من منا لم تهتز مشاعره، وتزلزل أركان فؤاده المشاهد التى رآها لإخواننا فى سوريا وتركيا جراء الزلزال المدمر الذى ضرب بيوتهم الأسبوع الماضى وهم نيام.
كلمات الاستغاثة التى جاءت على لسان الأطفال المحتجزون تحت الأنقاض كانت تفطر القلب فطرا.
لا شىء يساوى فى سبيل خروج طفل صغير يصرخ تحت حطام بيته سليما معافى إلى أحضان أمه وأبيه، لا شىء فى الدنيا أغلى من حياة إنسان لا ذنب له ولا جريرة، فى ثانية كان ساكنًا هادئًا مطمئنًا وفى الثانية التى بعدها كان محاصرًا محاطًا بركام بيته يصارع الموت ويتوسل الحياة بأى طريقة.
فى مثل هذه اللحظات الفارقة فى حياة البشرية يجب أن تتنحى كل صفات الأنانية وتختفى كل مشاعر الشماتة
ولا يبقى بيننا سوى مشاعر التعاطف والتكاتف والإغاثة ومد يد العون والمساعدة.
فى مثل هذا النوع من الكوارث الطبيعية لا بد أن تنسى الدول أى خلافات بينها وتنحى أى اعتبارات وتبقى فقط الإنسانية ولا شىء سواها، الإنسانية فقط.
وهذا ما فعلته مصر فور حدوث الكارثة، فقد بادر الرئيس عبد الفتاح السيسي باسم مصر كلها قيادة وشعبا بتقديم واجب العزاء والمواساة للشعب السورى الشقيق و الشعب التركى فيما أصابهم، متمنيًا الرحمة والمغفرة لمن توفاهم الله، والسلامة والشفاء لمن أصيبوا، كما أمر على الفور بتقديم المساعدات الإغاثية الطبية والغذائية وغيرها يدعم الشعبين فى مصابهم الكبير، وهذا التصرف ليس بغريب على مصر التى لا تتوانى عن تقديم المساعدة والدعم.
فقد تناست مصر أى خلافات سياسية مع تركيا وقررت التعامل مع الكارثة بمنتهى الإنسانية وأرسلت مساعدات كبيرة للشعب التركى.
ولقد كشفت هذه الكارثة كيف أن العرب جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فلقد هبت كل الدول العربية وبينها مصر لتقديم يد العون والمساعدة للأشقاء فى سوريا الذين يعانون ويلات الحرب والاقتتال ولا ينقصهم ما حدث لهم جراء الزلزال.
لقد كشفت الكارثة أن العرب للعرب ولن ينفعهم سوى تكاتفهم وتعاونهم واتحادهم، وكشفت أيضا حقيقة بعض الدول والمنظمات الدولية التى تتشدق بالإنسانية وحقوق الإنسان حيث رأيناها تنظر إلى الكارثة بعين عوراء تكتفى بمساعداتها لتركيا وترسل القليل من المساعدات والدعم إلى سوريا واضعة فى ذلك اعتبارات كثيرة كلها لا علاقة لها بالإنسانية التى نتحدث عنها.
تعاملت بعض الدول بمنطق القوة وغلبت السياسة والمصالح على تصرفاتهم، فجاءت المساعدات إلى تركيا ولم تذهب بنفس القدر والحجم إلى سوريا، ليتأكد لنا نحن العرب أننا لن ينفعنا سوى أنفسنا، فى اتحادنا القوة الحقيقية لنا، فى تعاوننا والخوف على مصالحنا وثرواتنا النجاة من أى كارثة مشابهة.
نحن العرب كنا وسنظل أمة واحدة لا يفرقنا شىء فلا يجب أن نضع مجالا لخلافاتنا الصغيرة ولا نفتح أبوابا أمام كارهينا وهم كثر، ووكلاء الشر والخراب عرابى التقسيم والدمار ليدقوا أسافين الشر والفرقة بيننا.. قوتنا فى وحدتنا، نحن العرب .. أمة واحدة.