أكد
معهد البحوث الأمنية ومقره "بريتوريا" أن حل الجمود السياسي في
منطقة البحيرات الكبرى بإفريقيا بحاجة إلى دور فاعل لدول المنطقة إزاء تحديات انعدام الأمن والفقر، فيما يجب أن يُظهر الاتحاد الإفريقي مزيدًا من القيادة والمشاركة في واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة في القارة السمراء.
وذكر تقرير
معهد البحوث الأمنية أن الكونغو الديمقراطية وجيرانها والاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي فشلت في فرض صيغة أمنية إذ توترت العلاقات بين الكونغو ورواندا وسط اتهامات متبادلة بدعم حركات متمردة في كلا البلدين.
وسلط التقرير الضوء على عودة "حركة 23 مارس" المتمردة إلى الظهور في شرق الكونغو الديمقراطية ما يعكس عدم قدرة البلاد والدول المجاورة وبعثة منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على تحقيق الاستقرار، وذلك في أعقاب عشر سنوات من أفول وهزيمة الحركة من قبل لواء التدخل التابع للجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (سادك).
وأشار التقرير إلى أن بعض مبادرات السلام الرامية إلى إحتواء التوتر في منطقة البحيرات العظمى، مثل عملية نيروبي التابعة لمجموعة شرق إفريقيا التي تهدف إلى ربط المشاورات السياسية بالعمل العسكري في شرق الكونغو الديمقراطية، لا سيما نشر القوة الإقليمية في مقاطعتي شمال وجنوب كيفو الغنية بالذهب والكولتان، بهدف إضعاف الجماعات المتمردة.
وعول التقرير على دور مبادرات السلام في منطقة البحيرات العظمى في الجمع بين الحلول السياسية والعسكرية بعد هزيمة حركة 23 مارس في عام 2013 إذ لم تكن الإجراءات مصحوبة بجهود للتعامل مع الأسباب الجذرية للصراع، وبناء عليه انسحبت الحركة من مناطق نفوذها وتحركت بإتجاه حدود دول مجاورة بعد أن طردتها القوات الإقليمية وأدت الانقسامات الداخلية إلى تشرذم الحركة.
وتابع التقرير أن سياسات الكونغو الديمقراطية والتطورات الدولية أضافت إلى المشكلة، فبعد موجات متكررة من نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، أصبحت الكونغو الديمقراطية والشركاء الدوليون مترددين في دمج مقاتلي حركة 23 مارس في الجيش الوطني، لكن مؤخرا وضعت منطقة البحيرات العظمى المضطربة على جدول أعمال اجتماع رؤساء دول مجلس السلام والأمن على هامش قمة الاتحاد الإفريقي هذا الشهر، وكان هذا في الغالب رد فعل على حقيقة أن حركة 23 مارس تحتل الآن جزءًا كبيرًا من شمال منطقة كيفو في الكونغو الديمقراطية.
ولفت التقرير إلى أن دعم بعض الدول للمتمردين، يشير إلى أن أدوات الأمن الإقليمية لا تخلق مساحة كافية للحوار بين بلدان المنطقة، مشيراً إلى أن صمت مجلس الأمن الدولي عن دور فاعل في هذا الملف يؤجج تحرك العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية لاستخدام العنف المباشر أو غير المباشر لتسوية النزاعات.
واعتبر التقرير أن نقص الثقة بين الكونغو الديمقراطية وبعض جيرانها في قلب الأزمة الحالية إذ يشير بعض المراقبين إلى أن سبب تصعيد التوترات بين دول المنطقة يعود لحالة الاستقطاب، إذ تعثرت محاولة الكونغو الديمقراطية لإنشاء قيادة عسكرية إقليمية ضد الجماعات المسلحة في عام 2021 بسبب انعدام الثقة بين رواندا من جهة، وبوروندي وأوغندا من جهة أخرى كما تهيمن على الثقافة السياسية في المنطقة تحالفات قصيرة المدى تتعارض مع رؤية الكونغو الديمقراطية للأمن التعاوني.
ودعا التقرير إلى التزام الدول ومشاركة قوية من الضامنين لحل أزمة الأمن في منطقة البحيرات العظمى كما يقترح بعض المراقبين أن تكون مجموعة شرق إفريقيا ضامنة إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمؤتمر الدولي ل
منطقة البحيرات الكبرى والجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي.
ورأى أن حالة التنافس بين الجهات الضامنة لا يفضي إلى المراقبة المشتركة المثمرة لالتزامات الدول الأعضاء، كما أن الانقسامات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وصمت الاتحاد الأفريقي بشأن الانتهاكات المتكررة لإطار السلام لعام 2013 يثير تساؤلات حول الاستعداد لضمان احترام الدول الموقعة لالتزاماتها.