إمام الدعاة

إمام الدعاةسعيد عبده

الرأى20-1-2023 | 14:20

فى الآونة الأخيرة شهدت كثير من المواقع فى وسائل التواصل الاجتماعى، بل وأيضًا بعض القنوات التليفزيونية هجومًا شديدًا على العالم الراحل إمام الدعاة فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى.

يتم ذلك رغم وفاة فضيلة الإمام منذ أكثر من عشرين عامًا حيث رحل عن دنيانا إلى دار الحق وترك خلفه إرثا كبيرا للعالم الإسلامى يتمثل فى أكبر سلسلة صوتية ومرئية من أحاديثه حول خواطره فى تفسير القرآن الكريم.. لمدة سنوات عديدة لم يكل أو يمل منذ أن بدأ حتى رحيله من خلال حديث رائع يتقبله كل مسلم أو إنسان واع بكل ترحيب، حديث من القلب إلى القلب.. حديث كان يجمع حوله مباشرة فى المسجد آلاف المصلين من مختلف طبقات الشعب منهم الرجل البسيط أو المتعلم أوالذى لا يعرف القراءة والكتابة ومنهم المثقف، وكم من أساتذة كبار كانوا يتابعون أحاديثه يتعلمون ويفهمون من علمه الذى حباه الله به.

مرت بنا سنوات كثيرة، ولم يجُد الزمان بمثل هذا الرجل وعلمه وخلقه ورسالته التى كانت رسالة حياة، سخر كل شىء من أجل إيصالها للجميع.

هذه الرسالة كان يحملها خلال تواجده بالجزائر والسعودية وأيضًا فى مصر، فقد كان من أوائل الدعاة فى العصر الحديث الذى حاز على قلوب وعقول الملايين من المسلمين فى مصر والعالم.

لقد قرب إلينا التفسير دون عنعنات، بلغة عربية واضحة، وضرب الكثير من الأمثال ليقترب منا مهما اختلفت ثقافتنا وأعانه الله على ذلك.. وتولى الشيخ الشعراوى وزارة الأوقاف بعد مقتل الشيخ الذهبى رحمة الله عليه وكان يكافح الإرهاب بأشكاله المختلفة مساندًا للدولة.

ولكن أعتقد أنها موجة قديمة وجديدة فى نفس الوقت، فلم يمر وقت إلا وهوجم الشيخ الشعراوى، وقديمًا قالوا «لا ترجم إلا الشجرة المثمرة».

كان لى الشرف من ثمانية وعشرين عامًا بدار أخبار اليوم أن شاركت فى إصدار خواطر الشيخ الشعراوى وكان يعمل معنا فى هذا العمل الجليل علماء أفاضل مثل الدكتور أحمد عمر هاشم أطال الله فى عمره والشيخ السنراوى والأستاذ أحمد زين الصحفى الراحل ابن اخبار اليوم وفريق كبير استمر يتواصل فى هذا العمل الكبير من حيث الإعداد والمراجعة والتصحيح والإخراج ليستفيد منه أكبر عدد من المسلمين، ولأول مرة فى تاريخ الكتاب العربى كنا نطبع من أجزاء الخواطر نصف مليون نسخة كل خمسة عشر يومًا.

وأيضًا استخرجنا من هذه الأحاديث العديد من الكتب وسلسلة تحت عنوان مكتبة الشعراوى فى حجم صغير وسعر زهيد لتصل إلى أكبر عدد ممكن من الناس داخل مصر وخارجها.

وخير دليل على تأثير فضيلة الشيخ الراحل هو حديثه الذى كان يذاع بعد صلاة الجمعة أثناء حياته وأيضًا بعد وفاته إلى الآن.

من منا لم يسمع دعاء الشيخ الشعراوى بعد كل أذان، من منا لم يتأثر ويتعلم مما قدمه الشيخ من علم ينفع وتأثرنا به جميعًا إلا من أغلق الله قلبه عن علوم إسلامية ينتفع بها وتساعدنا على فهم أمور كثيرة فى ديننا الحنيف.

إن الزمان يجود كل قرن بمجدد فى الإسلام، أعتقد أن الشيخ الشعراوى من المجددين فى الإسلام الذين سخرهم الله وأعطاهم العلم لمنفعة المسلمين.

أكثر من عشرين عامًا ومازال تأثير الراحل كما هو، بل يزداد مع أجيال لم يعاصروه من خلال كافة وسائل البث المختلفة المرئية أو المسموعة أو المقروءة.

كيف لا تفخر أمة وشعب يكون من أبنائها عالم مثل الشيخ.. أم أن البحث عن الشهرة هو التنكيل برموز دينية تستحق الاحترام والتبجيل.. نحن لا نقدس الشيخ ولكن نتعلم منه ومن علمه وأعتقد أننى وعلى ضعف وتواضع علمى عرفت الكثير منه.

هو فى النهاية بشر.. يخطئ ويصيب، ولكن يجتهد وكل له أجر.. أليس بينكم رجل رشيد يعلم قيمة العالم ويحترمه، أم أن كل شىء تحت بند النقد والاختلاف متاح لهدمه؟.. نعم مطلوب طمس الهوية الدينية وتغييب وتهميش كل شىء.

الكل لديه القدرة على الفتوى حتى فى الدين والتهجم على رموزه، ولكن نقول للمتحدث مهما كان إنه لن يطال منه أو من رموز هذا البلد على مر التاريخ.

نعم كل شعب له رموزه نتعلم منهم، ولكن النقد يجب أن يكون من أهل الاختصاص، وقد حبا الله كل منا بشىء لنحتاج إلى بعضنا البعض ولكن لا يوجد منا من يعلم كل شىء ويتاح له الهجوم على أى شىء.

صبرًا.. ووقفة مع النفس، ولو عدنا إلى الوراء منذ أكثر من أربعين عامًا ودائمًا وأبدًا تبدأ موجة فى الهجوم والنقد غير الواقعى والمنظم، هل من أجل أن لا يوجد لدينا عالم أو رجل دين مستنير؟

وبعد كل هذا نطالب بتجديد الخطاب الدينى، أين هذا ومن فعلها منذ رحيل الشيخ وحتى يومنا هذا إلا النذر اليسير؟

لقد كان الراحل من المدافعين عن الوسطية والمجدد فى خطابه إلى عامة الناس وكل الطبقات من الشعب، وكان أيضًا ضد الجماعات الإسلامية والتى كانت لها دور كبير فى تشويه الإسلام فى العديد من أماكن العالم بل وأيضًا جعلت صورة الإسلام مشوهة أو مرتبطة بالإرهاب.

تعلمنا الكثير وسيظل الأزهر الذى تخرج منه علماؤنا منارة العالم الإسلامى والذى صدر للعالم كل مفاهيم الإسلام الوسطى وتعاليمه لأجيال وراء أجيال بمصر والعالم الإسلامى تفخر بتخرجها من هذه المنارة التى تزخر بعلمائها على مر الزمان.

رفقًا بنا أيها الباحثون عن الشهرة والأحلام من هذه الحملات المشبوهة تحت بند النقد أو تجديد أفكار بهدم الرموز الدينية.. حفظ الله مصر وحفظ الإسلام إلى يوم الساعة.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2