أمل إبراهيم تكتب: مشاعر بلا شهادة ميلاد

أمل إبراهيم تكتب: مشاعر بلا شهادة ميلادأمل إبراهيم تكتب: مشاعر بلا شهادة ميلاد

* عاجل10-4-2018 | 20:44

منذ فترة وبينما كنت فى منطقة وسط البلد كان  يدور حوار بينى وبين سائق التاكسى  العجوز عن الزمن الذى فات والأسعار التى أصيبت بجنون العصر ، مر الرجل بجوار أحد المحلات التى تبيع الحلوى ثم بدأ يحكى أنه كان زبونًا دائمًا هنا  ، كان يشترى منها كل يوم نوعًا من الحلوى الذى تحبه أمه ويذهب لزيارتها يوميا دون انقطاع حتى رحلت ، يقول الرجل بصوت حزين " ماتت أمى وأنا فى السابعة والستين من عمرى ، رحلت وكنت جدًّا ولي أحفاد يضحكون كلما أخبرتهم أنه قد حان موعد الذهاب إلى أمى ..ويقولون أنت ياجدو العجوزعندك  أم " ، ثم قال الرجل الذى تخطى السبعين جملة جمعت كل مخزون الدموع بداخله " عندما ماتت أمى وبرغم كل من حولى وقتها شعرت فعلا أننى يتيم".

والشهر الماضى عندما كنت فى زيارة إلى أمى بمناسبة عيد الأم وجدتها تبكى مثل كل مرة وأنا أعتقد أنها تتذكر

أبى وأخى وتبكيهم فى هذه المناسبة ، ولكننى فوجئت بها تقول إنها تكره الاحتفال بعيد الأم ولا يمر يوم دون أن تتذكر أمها وتشعر أنها تفتقدها كثيرا ، الحقيقة أننى تعجبت من نفسى أمام هذه المفاجأة ، فنحن غالبا وبرغم أننا أصبحنا أمهات وجدات إلا أننا ننظر إلى أمهاتنا وكأننا نحن فقط محورالعالم لهن وأن مشاعرهن تنصب باتجاهنا وكأنهن بلا جذور أو فروع غيرنا وأننا نمتلك كل مساحات التفكير والاهتمام والحب .

الغريب هنا  أننا نضع المشاعر  فى قالب العمر ونتعجب عندما نشاهد عجوزًا يبكى فراق أمه تماما كما نندهش عندما يتحدث كبار السن عن الحب أو يتزوج سكان دار المسنين ، والسؤال لماذا نعتقد أن الحب والعاطفة والغيرة والحزن مشاعر تخص الصغار وأننا عندما نكبر يجب أن نعيش فى قالب الحكمة والعقل الذى يشبه قوالب الثلج فى بروده وحاله من التجمد .

الحقيقة أن العمر قضية تختلف تماما عن المشاعر والعيون والقلوب ، فإذا كان للعمر مراحله التى ترتبط بالشكل والصحة والتغيرات الفسيولوجية، فالمشاعر لا تحمل شهادة ميلاد ولا ترتبط بالمنطق أو القانون ، وتعيش دائما فى مرحلة الطفولة.

أضف تعليق