الاشتباكات الحدودية بين الصين والهند تهدد بأزمة خارجة عن السيطرة

الاشتباكات الحدودية بين الصين والهند تهدد بأزمة خارجة عن السيطرة الحدودية بين الصين والهند

عرب وعالم14-1-2023 | 17:00

توقعت مجلة "ذا ديبلومات"، المتخصصة في الشأن الآسيوي، أن يشهد عام 2023 المزيد من حلقات الصراع الحدودي بين بكين ونيودلهي رغم تأكيد بكين على استقرار العلاقات بين البلدين في بعض التصريحات الرسمية.
وأفادت المجلة - في تقرير لها اليوم - بأنه من المرجح إلى حد كبير أن تكون المناورات العسكرية المشتركة بين القوات المسلحة الهندية ونظيرتها الأمريكية في ديسمبر الماضي بالقرب من خط السيطرة الفعلية بولاية "أوتاركاند" الهندية من أسباب اندلاع الاشتباكات العسكرية بين الصين و الهند بولاية "أروناشال براديش" الهندية على خط السيطرة الفعلية في التاسع من الشهر ذاته.
ومن جانبها، انتقدت وزارة الخارجية الصينية هذه المناورات واصفة إياها بانتهاك الاتفاقيات الثنائية بين البلدين بما يؤثر سلبيا على عملية بناء الثقة بين الطرفين.
كانت هذه الاشتباكات، التي أسفرت عن بعض الإصابات دون سقوط أي قتلى من الطرفين، ضمن أبرز التطورات التي شهدتها العلاقات بين البلدين خلال أكثر من عامين، خاصة بعد الاشتباكات التي وقعت بين جنود من الطرفين قرب نقطة حدودية في وادي "جالوان" شرق منطقة لاداخ شمال الهند في يونيو 2020.
وتشير بعض التقارير إلى حدوث اشتباكات خفيفة بين الطرفين خلال عام 2021 دون سقوط أي جرحى، حيث جرى تسوية النزاع على مستوى القادة العسكريين المحليين؛ وقد سبق هذه الواقعة بعض الاشتباكات في القطاع الشرقي خلال عام 2016.
وأوضحت المجلة أن مثل هذه الاشتباكات بين قوات الدوريات الحدودية من البلدين ليست بالأمر المفاجئ في ظل تباين تصورات كلا الطرفين حول ما يُعرَف بخط السيطرة الفعلية وعدم وجود أي ترسيم للحدود الفعلية بين البلدين أو أي اتفاق حول تبادل الخرائط.
وبحسب مجلة "ذا ديبلومات"، تتبنى بكين تصورا يجعل هذا الخط قابلا للتغير في أي وقت بما يخدم ميولها التوسعية، مما يسمح لها بالانخراط الدائم في ممارسة أساليبها المعروفة بتكتيكات "تقطيع السلامي" أو تكتيكات الاقتطاع.
وفيما يخص سعى بكين في الآونة الأخيرة لتأكيد ملكيتها التاريخية لمنطقة ولاية "أروناشال براديش"، التي تُطلق عليها الصين اسم "زانغنان" أو "جنوب التبت"، أفادت المجلة بأن هذه المنطقة باتت بؤرة الصراع الحدودي الجديدة بين الطرفين، مشيرة إلى اعتراض بكين على الزيارات التي يقوم بها كبار المسئولين الهنود إلى الولاية وامتناعها مؤخرًا عن إصدار أي تأشيرات لمسئولي الولاية.
كما أعادت الصين تسمية 6 مناطق بالولاية عام 2017، قبل أن تعيد تسمية 15 منطقة أخرى عام 2021 في محاولة لإسباغ بعض الشرعية على مطالبها الإقليمية؛ وقبل أشهر من ذلك، اعتمدت الصين قانون الحدود البرية الذي أصبح ساريا مع بداية عام 2022 ليعزز من جهودها نحو تقنين مطالباتها الأحادية بالأراضي الخاضعة للنزاع.
ووفقا للمجلة، يرفع هذا القانون من وتيرة الضغوط التي تمارسها بكين على نيودلهي، حيث يشكل إحدى أدوات القوة القسرية التي قد تستخدمها الصين ضد دول الجوار، وبخاصة الهند، في المستقبل، لاسيما في ظل دبلوماسية القوى العظمى التي يتبناها الرئيس الصيني "شي جين بينج" والتي تستند إلى هوس تحقيق الأمن الشامل، فضلا عن مناورات بكين العسكرية العدوانية في منطقة الإندو-باسيفيك.
كما أشارت المجلة إلى إصدار بكين قانون آخر مثير للجدل يُعرف باسم قانون "قانون خفر السواحل" عام 2021، فضلا عن إدخال بعض التعديلات على قانون سلامة المرور البحري؛ وترى "ذا ديبلومات" أن مثل هذه الإجراءات من شأنها أن تضع بعض دول الجوار، كاليابان، في حالة تأهب قصوى تحسبًا لأي خطوات أحادية قد تتخذها بكين لتغيير مبادئ القانون البحري الدولي لخدمة أغراضها التوسعية.
وبالرغم من فض الاشتباكات في العديد من مناطق الصراع الحدودية الرئيسية بين الهند و الصين غرب الهيمالايا، بعد 16 جولة من المفاوضات التي ساهمت في إذابة الجمود في العلاقات ولو بشكل مؤقت، تنبأت المجلة أنه في حال عدم اتخاذ خطوات جادة لوقف التصعيد بعد فض الاشتباك ستبقى العلاقات "هشة" بين البلدين.
كما حذرت المجلة من إمكانية تحول أي اشتباكات حدودية بسيطة إلى أزمة خارجة عن السيطرة.
وتعود أولى فصول النزاع بين البلدين إلى عام 1947 بعد استقلال الهند عن بريطانيا وحصولها هضبة واسعة شمال شرقي البلاد زعمت الصين ملكيتها؛ وقد كان الهجوم الصيني على القوات الهندية عام 1962 أبرز محطات هذا النزاع، حيث تمكنت الصين من الاستيلاء على مرتفعات "أقساي تشين" التي تفصل بين البلدين.

أضف تعليق