أراكس باشايان : زيارة الرئيس السيسي بداية لانطلاقة حقيقية للتعاون

أراكس باشايان : زيارة الرئيس السيسي بداية لانطلاقة حقيقية للتعاون أراكس باشايان

الدكتورة أراكس باشايان، أخصائية دراسات الشرق الأوسط الحديثة، ورئيس قسم العلاقات الدولية، بالأكاديمية الوطنية للعلوم، بجمهورية أرمينيا أكدت أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأرمينيا حدثا تاريخيا لأنه أول رئيس مصرى يزور «يريفان».
وقالت فى حوار مع «أكتوبر وبوابة دار المعارف» إنه على الرغم من أن الرؤساء الأرمن زاروا القاهرة كثيرا، إلا أن زيارة الرئيس السيسى لأرمينيا لها «أهمية خاصة»، مشيرة إلى أن مثل هذه الزيارات رفيعة المستوى تعد تاريخية حقًا.
وطالبت باشايان بضرورة إعطاء دفعة جديدة للتعاون الثنائى وخاصة أنه لا توجد عقبات ولا مشاكل سياسية فى العلاقات بين أرمينيا ومصر.

ما تقييمك للعلاقات الثنائية بين مصر وأرمينيا وما التوصيات المتعلقة بتنميتها؟


تمكنا من إجراء مراجعة شاملة للعلاقات بين أرمينيا ومصر، لأن ثلاثين عامًا مرت بالفعل على تعاون بلدينا عقب الاستقلال عن الاتحاد السوفيتى عام 1991، وأود أن أشير إلى أن علاقاتنا الثنائية تتطور بشكل ديناميكى وناجح، ولكن هناك الكثير من الفرص غير المستغلة. وتتمتع العلاقات بين أرمينيا ومصر بإمكانيات هائلة يمكن البناء عليها لتحقيق التنمية لكلا البلدين.


كما أن أرمينيا لديها اهتمام كبير بمصر كدولة سياحية، وبالنسبة للسياح الأرمن، تعد الغردقة وشرم الشيخ من أكثر الوجهات السياحية شهرة. وأعتقد أن المصريين قد يكونون مهتمين أيضًا بأرمينيا كوجهة سياحية مناسبة. ويوجد فى أرمينيا اهتمام كبير بالثقافة العربية واللغة العربية، وتوجد فى أرمينيا مراكز للدراسات العربية، ويتم تدريس اللغة العربية فى جامعات أرمينية مختلفة. وأتيحت الفرصة للعديد من الطلاب من أرمينيا للدراسة فى مصر، وتلقى عدد من المتخصصين فى مختلف المجالات دورات تدريبية فى مصر.


وعلى الرغم من أن أرمينيا تقع فى جنوب القوقاز، إلا أنها تاريخياً جزء من الشرق الأوسط الكبير، وكان الأرمن أهم عنصر فى فسيفساء الشرق الأوسط.


لقد كان لدينا تواصل ثقافى مستقر مع دول وشعوب المنطقة، وكان للعنصر الأرمنى دور مهم للغاية فى البيئة المصرية فى مختلف المجالات: العسكرية، والسياسية، والتجارية، والاقتصادية، والثقافية، وما إلى ذلك، والدليل على ذلك هو مساهمة الوزراء الأرمن، مؤسس السلالة الفاطمية بدر الجمالى ونجله أفضل الجمالى وشخصيات أرمينية أخرى شغلت مناصب فى هيكل الدولة فى مصر واليوم من المستحيل التجول فى القاهرة القديمة دون الإعجاب بمساهمة بدر الجمالي.

وأشار المؤرخ العربى فى العصور الوسطى تقى الدين أحمد بن على المقريزي، مرارًا إلى أرمن مصر، وصنف الجالية الأرمينية ضمن المجتمعات المثالية، موضحا دور الأرمن فى العصور الفاطمية والأيوبية والمملوكية.
وبعد الإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 ، وبدعم من الحكومة المصرية، استقر المنفيون الأرمن فى البلاد. وفى النصف الأول من القرن العشرين، كانت مصر أيضًا مركزًا لتطور الفكر العام والسياسى الأرمنى ، وكذلك الثقافة الأرمنية.
لقد مرت الجالية الأرمينية فى مصر بطريق طويل من التحول، ويظهر الوجود الأرمنى فى مصر الواقع فى الموقف المتسامح والودى للحكومة والمجتمع المصرى تجاه الأقليات العرقية والدينية، وهو مثال رائع للتعاون وتبادل المنفعة.
وتهتم أرمينيا بشكل كبير بتنمية مصر والجالية الأرمينية هناك، والتى تعد جسرًا مهمًا فى العلاقات بين أرمينيا ومصر.


ما مستقبل العلاقات الأرمينية المصرية فى سياق التحولات فى العلاقات الدولية؟


عالم اليوم ليس كما كان من قبل، إن الحقائق الجيوسياسية وأنظمة القيم والمبادئ الأخلاقية تتغير أمام أعيننا. أعتقد أن أرمينيا ومصر بحاجة إلى بعضهما البعض أكثر من أى وقت مضى، ويجب أن يكون المتخصصون فى القطاع دائمًا على اتصال، وتبادل الخبرات، ويجب أن نجد حلولًا مشتركة للمشكلات التى لدينا فيها مصالح مشتركة أو خبرة متراكمة بالفعل فى التعاون، كما أن الاتصالات بين الناس والدبلوماسية العامة والعلمية مهمة أيضًا.
وأريد أن نكون متسقين فى هذا التعاون، فمصر تعد واحدة من أكثر الدول ريادة وتأثيراً فى الشرق الأوسط والعالم العربي، وقد لعبت دوراً ملموساً فى ضمان النظام الأمنى للمنطقة منذ عقود. كانت ولا تزال المركز الثقافى للعالم العربي، وهى عضو مؤثر فى المنظمات الإقليمية، بما فى ذلك جامعة الدول العربية.
ومن يريفان، نتابع أهم العمليات التى تجرى فى العالم العربى، ولا سيما التنشيط الجيوسياسى لدول الخليج من منظور الأمن الإقليمى، ويعد تعاون مصر الوثيق مع الدول الصديقة لأرمينيا، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن تنظيم العلاقات مع قطر، أمرًا مهمًا.
التعاون مع دولة مرموقة مثل مصر هو فى مصلحة أرمينيا، من ناحية أخرى، فى جنوب القوقاز، نيابة عن أرمينيا، مصر لديها شريك موثوق به وودود.


كيف يمكن تقييم المستوى الحالى للتعاون بين مصر وأرمينيا؟


أود أن أذكر أن أرمينيا تقدر تقديراً عالياً موقف مصر المتوازن فيما يتعلق بالتسوية السلمية لنزاع «أرتساخ - ناجورنو كاراباخ»، فأرمينيا لديها حوار سياسى مستقر مع مصر، على مستوى عال إلى حد ما، تتعاون الدولتان بشكل مفيد فى إطار المنظمات الدولية، كما تعمل من خلال التنسيق الدبلوماسى بشكل فعال. يمكن القول بأن أرمينيا ومصر حليفان طبيعيان، أعتقد أنه لا ينبغى ادخار الجهود من أجل التعاون بين أرمينيا ومصر.
كيف تقيمون زيارة الرئيس السيسي لأرمينيا؟
يمكن القول بأن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأرمينيا حدث تاريخي، إنه أول رئيس مصرى يزور بلادنا.
وعلى الرغم من أن الرؤساء الأرمن زاروا القاهرة، فإن مثل هذه الزيارات رفيعة المستوى تاريخية حقًا، ويجب إعطاء دفعة جديدة للتعاون الثنائي، حيث لا توجد عقبات ولا مشاكل سياسية فى العلاقات بين أرمينيا ومصر.
هل ينتهى التوتر فى العلاقات الأذربيجانية الأرمينية فى المستقبل القريب؟
كل شيء يعتمد على أذربيجان، فحاليا أرتساخ محاصرة من قبل باكو، فيوجد 120 ألف شخص، من بينهم 30 ألف طفل، محرومين من الغاز و الكهرباء والغذاء والضروريات الأساسية خلال هذا الشتاء.
هذه أزمة إنسانية يجب على العالم أن يستجيب لها بشكل مناسب وسريع. من ناحية أخرى، تواصل أذربيجان استخدام فكرة التضامن الإسلامى الدولى ومنصة منظمة التعاون الإسلامى لتشويه سمعة أرمينيا.
وأريد أن يعرف العالم الإسلامى المعلومات الصحيحة عن نزاع أرتساخ، لذلك هناك عقبات وفرص لأرمينيا فى الشرق الأوسط. فى هذه الحالة ، فإن السياسة الاستباقية لأرمينيا فى الاتجاه العربى و الشرق الأوسط أمر حتمى بالنسبة ليريفان.

أضف تعليق