بالأرقام.. ‬الطلاق‭ ‬أخطر‭ ‬وباء‭ ‬اجتماعي‭ ‬يواجه‭ ‬الوطن‭ ‬العربي

بالأرقام.. ‬الطلاق‭ ‬أخطر‭ ‬وباء‭ ‬اجتماعي‭ ‬يواجه‭ ‬الوطن‭ ‬العربيالطلاق

الدين والحياة21-1-2023 | 11:45

ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الطلاق‭ ‬هو‭ ‬كارثة‭ ‬العصر،‭ ‬ويعد‭ ‬‭ ‬أحد‭ ‬أخطر‭ ‬الملفات‭ ‬التى‭ ‬أقحُمت‭ ‬بشكل‭ ‬مفاجئ‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وأسفر‭ ‬ذلك‭ ‬عن‭ ‬تفكك‭ ‬الأسر‭ ‬بصورة‭ ‬مرعبة‭ ‬وغير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬ما‭ ‬استلزم‭ ‬من‭ ‬دار‭ ‬الإفتاء‭ ‬المصرية‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحجيم‭ ‬الأزمة‭ ‬ووضع‭ ‬أطر‭ ‬علمية‭ ‬للحد‭ ‬منها‭.‬

وتؤكد ‬دراسة‭ ‬دار‭ ‬الإفتاء‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬1200‭ ‬فتوى‭ ‬خاصة‭ ‬بالطلاق‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬بجهود‭ ‬شاقة‭ ‬من‭ ‬المؤشر‭ ‬العالمى‭ ‬للفتوى‭ ‬التابع‭ ‬لدار‭ ‬الإفتاء،‭ ‬وكشفت‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬صادمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬الطلاق‭ ‬فى‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬وليس‭ ‬المجتمع‭ ‬المصرى‭ ‬فقط‭.‬

وتوضح‭ ‬الدراسة‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬تساؤلات‭ ‬المستفتين‭ ‬والإجابة‭ ‬عنها‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬أسباب‭ ‬الطلاق‭ ‬تمحورت‭ ‬حول‭ ‬عوامل‭ ‬ثلاثة‭: ‬

الأول‭: ‬هو‭ ‬العامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وجاء‭ ‬بنسبة‭ (‬43%‭)‬،‭ ‬وأبرز‭ ‬أمثلته‭ ‬الواردة‭ ‬فى‭ ‬الفتاوى‭: ‬ارتفاع‭ ‬أعباء‭ ‬وتكاليف‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬وكذلك‭ ‬بطالة‭ ‬الزوج‭ ‬وعدم‭ ‬عمله،‭ ‬وأخيرا‭ ‬إنفاق‭ ‬الزوجة‭ ‬على‭ ‬منزل‭ ‬الزوجية‭ ‬من‭ ‬ذمتها‭ ‬المالية‭ ‬الخاصة‭.‬

‬الثانى:‭ ‬فكان‭ ‬اجتماعيًّا‭ ‬وأُسريًّا،‭ ‬وجاء‭ ‬بنسبة‭ (‬37%‭)‬،‭ ‬وأبرز‭ ‬أمثلته‭ ‬فى‭ ‬عينة‭ ‬الفتاوى‭ ‬المذكورة،‭ ‬تدخُّل‭ ‬الأهل‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬الزوجين‭ ‬أو‭ ‬أحدهما،‭ ‬والزواج‭ ‬المبكر،‭ ‬وإدمان‭ ‬المخدرات،‭ ‬والعنف‭ ‬الجسدى‭ ‬أو‭ ‬اللفظى‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬والحملات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المؤسسات‭ ‬النسوية‭ ‬لتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭.‬

وتمثل‭ ‬العامل‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬فتاوى‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحليل‭ ‬عينة‭ ‬الفتاوى،‭ ‬والذى‭ ‬جاء‭ ‬بنسبة‭ (‬20%‭)‬،‭ ‬كان‭ ‬خاصًّا‭ ‬بالوسائل‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬وأهم‭ ‬أمثلته‭ ‬إدمان‭ ‬الإنترنت‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أحد‭ ‬الزوجين‭ ‬أو‭ ‬كليهما؛‭ ‬مما‭ ‬يؤدى‭ ‬بدوره‭ ‬للعُزلة‭ ‬الأسرية؛‭ ‬ومن‭ ‬ثَمّ‭ ‬الخيانة‭ ‬الزوجية‭ ‬فالطلاق‭.‬

وأشارت‭ ‬الدراسة‭ ‬التى‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مؤشر‭ ‬الفتوى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ (‬60%‭) ‬من‭ ‬فتاوى‭ ‬الطلاق‭ ‬عربيًّا‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬وهيئات‭ ‬إفتائية‭ ‬رسمية،‭ ‬ولكن‭ (‬40%‭) ‬منها‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬دعاة‭ ‬غير‭ ‬رسميين‭ ‬ومواقع‭ ‬فتاوى،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مواقع‭ ‬إلكترونية‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعى‭.‬

ولفت‭ ‬المؤشر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ (‬58%‭) ‬من‭ ‬المستفتين‭ ‬فى‭ ‬فتاوى‭ ‬الطلاق‭ ‬“رجال”‭ ‬و‭(‬25%‭) ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬فيما‭ ‬صدرت‭ ‬فتاوى‭ ‬بنسبة‭ (‬17%‭) ‬بدون‭ ‬مستفتٍ‭ ‬أو‭ ‬بمبادرة‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬الإفتائية‭ ‬أو‭ ‬الدعاة‭ ‬والشيوخ‭ ‬المفتين‭.‬

فتاوي الطلاق
وعن‭ ‬نسب‭ ‬اعتدال‭ ‬وتشدد‭ ‬أو‭ ‬تساهل‭ ‬فتاوى‭ ‬الطلاق‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2022؛‭ ‬أوضحت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ (‬70%‭) ‬من‭ ‬إجمالى‭ ‬فتاوى‭ ‬العينة‭ ‬اتسمت‭ ‬بالاعتدال‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الشرعية،‭ ‬وراعت‭ ‬القواعد‭ ‬الفقهية‭ ‬المعتبرة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الباب،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬جاءت‭ (‬26%‭) ‬منها‭ ‬متشددة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬جوانب؛‭ ‬كان‭ ‬أهمها‭ ‬إجابة‭ ‬المستفتين‭ ‬مباشرة‭ ‬دون‭ ‬حضورهم‭ ‬أو‭ ‬مواجهتهم‭ ‬بكل‭ ‬جوانب‭ ‬المسألة،‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬خضوع‭ ‬الفتوى‭ ‬ذاتها‭ ‬لمراحل‭ ‬إفتائية‭ ‬تراعى‭ ‬كافة‭ ‬الأطراف،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬جاءت‭ ‬نسبة‭ ‬الفتاوى‭ ‬المتساهلة‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ (‬4%‭).‬

وأما‭ ‬عن‭ ‬المنهجية‭ ‬الإفتائية‭ ‬المتبعة‭ ‬فى‭ ‬فتاوى‭ ‬الطلاق‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬العربية‭ ‬وفتاوى‭ ‬الدعاة‭ ‬غير‭ ‬الرسميين‭ ‬على‭ ‬مواقعهم‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا،‭ ‬أوضح‭ ‬مؤشر‭ ‬الفتوى‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الهيئات‭ ‬الإفتائية‭ ‬الرسمية‭ ‬تتبع‭ ‬طريقة‭ ‬منظمة‭ ‬ومنضبطة‭ ‬تمر‭ ‬بثلاث‭ ‬مراحل؛‭ ‬حيث‭ ‬تبدأ‭ ‬بتعامل‭ ‬أمين‭ ‬الفتوى‭ ‬معها،‭ ‬فإذا‭ ‬لم‭ ‬يتيسَّر‭ ‬الحل‭ ‬له‭ ‬بوجود‭ ‬شكٍّ‭ ‬فى‭ ‬وقوعه‭ ‬تُحال‭ ‬إلى‭ ‬لجنة‭ ‬مختصة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬علماء‭.‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬شبهة‭ ‬فى‭ ‬وقوع‭ ‬الطلاق،‭ ‬تحال‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬رتبة‭ ‬إفتائية‭ ‬فى‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وقد‭ ‬يستضيف‭ ‬أطراف‭ ‬واقعة‭ ‬الطلاق‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬وقوعه‭ ‬أو‭ ‬لإيجاد‭ ‬حل‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬نواة‭ ‬المجتمع،‭ ‬حيث‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإفتائية‭ ‬الرسمية‭ ‬لا‭ ‬تجيب‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬فتوى‭ ‬إلكترونية‭ ‬خاصة‭ ‬بالطلاق،‭ ‬وتحيلها‭ ‬إلى‭ ‬الحضور‭ ‬فى‭ ‬الدار‭ ‬أو‭ ‬الاتصال‭ ‬الهاتفى‭.‬

كما‭ ‬أنها‭ ‬تجيب‭ ‬عن‭ ‬الزوج‭ ‬فقط‭ ‬فى‭ ‬الطلاق‭ ‬لأنه‭ ‬المالك‭ ‬له‭ ‬وتحقق‭ ‬معه‭ ‬ولا‭ ‬تجيب‭ ‬الزوجة‭ ‬بل‭ ‬تلزمها‭ ‬بحضور‭ ‬الزوج،‭ ‬هذا‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬تسأل‭ ‬فى‭ ‬لفظ‭ ‬الطلاق،‭ ‬هل‭ ‬وقع‭ ‬باللفظ‭ ‬الصريح‭ ‬فيحقق‭ ‬فى‭ ‬إدراكه‭ ‬وإملاكه،‭ ‬وأن‭ ‬وقع‭ ‬بالكناية‭ ‬فيسأل‭ ‬عن‭ ‬نيته‭ ‬حينئذ‭.‬

وأما‭ ‬فتاوى‭ ‬الطلاق‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬الدعاة‭ ‬المستقلين‭ ‬أو‭ ‬مواقع‭ ‬الفتوى‭ ‬غير‭ ‬الرسمية،‭ ‬فوجد‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭ ‬والخلل،‭ ‬منها‭ ‬أنها‭ ‬تجيب‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬فتوى‭ ‬إلكترونية‭ ‬دون‭ ‬التحقيق‭ ‬مع‭ ‬مستفتيها‭ ‬وتحقّق‭ ‬وقوع‭ ‬الطلاق‭ ‬فيها،‭ ‬وتضع‭ ‬الفتوى‭ ‬عند‭ ‬التشكك‭ ‬فى‭ ‬شيء‭ ‬باختيار‭ ‬المستفتى‭ ‬بين‭ ‬الشيئين‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬فتاوى‭ ‬الطلاق‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬وحتى‭ ‬أقارب‭ ‬الزوجين،‭ ‬وهذا‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التساهل‭ ‬فى‭ ‬الفتوى‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تعرض‭ ‬الفتاوى‭ ‬الإلكترونية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالأشخاص‭ ‬وتعيد‭ ‬نشرها‭ ‬للعوام‭ ‬كل‭ ‬فترة،‭ ‬ويتم‭ ‬إيقاع‭ ‬الطلاق‭ ‬دون‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬نية‭ ‬المستفتى‭ ‬وهو‭ ‬الزوج‭ ‬هنا‭ ‬وكشف‭ ‬حالاته‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجوانب‭.‬

وحذرت‭ ‬الدراسة‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬الطلاق‭ ‬فى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬فتوى‭ ‬الطلاق‭ ‬تُعد‭ ‬أمانة‭ ‬فى‭ ‬عنق‭ ‬المفتى،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عالمًا‭ ‬بكل‭ ‬أحكام‭ ‬الطلاق،‭ ‬وعدد‭ ‬مرات‭ ‬الطلاق،‭ ‬والطلاق‭ ‬الرجعى‭ ‬والبائن‭ ‬بنوعَيه،‭ ‬وطلاق‭ ‬الصريح‭ ‬وطلاق‭ ‬الكناية‭ ‬وطلاق‭ ‬المنجز‭ ‬وطلاق‭ ‬المعلق‭ ‬وطلاق‭ ‬الغضبان،‭ ‬والفرق‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الظهار‭ ‬والخلع،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أحكام‭ ‬الطلاق؛‭ ‬فكل‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬له‭ ‬شروط‭ ‬وضوابط،‭ ‬فيجب‭ ‬على‭ ‬الذى‭ ‬يُفتى‭ ‬فى‭ ‬فتاوى‭ ‬الطلاق‭ ‬السماع‭ ‬لكلا‭ ‬الزوجين‭ ‬حتى‭ ‬تخرج‭ ‬الفتوى‭ ‬منضبطة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الشرعية‭ ‬ومؤسسة‭ ‬للاستقرار‭ ‬الأسرى‭ ‬والمجتمعى‭.‬

أضف تعليق