"السحابة السوداء".. كان الاسم المعروف لحرق قش الأرز خلال موسم الحصاد، ولكن مؤخرا تحول هذا القش إلى مواد مصنعة لأهم المنتجات الزراعية والبلاستيكية خلال الفترة الماضية، وهذا ما نجحت فيه إحدى الفرق البحثية بمعهد الهندسة الزراعية التابع لمركز البحوث الزراعية بتحويل بعض المخلفات الزراعية، مثل قش الأرز ونوى البلح والزيتون إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية عالية، وستقلل من فاتورة الاستيراد فى بعض المنتجات.. نجح معهد بحوث الهندسة الزراعية التابع لمركز البحوث الزراعية فى تصميم وتصنيع وحدة إنتاجية نصف صناعية لإنتاج الفحم الحيوى من مخلفات زراعية مختلفة، مثل قش وسرسة الأرز وتفله وبذرة الزيتون ونوى البلح ومخلفات تقليم الأشجار.
قال مدير معهد الهندسة الزراعية د. حازم مهاود إن فريقا بحثيا من المعهد نجح فى إنتاج وتصنيع الكربون النشط والزيت الحيوى من مخلفات زراعية مختلفة، حيث تم تركيب الوحدة التى تعمل بطاقة نصف طن يوميا فى فرع المعهد بمركز ميكنة الأرز بميت الديبة محافظة كفر الشيخ.
ونفذ المشروع فريق بحثى مكون من د. هشام عبد المنعم فرج ود. محمد الخولى وباحثين آخرين، حيث أتم الفريق البحثى تصنيع الوحدة السابقة، إضافة إلى وحدة تجريبية لتصنيع البلاستيك المركب من مخلفات زراعية وصناعية، وتم تركيبها فى فرع المعهد بمحطة بحوث واختبار الآلات والجرارات الزراعية بالإسكندرية.
من جانبه، أشار أستاذ الهندسة الزراعية بمركز البحوث الزراعية د. هشام عبد المنعم فرج، ورئيس الفريق البحثى القائم على المشروع لـ «أكتوبر» إلى أن المشروع له ثلاث منتجات أساسية، وهى الفحم الحيوى والفحم النشط و الكربون الحيوي، بالإضافة إلى منتج آخر تم إنتاجه من خلال بعض الفلاتر وهو الزيت الحيوي.
وعن الجدوى الاقتصادية للفحم النشط و الكربون الحيوى أحد مخرجات النموذج الجديد قال إن الوحدة تقوم بإخراج 4 منتجات جديدة، أولها الفحم الحيوى أو «البيوشار»، وهو أحد المنتجات التى يتم إضافتها إلى التربة لتحسين خصائصها، وأحد المواد التى أصبح عليها طلب شديد خلال الفترة الأخيرة؛ لأهميتها فى تحسين جودة التربة من حيث رفع قدرة التربة على امتصاص المياه وإضافة بعض المغذيات الطبيعية على اعتبار أنه منتج من مواد طبيعية نباتية ويعتبر الفحم الحيوى هو أقل المواد سعرا فى تحسين جودة التربة وأفضلهم قيمة ويصل سعره إلى 4 جنيهات فقط للكيلو و4000 جنيه للطن وهذا المنتج أعطى قيمة كبيرة لقش وسرسة الأرز.
واستطرد فرج: هناك الفحم النشط ونعمل على تصنيعه من نوى الزيتون والبلح، وهو له مواصفات أعلى من الفحم الحيوي، وله العديد من الاستخدامات داخل الزراعة وخارجها، حيث يستخدم فى تنقية المياه ومعالجتها داخل الفلاتر، بالإضافة إلى بعض الاستخدامات الصناعية والطبية ويصل سعر»الشيكارة»، والتى يصل وزنها إلى 25 كيلو بحوالى 2000 جنيه وهناك عدد قليل من المنتجين فى السوق المصرى يقومون بإنتاجه ونعتمد على استيراده بشكل أساسى من الهند ونحاول خلال الفترة القادمة تكثيف إنتاجه لتقليل فاتورة الاستيراد.
وتابع أستاذ الهندسة الزراعية بمركز البحوث الزراعية د. هشام عبد المنعم فرج أنه بالرجوع للمنتج الأول، وهو الفحم الحيوى لابد أن نرفع من وعى المزارع بأهميته فى تحسين جودة التربة وهى مهمة معهد الأراضى والمياه والزملاء المسئولين عن الإرشاد لأن الأمر مازال قاصرا على استخدام كبار المستثمرين والمزارعين؛ لأنهم على دراية بالقيمة الإنتاجية لهذا المنتج.
وتابع أن المشروع كان له قسم آخر، وهو نموذج لتصنيع البلاستيك الخشبي، وهى وحدة أخرى الهدف منها استخدام مخلف قش أو سرسة الأرز ويضاف إليها مخلفات أخرى، ويتم طحنها وبعدها يتم إضافة مادة لاصقة، مثل الغرى المصري، بحيث يحدث تجانس بين المادتين ونضعها فى وحدة أخرى، بحيث تتعرض إلى التبريد المفاجئ لتخرج مادة صلبة يتم بيعها إلى مصانع البلاستيك لتصنيع المنتجات وتخرج فى شكلها الحالى الموجود فى الأسواق وتلك المنتجات البلاستيكية المصنوعة من المخلفات الزراعية موجودة فى العالم كله وتتميز بالصلابة الشديدة مع خفة الوزن، مما يعطى لها أولوية فى الاستخدام.
ومن العقبات التى واجهت الفريق البحثى خلال العمل قال فرج: أولها تغيير الأسعار لأن أى مشروع لابد من تقديم ميزانية له ومع البدء فى المشروع تغيرت تلك الأسعار، مما أثر على الميزانية، حيث استغرق تصميم النموذجين عمل لمدة 36 شهرا، تغيرت فيهم الأسعار أكثر من مرة، وبالتالى تم الاستغناء عن بعض البنود، مثل النشر الدولى للبحث وإنه قام الفريق البحثى بنشره لاحقا على حسابه الخاص، بالإضافة إلى تعثر عرض المشروع بالخارج، وإن تم إيجاد بديل من خلال عرض ماكيت المشروع من خلال الفيديو كونفرنس بالمؤتمرات .
وأضاف: وفى محاولة لتقليل النفقات قمنا بتصنيع بعض الأجزاء داخل ورشة المعهد ومن الصعوبات الأخرى التى واجهت الفريق، وإن كنا نعتبرها نجاحا وتحديا، وهى المادة التى تلحم المواد البلاستيكية بعد الطحن فهى مادة نستوردها من ألمانيا والكيلو الواحد كان يكلف حوالى 800 يورو، ولكن مع تعذر الاستيراد لأن عمل المشروع كان أثناء فترة الكورونا حاولنا إيجاد بديل محلى وهو الغرى المصرى والذى أعطى نتائج مذهلة.
عن كيفية التسويق للمشروع قال إن هناك أكثر من طريقة لتسويق المشروعات البحثية والبحوث التطبيقية الخاصة بالمعهد، والتى يكون لها مردود المجال الأول وهى وحدة ذات طابع خاص تم إنشاؤها؛ بهدف نقل التكنولوجيا الجديدة للمزارعين ورجال الأعمال المهتمين بمجال الهندسة الزراعية، ومن خلال تلك الوحدة يتم عمل بروتوكولات تعاون مع الورش والمصانع أو مع الجهة الراغبة فى الاستفادة من النموذج.
وقال أستاذ الهندسة الزراعية بمركز البحوث الزراعية د .هشام عبد المنعم فرج، إن المركز لديه وحدة خاصة لتسويق الابتكارات عن طريق المشاركة فى المعارض وعرض المنتجات الخاصة بالمعهد على المستثمرين ورجال الأعمال، مثل المؤتمر الأول للابتكارات تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح الرئيسي، والذى حضر الافتتاح بنفسه وشاهد بعض المنتجات الخاصة بمركز البحوث الزراعية.