سلطت صحيفة " واشنطن بوست" الأمريكية، الضوء على قرار ألمانيا مؤخرا بتوفير دبابات "ليوبارد" المتطورة ل أوكرانيا بعد شهور طويلة من رفض برلين السماح بإرسال ال دبابات ألمانية الصنع لكييف حتى تتمكن من مواجهة القوات الروسية خلال الحرب الدامية التي تدور رحاها في الوقت الراهن في أوكرانيا.
وأضافت الصحيفة ـ في مقال افتتاحي ـ أن عدول ألمانيا عن موقفها يأتي نتيجة للضغوط الهائلة التي تعرضت لها من جانب حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في محاولة لتعزيز القدرات القتالية للقوات الأوكرانية، موضحة أن قرار المستشار الألماني أولاف شولتز يتسم بالشجاعة، فضلا عن أنه يؤكد عزم الدول الغربية لمنع روسيا من إحراز أي مكاسب عسكرية من الحرب الحالية في أوكرانيا.
وتشير الصحيفة إلى أن الموقف الغربي من الحرب الحالية في أوكرانيا، يعكس مدى الإصرار على تماسك الدول الغربية والحفاظ على وحدة صفها في مواجهة موسكو على الرغم من التحديات والمخاطر التي قد تواجه الغرب نتيجة أي تصعيد عسكري أو تصادم أيديولوجي بين أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية.
وتعبر الصحيفة عن اعتقادها أن الدعم الواسع الذي تقدمه الدول الغربية ل أوكرانيا فضلا عن العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على روسيا تمنح أوكرانيا وضعا قويا خلال أي مفاوضات مع روسيا من أجل وضع نهاية للحرب المستعرة بين الطرفين منذ ما يقرب من عام بعد أن قامت موسكو بشن عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا في أواخر فبراير من العام الماضي.
وتشير الصحيفة، في هذا السياق إلى أنه على ضوء كل هذه الاعتبارات، تبرز أهمية الدعم الغربي ل أوكرانيا والذي من شأنه أن يحمل رسالة قوية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه لن يكسب الحرب في أوكرانيا، إلا أنه من الخطأ في نفس الوقت اعتبار موقف الناتو الداعم ل أوكرانيا مسألة بديهية أوتجاهل الكثير من الخلافات داخل الحلف سواء كانت خلافات كبيرة أو صغيرة.
وتضيف الصحيفة" أن دول الناتو تمكنت من التضامن مع أوكرانيا في مواجهة روسيا بفضل نوع من حسن الحظ بسبب الأحوال الجوية المعتدلة في أوروبا والتي قلصت من مخاوف الشعوب الأوروبية من المعاناة من أزمة موارد طاقة كبيرة في ظل قطع روسيا إمدادات الطاقة للدول الأوروبية والتي كانت تعتمد بشكل كبير على تلك الواردات في توفير احتياجاتها".
وتتناول الصحيفة موقف الدول الغربية الداعم ل أوكرانيا حيث تشير إلى حجم المساعدات غير المسبوقة التي تقدمها الولايات المتحدة ل أوكرانيا إلى جانب المساعدات التي توفرها العديد من الدول الأوروبية، علاوة على استقبال أوروبا للملايين من اللاجئين الأوكرانيين الذين فروا من ويلات الحرب في بلادهم وهو ما يمثل تحديا كبيرا للسلم الاجتماعي في الدول المضيفة لهؤلاء اللاجئين.
وتعبر الصحيفة عن اعتقادها أن الجدل الذي أثير في الفترة الأخيرة حول موقف ألمانيا من إرسال دبابات متطورة ل أوكرانيا يعد جرس إنذار لخلافات أخرى قد تظهر في الأفق بين دول التحالف الغربي والتي قد تهدد وحدة الصف بين الدول الغربية في الوقت الذي مازالت فيه الحرب في أوكرانيا مشتعلة.
وتقول الصحيفة في هذا الصدد على سبيل المثال إن استهداف روسيا للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا يمثل عبئا كبيرا على موارد الدول الغربية والتي يجب أن تدعم كييف للحيلولة دون انزلاقها في أزمة طاقة حادة وفي نفس الوقت مازالت كييف تطالب الدول الغربية بتقديم المزيد من الأسلحلة والذخائر من أجل تمكينها من صد الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية.
وتشير الصحيفة في الختام إلى أنه في الوقت الذي يسعى فيه حلف الناتو إلى زيادة الإنفاق العسكري ليواكب تطورات الحرب في أوكرانيا يقوم الرئيس بوتين بتعزيز قدراته القتالية في هذا الصراع المسلح والذي يعده حرب وجود بالنسبة لروسيا.