الصورة من بعيد بانوراما خراب تبثها الأقمار الصناعية على مدار الساعة، يردد صداه: أنى تعود له الحياة تارة أخرى؟، ويصدر من باطن الخراب صوتًا لا يسكت عن "الآه"، ويهدأ من روعه مشهد خروج جنين يحمله عامل إنقاذ، يجرى به تجاه الإسعاف، تلده أمه، وتلقى ربها، وتتوالى قيامة الأحياء من بين الأموات، بلغ عددهم حتى الخميس الماضى 7 آلاف شخص، حسب تصريحات السلطات التركية.
تسخر مجلة "شارلى إيبدو" الفرنسية من مأساة الخراب فى تركيا وسوريا، وتتشفى بنشر رسما لأبنية منهارة، وتذيل بأسفل الرسم بعبارة "حتى إنه لا توجد حاجة إلى إرسال دبابات"، وتواجه الصحيفة موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعى، واعتبرها المغردون سخرية من معاناة شعب ينتظر أيدى تنقذ أطفاله وعائلاته، وعلى النقيض تمد 76 دولة حول العالم و14 منظمة دولية أيادى الخير، وناد رياضى كبير فى بلجيكا يضىء أنواره بألوان أعلام تركيا و سوريا تضامنا مع منكوبى الزلزال.
ومازالت عدسات الكاميرات تسجل حفار القبور يبحث عن الأحياء والأموات، نعم إنهم عمال إنقاذ وليسوا حفارى قبور، ونقول لهم تسلم أياديهم، ولهم كل تحية وتقدير، لكن عملهم وسط الخراب يشابه من يفتح القبور برفق، حتى لا تتساقط الحجارة على أجساد الموتى، وترصد الكاميرا أيضا مئات الناجين مشردين فى ظل أجواء من الصقيع تتراوح درجة حرارته بين الصفر وسالبه، والفائز من الناجين من يعثر على سيارة للنوم بداخلها.
ولن يفارق الأمل الراقضون تحت التراب، فبينما يوثق شاب سورى فى مقطع فيديو وضعه الكارثى أسفل الأنقاض، ويقول إذا انتشر الفيديو فأنا ناج، ويُسمع بجانبه أصوات عائلات تستغيث، ولم يعرف أحد مصيره بعد نشر الفيديو، وفى مكان ثان تخرج طاقة نور من ظلمة الخراب السورى، ونرى المتحاربين ينقذون خصومهم، ويهللون بالتكبير والتحميد والبكاء، عقب تمكنهم من إنقاذ عائلة كاملة، كانت عالقة أسفل الأنقاض أربعين ساعة.
وفى قراءة سطور مشهد انهيار قلعة غازى عنتاب بتركيا، كان الجميع يظن أن القلعة سوف تظل شاهدة على التاريخ، وقد عاشت أكثر من ألفى عام، ومن ناحية أخرى تنجو أثار شقيقة للقلعة من الدمار، تحمل بين جنباتها سجلا للتاريخ.
وبرغم أن قوة الزلزال تعادل قوة تدمير 32 قنبلة ذرية فى حجم قنبلة هيروشيما وفقا لتصريح "ريناتو سوليدوم" مدير المعهد الفلبينى لعلم البراكين والزلازل، فإن طاقته التى انبعثت من الزلزال تكفى لإضاءة مدينة بحجم نيويورك لمدة 4 أيام متواصلة، وهو ما كشفه تقرير لصحيفة النيويورك تايمز.