تابعت مثل كثير غيرى بفرح شديد الإقبال الكبير على معرض الكتاب هذا العام، هذه الفرحة سببها أن فكرة "الكتاب الورقى راحت عليه" لم تكن صحيحة مثلما توقعت وكنت أؤمن بذلك إيمانا شديدا.
لقد أثبت الجمهور الكبير الذى توافد على معرض الكتاب خلال أيام انعقاده الماضية أن الكتاب مازال له مكانة كبيرة وثابتة فى عقول المصريين الذين رغم ما وصلت إليه التكنولوجيا فى عالم الكتب، فأنت الآن تستطيع أن تطلع على أى كتب فى أى مكان وتستطيع أن تستمع إلى المكتوب إليه دون الحاجة إلى القراءة بنفسك بل وتستطيع أن تأخذ ملخص لما يحتويه الكتاب من خلال أحد التطبيقات والبرامج الحديثة التى تتسابق عليها الشركات حاليا.. رغم كل هذا إلا أن وضع الكتاب بين أصابعك وأنت تجلس على مكتبك أو فى سريرك ما يزال له وضعية خاصة ومكانة مثيرة للشجن والذكريات.
لقد عاد معرض الكتاب إلى المشهد الثقافى العربى محتلا مكانته الأولى التى اعتدنا أن يحتلها على مدار السنوات الماضية كأحد أقدم وأعرق المعارض فى المنطقة.
عاد المعرض بعدما تأثر خلال الدورتين السابقتين بأزمة كورونا وشاهدنا حضور جماهيرى طاغى وتنافسية كبيرة بين أهل هذه الصناعة الاستراتيجية.
عاد إلى المشهد من جديد أحد أهم أدوات وعلامات القوة الناعمة المصرية التى أثرت وما تزال تؤثر فى الوجدان العربى والعالمى.
هذه القوة التى يحاول الكثيرون أن ينازعونا فيها وينتزعها عنا ولكن هيهات هيهات، فكانت مصر وما تزال صاحبة القوة الناعمة الأكبر والأكثر تأثيرًا فى المنطقة، ومن يرى أو يقول غير ذلك فليذهب ويفتش بنفسه فى وجدان كل عربى وفى ذاكرته وذكرياته على الأسماء المصرية التى نقشت بحروف خالدة لن تمحوها أى محاولات مهما أنفقت ومهما صرفت.
قوتنا الناعمة هذه التى يحاول البعض أن يقلل من تأثيرهـــا أو يسحب البســـاط من تحتهـــا، "تحتاج منا بعض" الاهتمام والتجديد ليعود إليها شبابها وتستطيع أن تقاوم وتواجه أى محاولة لسحب البساط من تحتها أو استغلالها.
علينا أن نهتم أكثر بقوتنا وأدبنا وثقافتنا برموزنا وإعلامنا.. بتاريخنا وتراثنا، نحميه ونجدده ونبنى ونطور مواهبنا ونبحث ونفتش فى كل مكان لإخراج المواهب والموهوبين من كل مكان فى مصر، نقدمها ونرعاها، نعطيها الفرصة حتى تكبر لتصبح رمزًا جديدًا يضاف إلى الرموز التى سبقتها وصنعت من قبل قوتنا الناعمة التى تتباهى بها الأمم.
برامج مثل "الدوم" و" كابيتانو".. نماذج لهذا المجهود وهذا الفكر الذى نريده أن يطبق فى كل القطاعات والمجالات لنجدد باستمرار قوتنا الناعمة وتظل شابة قادرة على الحفاظ على مكانتها وقيمتها من هؤلاء الذين يريدون أن يصنعون مجدًا على حساب تراثنا وتاريخنا.
حفظ الله مصر وحفظ ثرواتها البشرية التى لا مثيل لها فى العالم.