استباحت الوكالات الإعلانية دم الأغنية وحقوق صناعها دون حسيب ولا رقيب، واستغلت بعض الراقصات الروائع الغنائية لكبار المطربين أمثال أم كلثوم و عبدالوهاب و عبدالحليم و فيروز و سعاد حسنى ، وقاموا بالرقص على ألحانها فى الكليبات والأفلام.
ومن هذه الروائع ألف ليلة وليلة، غناء أم كلثوم وألحان بليغ حمدى، وفكرونى ألحان عبدالوهاب، وزى الهوا ل عبدالحليم وألحان بليغ حمدى، ويا واد يا تقيل وبانوا ل سعاد حسنى وألحان كمال الطويل وغيرها، حيث قامت راقصات مصريات وأجنبيات بالرقص عليها فى أفلام أو فى رقصات خاصة لحساب قنوات الرقص الشرقى وبعض القنوات الموسيقية التى انتشرت فى السنوات الأخيرة.
والوكالات الإعلانية هى الأخرى لم ترحم ملحنى وشعراء هذه الروائع، لضمان انتشار إعلاناتها دون أن تؤدى حقوق الأداء العلنى لأصحابها أو ورثتهم، ومن هذه الألحان نشيد " الوطن الأكبر"، لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وأغنيات "أنا لك على طول"، و"ضحك ولعب وجد وحب"، و"دقوا الشماسى" للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وإيرما لادوس لشادية، و"بشرة خير" لحسين الجسمى، و"الحلوة لسة صغيرة" للسيندريلا الراحلة سعاد حسنى، و"ما تحسبوش يا بنات" للفنان الموسيقار هانى شنودة وفرقة المصريين.
ومن الأغنيات الشهيرة التى تمت استباحة دمها فى الكثير من الإعلانات، أغنية " يا مصطفى يا مصطفى" للموسيقار الراحل محمد فوزي، والذى يعتبر من أكثر الملحنين والمطربين الذين يتم السطو على أغنياتهم وألحانهم، لأنه كان من الفنانين العباقرة السابقين لعصرهم، سواء هو أو الموسيقار العبقرى بليغ حمدي.
ولم ترحم الوكالات الإعلانية، روائع الأفلام والمسلسلات المصرية، والشخصيات الدرامية التى ما تزال تعيش فى وجداننا من هذا العبث، وقامت بتقديم هذه الشخصيات فى إعلاناتها، وخاصة شخصية "الست أمينة" التى تعبر عن المرأة المطيعة المقهورة المستكينة، ونقيضها "سى السيد" القاسى المتجبر، والشخصيتان تم تقديمهما فى الثلاثية الرائعة التى قدمتها السينما عن رائعة أديب نوبل نجيب محفوظ وأخرجها المخرج الراحل حسن الإمام فى ثلاثة أفلام هي، "السكرية" و"بين القصرين"، و"قصر الشوق".
والمشكلة أنه رغم ترسانة القوانين المحلية والمواثيق الدولية التى تحمى الملكية الفكرية وتمنع استغلال أى عمل فنى دون الرجوع إلى أصحابه الحقيقيين أو ورثتهم، فإن شركات الإعلانات وبعض الفنانين والراقصات لا يعترفون بتلك القوانين، ويستحلون العبث بتراثنا الفنى العظيم، مستغلين تساهل أصحاب هذه الأعمال وورثتهم فى المطالبة بحقوقهم وعدم لجوئهم للقضاء أو شرطة المصنفات الفنية لمنع ومصادرة ووقف الإعلانات وأغنيات الفيديو كليب ومشاهد الأفلام والمسرحيات التى تشوه الأعمال الأصلية وتستبدل كلماتها الراقية بكلمات أخرى مبتذلة من أجل الترويج لسلعة أو عمل فنى من الدرجة الثالثة.
ولو تخلى نجوم الفن وورثتهم عن سلبيتهم، وتواصلوا مع الرقابة على المصنفات الفنية ونقابات الفنانين لوقف عرض مثل تلك الإعلانات، لما استباح المعلنون ونجوم الفن الهابط أعمال زمن الفن الجميل.