أحمد عاطف آدم يكتب: الفضول المدمر

أحمد عاطف آدم يكتب: الفضول المدمرأحمد عاطف آدم يكتب: الفضول المدمر

* عاجل16-4-2018 | 20:36

عندما كنا أطفالا في زمن ما قبل الإنترنت وطغيان وسائل الإتصال والتواصل وكل هذا التقدم التكنولوجي المذهل ، كنا بالتأكيد صغارا مختلفين.

فغالبا ما يتفق معي أبناء جيلي أننا كنا نفضل الالتفاف حول الكبار يقتلنا فضولنا الرقيق لتعلم خبرات جديدة من كلام المقربين ، وتقريبا كانوا هم الملاذ الآمن للحصول علي المعلومة ، أما الآن فثمة العديد من الوسائل المختلفة لأبناء جيل العصر الحديث والأجيال القادمة ، بدءا من طفولتهم مرورا بشبابهم وحتي نضجهم المختلط بالعديد من المكتسبات الأصيلة والدخيلة.

وإذا ما اردنا إجراء مقارنة بين الجيلين الماضي والآني، وموضوع المقارنة هو الفضول وأدواته، كسلوك إنساني، وعلي وجه التحديد فترة الطفولة المرتبطة بتأصيل الثوابت المجتمعية الراسخة في الوجدان .

 سنجد أن شتان الفرق بين اليوم والبارحة، فمن سؤال الأب والأم والجد والجدة وأهل الثقة من الأقارب عن ما يدور بأذهاننا وعقولنا العصافيري، كنا نحصل دائما علي إجابات مناسبة تحرر فضولنا الأسير، بينما تجد أطفال اليوم وقد اصبحوا عبارة عن أجيال " مميكنه " ، تسيطر علي تفاعلاتها وأسلوب حياتها العقول الآلية المحوسبة ، تأخذ معلوماتها وخبراتها من الذاكرة الجامدة للأجهزة والوسائط الإليكترونية العديدة ومحركات البحث معدومة المشاعر الإنسانية .

 لقد اصبحوا غير مقتنعين بعقولنا بل قد يستخفوا بها أحيانا، تلك الحقيقة مؤكدة للأسف، فقدرتنا علي قيادتهم لبر الأمان تعطلت بشكل كبير.

وفي رأيي أنه ومع كل ما سبق تبقي هناك استراتيجية قد تكون بمثابة خطة شبه محكمة يمكننا من خلالها مجابهة غول الفضول وأدواته المسيطرة والمقودة لكل جهودنا الحثيثة والضعيفة والمكبلة لتوجيه فلذات أكبادنا .

أولا:

احتويهم بصدق منذ الصغر واصبغ العلاقة بقدسية وحميمية راسخة ومبنية علي الثقة المتبادلة، فأنت لا تنكر أنك أصبحت الآن ما بين انشغالك عنهم ويأسك في التأثير عليهم .

ثانيا :

بعد الثقه يأتي دور الوعظ والتأثير، عرفهم كيف يتثني لهم التواصل الناجح مع المجتمع، وما به من عوامل للأمان والخطر، وكيف يستطيعون تحديد أهداف علاقتهم بالآخر، وكيفية التصرف في المواقف المختلفة، ومن هو الآخر وما هي حدوده معهم.

ثالثا :

حدد بدقة علمية آليات ترتيب وتوقيت توصيل المعلومات التي تعينهم علي ضبط إيقاع شخصيتهم وبنائهم النفسي والإجتماعي، استعن لنفسك في ذلك بالقراءة والتثقيف المطلوب والمستمر لتفعيل دور القائد والإداري الناجح ، ولتعتبر أن ذلك هو دائما جزء لا يتجزأ من خطة تعديل سلوك وطن بأكمله.

رابعا :

بطريقة أو بأخري يجب عليك تحييد غول الفضول لديهم تماما وبإرادتهم وقناعتهم التامة، بمعني أن لكل وقت أدواته ولكل أداة عمل محدد خلقت من أجله لخدمتهم ، ولكل معلومة توقيتا محددا للحصول عليها، وبأن الرد علي بعض الأسئلة قد يكون آجلا وليس عاجل ، وبأنه لا يجب عليهم السعي الدائم لمعرفة كل شئ في أي وقت مهما حاول غول الفضول لديهم مجابهتهم من كل اتجاه، ولا تنسي أنه لا غضاضة أيضا في الإستفسار عن اي شئ غامض أو طرح ما قد تعرضوا له إلا من خلالك أنت، وليس عن طريق البحث فيه دون الرجوع إليك او الحصول علي المعلومة من أي مصدر خارجي غيرك، فليست كل المعلومات المقدمة او حتي المصادر آمنة صادقة أو مخلصة.

أخيرا:

يجب أن يدركوا جيدا الفرق الكبير ما بين الحصول علي المعلومة من خلال الأهل ووسائل التكنولوجيا المختلفة، فأنت تعطي المعلومة بشكل دقيق محسوب وغير عشوائي وليس لك هدف إلا كل الخير والأمان لهم، بيد أن الوسائل الجامدة الأخري صممت بغرض مزدوج المعايير ويقبل القسمة علي اثنين، وقد يكون الهدف منها ظاهره العلم وباطنه الدمار والتخريب لعقولهم ومقدرات أوطانهم .

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2