شغل موضوع العشوائيات العديد من الباحثين في الأنثروبولوجيا و علم الاجتماع وتخصصات أخرى، لما له من تداعيات على ساكنيه من جهة، وعلى تنظيم المدينة وما يفرزه من ظواهر سلوكية ومشكلات اجتماعية من جهة أخرى.
وعن أسباب المشكلة وآليات المواجهة، تقول أمل يحيى عيسى، مدرس مساعد علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: بدأت ظاهرة الإسكان غير المشروع كرد فعل لعوامل متعددة، منها الاقتصادية والسياسية والديموجرافية والظروف الطبيعية، مما دفع العديد من سكان المناطق الريفية وغيرها، للنزوح نحو المدن والعواصم للإقامة على أطرافها، دون التقيد بقوانين ملكية الأراضي، ودون التقيد بنظم ولوائح التخطيط العمراني.
مما أدى إلي ارتفاع قيمة الأراضي وارتفاع إيجارات المنازل في المدن والعواصم لنزوح بعض الأسر الفقيرة لأطراف المدن والإقامة في الأحياء العشوائية، هذا بالإضافة لعدم تطبيق قوانين ملكية الأراضي والقوانين الخاصة بترخيص المباني.
وتضيف أستاذة أمل: تفتقر المناطق العشوائية إلى كثير من العوامل والمقومات الأساسية للحياة الإنسانية المقبولة واللائقة ويزيد خطورة الوضع فى العشوائيات الكثافة السكانية الكبيرة، الأمر الذى يؤدى إلى تدهور كل مكونات البيئة الحضرية فيها، وقد ازداد الإهتمام بقضية العشوائيات منذ فترة طويلة حيث لاقت اهتمامًا سياسيًا و أمنيًا و إعلاميًا، والاهتمام بهذه القضية يمثل الاتجاه الرسمى المعلن من قِبل الدولة في الوقت الراهن، حيث تؤثر العشوائيات بدرجة كبيرة على شكل المدن وطابعها، لذا فقد تبنت الحكومة حتى الآن مجموعة من السياسات والقوانين التي تهدف لإبطاء نمو المجتمعات العشوائية ووقفها والقضاء عليها، وتوضح أستاذ علم الاجتماع، أنه قد تنوعت مقاربات التدخل ما بين الإخلاء والهدم و إعادة التوطين أوتحسين أوضاع المباني القائمة لتشكل جميعًا المداخل الحالية للتعامل مع المناطق العشوائية، وأشارت إلى أنه توجد انعكاسات أمنية وصحية واجتماعية للعشوائيات فقد ارتبطت معظم المناطق العشوائية بانتشار الجريمة باعتبارها بيئة مناسبة لتفريخ الإجرام والمجرمين ومركز تصدير للجريمة بمختلف أنواعها، وتتابع، لقد أشارت بعض الدراسات إلى أن عناصر الجماعات المتطرفة في جمهورية مصر العربية كانت تحرص على الاحتماء بالأحياء العشوائية داخل القاهرة الكبرى بعد ارتكابهم لعمليات تخريبية، والمناطق العشوائية تزداد فيها معدلات الجريمة وتنتشر فيها الأنشطة الاقتصادية الهامشية وغير المشروعة، وتصعب السيطرة على بعض المناطق العشوائية لعدم توفر أجهزة الضبط الاجماعي وتمركز بعض الجماعات الرافضة والمتطرفة، وأصبحت بعض المناطق العشوائية مكاناً للخارجين على القانون والمتاجرين بالمخدرات، ونقطة جذب للكثير من أصحاب حالات الفساد الاجتماعي ومصدر ازعاج للأحياء المجاورة للعشوائيات.
وتضيف: تتصف معظم المناطق العشوائية بعدم وجود منافذ لبعض المواقع، مما يؤدي إلى صعوبة الوصول إليها في الحالات الضرورية كالاسعاف أو الإنقاذ في حالات الحريق أو مطاردة المجرمين، مما يجعل المناطق العشوائية بؤر خطيرة لتفريغ الإجرام والمجرمين لبعدها عن الأجهزة الأمنية ولصعوبة الوصول إليها.
أما عن آليات المواجهة فتقول: التحرك الفوري من أهم الآليات نحو الاستثمار في البشر والتأهيل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للسكان في المناطق المطورة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تصميم استراتيجية التأهيل لسكان المناطق العشوائية بالاعتماد على قواعد البيانات، والدراسات الديموغرافية لمعرفة تصنيف وسمات السكان، ودراسات فجوة الخدمات، والتطبيق الصارم لقوانين التخطيط العمراني والبناء والتنظيم وتقسيم الأراضي، وتطبيق مفهوم الإدارة المحلية واللامركزية على مستوى المحافظات، والعمل على تعزيز الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني والأهالي فى تطوير العشوائيات، ووضع القوانين واللوائح اللازمة للحفاظ على الطابع الحضاري للمناطق الجديدة، وضمان عدم تحولها لمناطق عشوائية، ومن الضروري تحديد المخططات العمرانية الحضرية مناطق السكن والإنتاج والخدمات بشكل دقيق ومتابعتها لمنع العشوائية، وتفعيل دور الرقابة للحد من الاستمرار في إنشاء المباني المخالفة لأحكام التنظيم ومتطلبات تراخيص، وضرورة إعداد برامج للمتابعة والتنمية المجتمعية لكافة المواطنين المنقولين من المناطق العشوائية إلى الوحدات السكنية الجديدة، وإجراء دراسات خاصة بالقدرات الإنتاجية لسكان المناطق العشوائية، لتوفير فرص عمل لهم.
وتتابع: "من الأمور الهامة تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني فى تغيير منظومة القيم والعادات والسلوكيات السلبية للمنقولين من العشوائيات، وحثهم على الحفاظ على المناطق الجديدة".