في إطار احتفاء معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته 54 بمئوية صدور أول كتاب مطبوع من المطابع الأميرية"200 عام".. أطلقت الهيئة العامة للمطابع الأميرية موقعا إليكترونيا جديدا على شبكة الإنترنت بمناسبة مرور 200 عام على إنشائها لمواجهة التحديات ومواكبة توجهات الدولة المصرية نحو الرقمنة.
وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة أشرف إمام إنه تم تزويد «المطابع الأميرية» بأحدث ماكينات الطباعة المتطورة وتم استحداث أقسام جديدة تتناسب مع روح العصر،وهي تؤدي دورا كبيرا في إدخال وتطوير صناعة الطباعة وفنونها في مصر،علاوة على توفير الكوادر الفنية المدربة تدريبا فنيا متكاملا من كل الجوانب العلمية والنظرية لسد احتياجات الأسواق المصرية والعربية في مجال الطباعة.
وأضاف أن الاحتفال بمرور 200 عام تأخر عامين..بسبب «كورونا» التي منعتنا من إقامة احتفال عالمي يليق بالمطابع..وفكرنا أن يكون بطريقة عملية «ومن جزءين» وليس احتفالا عالميا عاديا، الجزء الأول هو عمل مشروع ضخم يتواكب مع توجه الدولة المصرية وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي في التوسع في التصنيع المحلي وتوفير العملات الأجنبية..وهو تصنيع «الورق الحرارى» داخل الهيئة.
وأشار إلى أن الجزء الآخر هو تطوير متحف المطابع وإعادة تجهيزه على أعلى المستويات كخطوة تبرز قيمة من قيم حضارة مصر الحديثة ودليل ريادتها للتنوير والتعليم في إفريقيا والشرق الأوسط.
من جانبه، أشاد رئيس جامعة حلوان الدكتور السيد قنديل بدور المطابع الأميرية في نشر الثقافة، وتحدث عن تاريخ الطباعة حيث شكل اختراع الطباعة أساسا متينا للثورة المعرفية وتطور حركة البحث العلمي وتجسير عملية الاتصال والتواصل الحضاري والمثاقفة بين المجتمعات.
يعود تاريخ إنشاء ”المطبعة الأميرية“ في بولاق لأكثر من 187 عاما فقد أنشأت مطبعة بولاق في سبتمبر عام 1820 وافتتحت رسميا في عهد محمد علي باشا عام 1821 بعد أن أوفد بعثة لدراسة الطباعة في مدينة ميلان الإيطالية.
وكان أول كتاب طبع بها معجم عربي إيطالي في ديسمبر 1822، وبعدها انتشرت المطابع في مصر والدول العربية، ثم تطورت بعد ذلك حيث قامت بطبع الكتب الأدبية والعلمية والمدرسية.
المطبعة تعمل تحت اسم «مطبعة بولاق» حتى عام 1862، عندما أهداها محمد سعيد باشا (1822 - 1863) إلى عبدالرحمن رشدى (1881 - 1939) فتغير اسمها إلى «مطبعة عبدالرحمن رشدى ببولاق»، ثم عاد اسمها وتغير إلى «المطبعة السنية ببولاق» أو «مطبعة بولاق السنية» فى عهد الخديوى إسماعيل (1830 - 1895)، وفى عهد الخديوى توفيق (1852 - 1892) تغير اسمها مرة ثانية ليصبح «مطبعة بولاق الأميرية» ثم في عام 1903، تغير إلى «المطبعة الأميرية بولاق» ، وفي عام 1905 أصبح اسمها «المطبعة الأميرية بالقاهرة».
كان لمطبعة بولاق التي تأسست بدايات القرن الـ19 دور محوري في صياغة مشروع محمد علي وتحقيق أهدافه، خاصة مع صدور أول مطبوعاتها فى ديسمبر 1822 بطرح «معجم إيطالى – عربى»، في مؤشر على توجه مشروع محمد على بالانفتاح على الثقافة الغربية والاستزادة من مفرداتها وأدواتها، وكانت هذه مجرد بداية لدور فعال لـ«مطبعة بولاق» أو «المطبعة الأميرية» التي قامت بجهد عظيم في إحياء كتب التراث العربي المنسوخة يدويا وحمايتها من الاندثار بإعادة طبعها.
ونظرا لأهميتها، باتت مقتنيات مطبعة بولاق التاريخية من الآلات والمعدات وإصداراتها التاريخية من كتب ومطبوعات، تمثل بمعرض دائم خاص داخل مكتبة الإسكندرية.
تعتبر مطبعة بولاق أو المطبعة الأميرية أول مطبعة رسمية حكومية تنشأ على الإطلاق في مصر، تقيم أسس صناعة الطباعة وتعمل على إحداث نقلة ليست نوعية فحسب، بل نقلة كمية ومعرفية للعلم فى المنطقة العربية بأسرها، وقد أنشأها محمد علي في عام 1820. ولم تنشأ مطبعة بولاق بمفردها مستقلة عن بقية مشروعـات محمد علي، بل كانت جزءا من مشروع تنموي كبير، وكانت كأي مؤسسة أخرى من مؤسساته يرجى منها أن تساهم بإنجاح جانب من ذلك المشروع التنموي الكبير.
ولا يقتصر دور المطابع المصرية، حال نظيراتها في العالم أجمع، على كونها مجرد آلات صماء، تعنى بطبع الأحبار وسكبها على الورق، فهي أداة تنويرية تسهم في نشر الثقافة، وتتكامل في حبكة حضارية، تمثل معها مرجعا تاريخيا وعنوانا لمد جسور التواصل بين شعوب العالم.