المراقب لارتفاع مؤشر القتل العشوائي بأمريكا، كمن يراقب جنون بورصة نيويورك، والمشهد العام يصور حالة من التطرف غير مسبوقة.
وقد رصد موقع "أرشيف عنف الأسلحة" الأمريكي عدد 33 واقعة إطلاق النار مع بداية العام الحالي، وذلك فى خلال 22 يوما.
وتكشف إحصائية أخري صادرة من مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" عن 1.3 مليون جريمة اعتداءات مسلحة وقعت فى السنوات الخمس الأخيرة.
ويدفع جنون القتل العشوائي كثيرا من الأمريكيين المسالمين إلي اقتناء السلاح، ولا يمنع ذلك القانون الأمريكي، فقد شرعت المحكمة الدستورية بواشنطن بحيازة أسلحة نارية.
ويلقي سوق السلاح خلال الأعوام القليلة السابقة طفرة فى المبيعات، وأرجعت التقارير ارتفاع جرائم القتل فى 2020 إلى فيروس كورونا، ولكن الواقع ينفى هذا.
ومازال البحث جاريا للكشف عن دوافع تفاقم ظاهرة القتل فى الشارع.
والجديد فى حوادث إطلاق النار، قتل ستة أشخاص داخل منازلهم وليس فى الشارع أو أمام مدرسة، ولم تمض ساعات وتقع مأساة إطلاق نار جديدة ويقتل فيها 10 ضحايا فى نادي رقص بلوس أنجلوس، إضافة إلي أعداد المصابين، وتعتبر خامس جريمة جماعية فى شهر واحد.
وعلق أحد أساتذة علم الجريمة بجامعة نبراسكا الأمريكية أن مقتل الرجل الأسود جورج فلويد أشعل أزمة ثقة فى الشرطة، ولم تلبث مشاعر الغضب أن تهدأ إلا وتتكرر نفس الجريمة ويقتل شرطي معلما ذا بشرة سوداء من خلال صعقه بمسدس كهرباء.
ولم يسلم بالطبع المسلمون من الاستهداف بالقتل، ففى أغسطس من العام الماضي قتل مسلحون بيض أربعة رجال مسلمين فى ولاية نيومكسيكو.
هوس العنصرية أو الكراهية، بما لايدع مجالا للشك، هو أحد الأسباب الرئيسية وراء جنون تزايد نسبة القتل، وهذا ما أكده "مركز دراسة الكراهية والتطرف" الأمريكي، والذى صرح بأن جرائم الكراهية تمثل الأعلي نسبة عن مثيلتها.
ويعرف مكتب التحقيقات الفيدرالي جريمة الكراهية بأنها تحيز ضد شخص أو جماعة علي أساس العرق أو الدين أو النوع، وأصحاب البشرة السوداء أكثر ضحاياها، ويليهم المسلمون، وأغلب أعضاء جماعات الكراهية ينتمون إلي العنصريين البيض.
وصارت جماعات الكراهية فى المجتمع الأمريكي أشبه بالوباء، وفقا لوصف "رشادان راي" الخبير بمعهد بوكينجر بواشنطن، حيث قال إنها ارتفعت بنسبة تزيد على 100%، وسجلت ارتفاعا أكبر فى عهد ترامب.
وترسم تلك الجماعات علي بنادقها شعار 14، ويعني "يجب علينا تأمين وجود شعبنا ومستقبل الأطفال البيض".