لا يزال الحديث موصولاً عما يعانيه المواطن حاليا بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم وتداعيات الأزمة الاقتصادية..
فى المقال السابق تحدثت عن ترويض الجشع، الذى أصبح حاليا مثل وحش مفترس ينهش فى جسد ضعيف منهك..
خيرًا فعلت الحكومة عندما أصدرت منذ أيام بعض القرارات الخاصة بترشيد الاستهلاك خلال الفترة المقبلة، وقررت وقف الصرف بالجهات الحكومية على أية احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى وترشيد الإنفاق العام لجهات الموازنة العامة للدولة والهيئات الاقتصادية الخاصة فيما يتعلق بالصرف بالنقد الأجنبى وتأجيل تنفيذ أية مشروعات جديدة لم يتم البدء فيها ولها مكون دولارى واضح..
وحسنًا فعلت أيضا عندما قررت إطلاق مبادرة جديدة لمدة خمس سنوات؛ لدعم القطاعات الإنتاجية ( الصناعة – الزراعة) بمبلغ 150 مليار جنيه من خلال خفض أسعار الفائدة على القروض المقدمة لقطاعات الإنتاج لتصل إلى 11% متحملة قيمة الفارق بين فائدة المبادرة وسعر الفائدة فى السوق، فنحن بدون الإنتاج والتصدير لن نستطيع مواجهة الأزمة الحالية أو أى أزمة قد تطرأ فى المستقبل.
كل هذه الإجراءات بلا شك إجراءات سوف تساهم إيجابيا فى مواجهة التداعيات الصعبة للأزمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر، وهو أمر يستلزم أن يكون معه تحرك شعبى مواز حتى تتحقق الفائدة بشكل أكبر، فإن كنا قد تحدثنا عن ضرورة وأهمية أن يكون هناك تدخل حكومى صارم متمثل فى الرقابة وضبط الأسواق لوقف جشع التجار، فقد تحدثنا أيضا عن أهمية أن يكون هناك تحرك من المواطن وبشكل إيجابى على هذا المحور من خلال التصدى بالإبلاغ عن كل سلوك يتسم بالجشع والاستغلال واستخدام سلاح المقاطعة فى حالة زاد الأمر عن حده، مثلما يحدث فى أسعار الدواجن والبيض وبعض السلع الاستراتيجية، والحديث عن الترشيد الحكومى يستلزم معه أيضا أن يكون هناك حديث عن الترشيد الشعبى أيضا..
لقد اتخذت الدولة بعض إجراءات الترشيد وسيكون من المفيد جدًا لو المواطن هو الآخر اتبع بعضا من هذه السياسة فى حياته اليومية ويقاطع ويستغنى عن بعض الأشياء التى لا تتعلق بالمتطلبات الحياتية الأساسية، ففى أوقات الأزمات المشابهة تجدى سياسة الترشيد بشكل كبير كما تجدى أيضا سلوكيات التكافل والتكامل، فلا بد أن نتعاون فيما بيننا، يعنى بالبلدى "المليان يكب ع الفاضى"، وهذا النوع من السلوكيات الاجتماعية التضامنية تخفف من حدة الأزمات وصعوبتها وتعين على تحمل ما قد لا نطيق تحمله فى حال عدم وجودها.
تكافلوا وتضامنوا حتى نعبر الأزمة بسلام، فلقد مر على مصر أزمات مشابهة واستطاعت بفضل الله وبفضل تماسك شعبها وتكاتفه أن تعبرها.
سوف نواجه الجشع مع الحكومة وسوف نرشد من استهلاكنا مثلما تفعل الحكومة وسوف نتكاتف ونتكافل ونتضامن مع بعضنا وسوف نقف جميعًا صفًا واحدًا خلف قيادتنا، التى نثق أنها تريد لنا الخير دائما وتسعى جاهدة لتحقيق ذلك، وسوف نقف خلف بلدنا مصر التى تمر بأزمة حقيقية تستلزم منا جميعا هذا السلوك الوطنى وسوف نصم آذاننا ونغمض أعيننا عن أى حديث يراد به أن تخرج مصر عن طريقها الذى رسمته لنفسها منذ 8 سنوات.
إن الأوضاع صعبة لا ننكر، والأمر يتطلب بعض التوقف والمراجعة، هذا حقيقى وواقعى ومنطقى، وإنما أيضا كلنا يقين أن مصر وشعبها كانوا دائما وسيظلون قادرين على صنع المستحيل.