ال باتريوت الأمريكى إلى أوكرانيا».. هكذا يبدأ فصل جديد من الصراع بين روسيا والغرب على أرض كييف، العاصمة القديمة للإمبراطورية الروسية، والتى طالما حلم بوتين باستعادة أمجادها، وفزع الغرب من قيامها مجددا، وفى محاولة للوصول إلى مائدة المفاوضات، يظن الطرفان أنه كلما صعّد ضد الآخر أجبره على التفاوض، فهجمات صاروخية روسية ضد البنية التحتية الأوكرانية مقابل تصاعد فى الدعم العسكرى الغربى ل كييف لا ينذر إلا بمزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية والعسكرية وانسداد طريق المفاوضات بين الطرفين ومخاوف من اتساع رقعة الصراع تتزايد يومًا بعد يوم.
عقب إعلان الإدارة الأمريكية أواخر الشهر الماضى، عن عزمها إرسال منظومة الدفاع «باتريوت» إلى كييف، جاء الرد الروسى شديد اللهجة، حيث صرحت السفارة الروسية فى واشنطن، بأن نقل أنظمة «باتريوت»... سيكون خطوة استفزازية قد تؤدى إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
وسبق أن أرسلت روسيا مذكرة إلى دول الناتو بسبب إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وصرحت وزارة الخارجية الروسية، بأن دول الناتو « تلعب بالنار» بتزويد أوكرانيا بالسلاح.
من جانبه، قال دكتور العلوم العسكرية قسطنطين سيفكوف: « تسليم بطارية واحدة من صواريخ باتريوت المضادة للطائرات سيشكل تهديدا خطيرا لقواتنا المسلحة، فهذا النوع من أنظمة الدفاع الجوى مداه طويل وهو أحد أكثر الأنظمة فاعلية فى العالم».
وتابع الخبير الروسى: «بحصول أوكرانيا على صواريخ باتريوت، تظهر لديها فرصة لإنشاء نظام دفاع جوى متعدد الطبقات، يشمل ثلاثة مستويات من أنظمة الدفاع الجوى؛ باتريوت بعيد المدى، وNASAMS،
وIRIS-Tمتوسط المدى، بالإضافة إلى Crotale وعدد من المنظومات الغربية قصيرة المدى الأخرى».
وأشار إلى أن امتلاك كييف 150 (بطارية) دفاع جوى من مختلف الأنواع، سيساعد القوات المسلحة الأوكرانية على إغلاق السماء بالكامل فوق أراضيها الآن، وفقًا لتقديراتى، لديهم حوالى 20 منها.
أما الخبير العسكرى أليكسى ليونكوف، فشكك فى أن تتيح الإمدادات الجديدة للقوات المسلحة الأوكرانية إنشاء نظام دفاع جوى متعدد الطبقات، فـ(الدفاعات) منفصلة، أو كما يسميها العسكريون «جزر الدفاع الجوى»، واستخدام الطيران أحيانًا من قبل الجيش الأوكرانى لن يؤثر فى الوضع التكتيكى العام للعملية العسكرية الروسية الخاصة، بحسب « روسيا اليوم».
وفى إطار التصعيد المستمر فى الدعم الغربى بقيادة الولايات المتحدة للجيش الأوكرانى، كشفت صحيفة «واشنطن بوست»، منتصف الشهر الماضى، نقلا عن مسئولين أمريكيين مطلعين، أن الولايات المتحدة تخطط لإرسال معدات إلكترونية تحول الذخائر الجوية غير الموجهة إلى «قنابل ذكية».
وبحسب المصدر، فإنه من شأن هذا الدعم العسكرى الأمريكى أن يتيح درجة عالية من الدقة فى الاستهداف لدى الجيش الأوكرانى الذى تفصله أشهر قليلة عن إكمال عام من مواجهة العمليات العسكرية الروسية.
ولم يتوقف الدعم الأمريكى ل كييف عند هذا الحد، بل حثت واشنطن حلفاءها الغربيين على إرسال المزيد من الأسلحة، وجاءت فى الصدارة ألمانيا بإعلان مشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية، فى 5 يناير الجارى، أنها سترسل، مركبات قتال مدرعة لأوكرانيا، إضافة إلى تزويدها بمنظومة دفاع جوى من طراز «باتريوت» أيضًا لتحذو حذو واشنطن.
وجاء ذلك الإعلان بعد قرار فرنسى صدر فى وقت سابق من الأسبوع الماضى بتزويد كييف بمركبات استطلاع تم وصفها بأنها «دبابات خفيفة»، وتعهد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لنظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، فى مكالمة هاتفية، بتسليم كييف «دبابات قتالية خفيفة»، من نوع AMX-10 RC، وفق ما أعلن الإليزيه فى بيان له، ووفق البيان فإن «هذه هى المرة الأولى التى تزود فيها القوات الأوكرانية دبابات ذات تصميم غربى»، فيما لم يتم الكشف عن العدد وموعد التسليم، بحسب «فرنس24».
ودخل على خط الدعم الغربى، بعد ألمانيا وفرنسا، كل من بولندا وإنجلترا، حيث أعلنت بولندا أنها «ستدعم أوكرانيا بدبابات « ليوبارد» بالتعاون مع دول غربية أخرى»، وبحسب الإذاعة البولندية، فقد أرسلت السلطات البولندية أكثر من 200 دبابة من طراز T207 وعشرات من عربات المشاة القتالية، وتوقعت بولندا استلام دبابات «ليوبارد» الألمانية، حيث يمتلك الجيش البولندى 126 دبابة من طراز A42 و105 دبابات من طراز 2A5.
من جهتها، أعلنت ألمانيا أنها لا تستبعد تسليم أوكرانيا دبابات «ليوبارد»، وهى مركبات قتالية أثقل من مركبات «ماردير»؛ لدعم القوات المسلحة الأوكرانية فى المستقبل، كما تدرس بريطانيا تزويد أوكرانيا بالدبابات لأول مرة بعد ما كانت المناقشات جارية لبضعة أسابيع حول تسليم دبابة القتال الرئيسية «تشالنجر 2» التابعة للجيش البريطانى، بحسب تقرير لقناة «العربية».
وعن تأثير زيادة الدعم العسكرى الغربى وانعكاساته، قال الأكاديمى والمحلل السياسى، آرثر ليديكبرك، لموقع «سكاى نيوز عربية»، إن «إصرار بوتين على مفاوضات مشروطة بـ «حقائق اليوم» يدفع الغرب لمضاعفة المساعدات العسكرية فى محاولة لإسناد كييف وتحقيق تقدمها أمام القوات الروسية، ومن ثم تغيير موقف موسكو».
وأضاف ليديكبرك، إن «الدعم العسكرى والتأكيد الدائم من قِبل قادة دول أوروبا، يعطيان رسائل ل روسيا بأن رهانات توقفها غير مطروحةٍ، رغم الأزمات الاقتصادية، وهو ما كان يعول عليه الرئيس الروسى لوقف الحرب وتداعياتها، فأمريكا تدير الحرب بطريقة غير مباشرة، وتعلم جيدًا أن هناك العديد من الأمور التى قد تدفع بإنهاء المعارك؛ منها الانهيار الداخلى جراء مقتضيات الحرب كما حدث مع ألمانيا نهاية الحرب العالمية الأولى».