أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار أن الزلزال المدمر الذى ضرب تركيا وسوريا أمس ومازالت توابعه أثّر أيَضًا على المواقع الأثرية فى كلتا البلدين، ففى تركيا تسبب فى انهيار أجزاء من قلعة غازى عنتاب التاريخية بسبب مركزها الذي عرضها بشدة للزلزال الذي جاء بقوة 7.4 درجات في منطقة بازارجيك في كهرمان مرعش وتدمير بعض الحصون فى الأجزاء الشرقية والجنوبية والجنوبية الشرقية من القلعة، وحدوث تصدعات كبيرة فى بعض حصون القلعة التى يزيد عمرها على 2000عام بعد الزلزال.
وتعد قلعة غازى عنتاب هى أول قلعة بنيت من قبل الإمبراطورية الحيثية، كنقطة مراقبة وبعد ذلك بنيت فى قلعة رئيسية من قبل الإمبراطورية الرومانية على قمة تل فى وسط عينتاب، فى القرن الثانى والثالث بعد الميلاد، والقلعة مدرجة فى قائمة اليونسكو.
وقد خضعت القلعة لمزيد من التوسع والتجديد فى عهد الإمبراطور جستينيان الأول فى فترة مابين 527 و 565 بعد الميلاد، كما أن محيط القلعة مستدير الشكل على مساحة 1200 متر. وتتكون من 12 برج دفاعى، تم تجديد القلعة عدة مرات واتخذت شكلها النهائى فى عام 2000، وفي عام 661 انتقلت القلعة إلى الأمويين، واليوم تستخدم القلعة كمتحف بانورامى يوثق بطولات الدفاع عن المدينة ضد القوات المسلحة الفرنسية الغازية بعد سقوط الدولة العثمانية وقبل حدوث الزلازال كان المتحف يعمل بشكل دوري.
وفى سوريا تعرضت قلعة حلب التاريخية منها سقوط أجزاء من الطاحونة العثمانية، وحدوث تشقق وتصدع وسقوط لأجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية، كما سقطت أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، وتضررت مداخل القلعة وسقطت أجزاء من الحجارة ومنها مدخل البرج الدفاعي المملوكي، وتعرضت واجهة التكية العثمانية لأضرار وكذلك مبان أثرية في حماة وظهرت تصدعات وتشققات على واجهة المتحف الوطني في حلب، وتعرضت المدينة القديمة في حلب لأضرار وانهيارات وتصدعات في الكثير من المباني السكنية الخاصة وسقطت عدد من مآذن الجوامع التاريخية في حلب
وفي حماة تأثرت مباني تاريخية مما أدى لسقوط أجزاء من بعض الواجهات التاريخية لهذه المباني وحدثت تشققات وتصدعات في واجهات وجدران مبانٍ أخرى تاريخية وفى حي الباشورة التاريخي تضررت واجهة عقار وفي مدينة السلمية سقط الجزء العلوي من مئذنة جامع الإمام إسماعيل، ما أدى إلى تصدع واجهة الجامع وشوهدت أجزاء متساقطة من الجدران الخارجية لقلعة شميميس
وفى هذا الإطار يطالب المنظمات المهتمة بالتراث اليونسكو "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" الأليكسو "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" والإيسيكو "منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة" باتخاذ التدابير المطلوبة وفقًا للاتفاقيات الدولية لإعادة ترميم هذه الآثار والدعم المادى له ويطالب شعوب العالم بالتدخل السريع للمساهمة فى الإنقاذ بكل السبل أمام مناظر الرعب التى نشاهدها على التلفاز وكأنها أفلام خيال علمى خاصة شعب سوريا الذى يعيش المأساة والتدمير والخراب ونقص الخدمات والفقر منذ سنوات وهى فى حاجة لمساندة كل شعوب العالم لها الآن
ونوه الدكتور ريحان إلى أقوى الزلازل التى تعرضت لها مصر حديثًا وهو زلزال 12 أكتوبر 1992 وكان مركزه السطحي بالقرب من دهشور على بعد 35كم جنوب غرب القاهرة، واستمر لمدة نصف دقيقة بلغت قوته 5.8 درجة على مقياس ريختر ولكنه كان مدمرًا بشكل غير عادي بالنسبة لحجمه، وقد تسبب في وفاة 545 شخصًا وإصابة 6512 آخرين لحجم الذعر الناجم عن الزلزال في القاهرة نفسها وشرد نحو 50000 شخص إذ أصبحوا بلا مأوى، كما شهدت مصر عدة توابع لهذا الزلزال استمرت على مدار الأربعة أيام التالية وكان هذا الحدث هو الأكثر تدميرًا من حيث الزلازل التي أثرت في القاهرة منذ عام 1847.
وقد أحدث ضررًا كبيرًا بالآثار خاصة القاهرة التاريخية المسجلة كتراث عالمى منذ عام 1979، والتى تقع في ثلاث نطاقات هي منطقة القلعة وابن طولون، الجمالية والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، ومنطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودى وتضرر 210 أثر من أصل 560 أثر وسقطت كتلة كبيرة من الهرم الأكبر في الجيزة، وبدأت الدولة مشروع ترميم هذه الآثار منذ عام 1998 والذى تم على أربعة مراحل، وتم ترميم العديد من الآثار المتضررة ومنها منطقة النحاسين وتتضمن مدرسة السلطان برقوق ومدرسة الناصر محمد وقاعة محيي الدين أبو الصفا وحمام السلطان اينال، كذلك متحف النسيج الإسلامي ومنها ترميم 20 مسجدًا أثريًا، مثل مسجد السلحدار ومدرسة ومسجد برقوق والناصر برسباي والقاضي يحيى زين الدين وأم الغلام بتكلفة 200 مليون جنيه، وتم ترميم 33 أثرًا بشارع المعز لدين الله الفاطمى الشارع الأثرى الوحيد في العالم الذي يضم أقدم وأجمل آثار إسلامية على جانبيه ويبدأ من باب زويلة حتى باب الفتوح بطول 1200 متر، وهو شارع يمثل قلب مدينة القاهرة القديمة، ويضم شارع الخيامية والمغربلين وباب النصر وذلك بدون أى دعم مادى من المنظمات المعنية
ويطالب الدكتور ريحان بالبدء فى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادى الأخطار الناجمة عن الزلازل والحرائق والكوارث الطبيعية وتحديد مسارات للخروج كل مجموعة تحدد لها مسارات معينة واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الآثار وقت الخطر خاصة المتاحف واتباع أحدث الوسائل العلمية فى حماية القطع وقت الأخطر وهناك دراسات علمية كثيرة فى هذا الصدد يجب الرجوع إليها وتطبيقها عمليًا وتدريب العاملين بالمواقع المختلفة والمواقع الأثرية ومراجعة كل وسائل الأمان المتوفرة بالمواقع الخاصة وتوفير النواقص.