كشفت دار الإفتاء عن المراد من قول الله تعالى فى سورة الواقعة: "لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ".
وقالت الإفتاء على موقعها الإلكترونى: "إن الآية ظاهرة فى تحريم مس المصحف لمَن لم يكن على طهارة؛ لأن قوله تعالى: "لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ" نهى، ولفظه وإن كان فى صورة الخبر، فهو خبر لفظًا، نهى معنى؛ لأنّ خبر البارى سبحانه وتعالى لا يخالف الواقع، ونحن نشاهد مَن يمسه وهو على غير طهارة. وقد قال علماء البيان إن التعبير بالخبر عن النهى أبلغ من صريح الأمر والنهى؛ لأنَّ المتكلم لشدة تأكُّد طَلَبِه نَزَّلَ المطلوب منزلة الواقع لا محالة.
وأضافت الإفتاء: "كما أن الله تعالى قد وصفه بـ "التنزيل"، وهذا الوصف ظاهر فى المصحف الذى بين أيدينا، فلا يحمل على غيره إلا بدليل صحيح صريح، والمتوضئ يقال له لغة: مطهر ومتطهر، ولا إشكال".
وقد ورد فى السُّنَّة ما يفيد المنع من مس المصحف لمَن لم يكن على طهارة: من ذلك ما رواه الطبرانى فى "معجمه الكبير" عن ابن عمر رضى الله عنهما، أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ".
ولفظة "طاهر" حقيقة شرعية فى الطاهر طهارة حسية، وقد علمنا هذا من غالب استعمال الشرع كما فى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ".
وفيما رواه النسائى وابن ماجه فى "سننيهما" عن أسامة الهذلى رضى الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ"؛ فإذا أطلق لفظ الطاهر انصرف إليه، ولا يصار إلى غيره من المعانى المذكورة إلا بدليل.
واختتمت الإفتاء: "واعتبار الطهارة لمس المصحف الشريف هو مذهب جمهور الفقهاء؛ فلا يجوز مس المصحف للمحدث سواء أكان حدثه حدثًا أكبر أم أصغر؛ قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر "ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسّه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعى وأبى حنيفة والثورى والأوزاعى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبى ثور وأبى عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث فى أعصارهم".