف الثانى هو التكامل مع كل مؤسسات الدولة من خلال توقيع بروتوكولات تعاون مع المؤسسات التى من الممكن أن تساعدنا فى هذا التدريب، مثل الأكاديمية الوطنية للتدريب وهى شريك استراتيجى لـ «ابدأ» وداعم لنا فى ملف تدريب العمالة المصرية.
الهدف الثالث هو التأهيل، ونستهدف من خلاله إعادة تأهيل العنصر البشرى ككل ليس فى المجال الفنى والتقنى فقط، إنما فى المجال الرياضى والتوعوى للعمالة المصرية، ولهذا قمنا بالاتفاق مع الأكاديمية الوطنية للتدريب أن تكون هناك برامج توعوية لكل المتدربين المشاركين معنا، وبالتالى لا يكون ما نقوم به مجرد تدريب تقنى وفنى للعامل إنما تأهيل له ليكون على المستوى الموازى للعامل المهارى المحترف فى العالم من حيث الثقافة والوعى والصحة، ليصبح العامل المصرى متوافقا مع الاعتمادية وفقا للمعايير الدولية.
أما الهدف الرابع فهو الاستدامة، وهذا يحدث من خلال العمل على مؤسسات الدولة المتخصصة فى مجال التدريب، فنقوم بتطويرها حتى تصبح مؤهلا وفقا للمعايير الدولية وقادرة على تدريب العامل المصرى فى أى وقت وفقا للمعايير الدولية.
ويسبق التدريب تحديد الجدارات التى يجب أن يكون العامل ملمًا بها أو يكتسبها، وبناء عليه يتم تحديد الحزمة التدريبية المناسبة لطبيعة وبيئة عمل العامل، وفى نهاية التدريب نقوم بإجراء اختبار للعامل حتى نتعرف على معدلات الخبرة والمهارة التى اكتسبها العامل خلال التدريب.
وهو ما تم مثلا عقب انتهاء مبادرة « ابدأ حياة» فى محافظة سوهاج وهى أول مبادرة تدريبية قامت بها «ابدأ» من خلال سيارات التدريب المتنقلة بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي، وعقدنا فى نهايتها اختبارا عمليا للمتدربين وعددهم 25 عاملا وقمنا بمنحهم تقييما وتحديد الأوائل منهم وهو ما يكون حافزا لكل متدرب للاجتهاد حتى يكون من المكرمين كأوائل للتدريب.
«أكتوبر»: ما حلم المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» خلال 2023 والأعوام التالية؟!
اتفق عبد الرحمن مع سارة فى أن أحلامهم للصناعة المصرية كثيرة جدا وليس لها حدود، لكن الحلم الأهم هو أن يكون «صنع فى مصر».. ماركة عالمية أو براند عالميا.
وأشار عبد الرحمن عمر، إلى أنه يوجه من خلال «صالون أكتوبر» التحية إلى كل مصنع صمد خلال الآونة الأخيرة أمام كل الظروف والتحديات التى تواجه دول العالم، ورسالتنا لهم: «إحنا موجودين علشانكم، وليس لمنافستكم»، ودورنا ليس فتح مصانع جديدة فقط، إنما دعم المصانع القائمة حاليا للنجاح والتوسع ورفع كفاءة للتصدير، واللى عنده مشاكل نحلها وتقنين أوضاع غير الرسمى، وذلك حتى يكون لدينا قاعدة صناعية تنتج منتجات بمواصفات عالمية سواء للتصدير أو للاستهلاك المحلى وتلبية احتياجات المواطن المصري.