هشام الجبالى يكتب: "فن الحرب" الكتاب المقدس للجنرالات وزعماء المافيا(1)
هشام الجبالى يكتب: "فن الحرب" الكتاب المقدس للجنرالات وزعماء المافيا(1)
تعددت المؤلفات التى وضعت فى تعليم فنون السياسة والقيادة واستراتيجيات التعامل مع الآخر، وعلى الرغم من ذلك يبقى المخطوط ال ذى وضعه الحكيم الصينى «صن تزو» -من ذ حوالى خمسة وعشرين قرن- هو المؤلف الأهم والأكثر فائدة لأنه الكتاب ال ذى يمكن تطبيق مبادئه على المعارك المهنية والصراعات اليومية، بنفس القدر الذى يمكن به تطبيقها على الحروب والمنافسات بين الجيوش والدول.
«فن الحرب» هو «الكتاب المقدس» فى المعاهد العسكرية والاستراتيجية، وهو المرجع الذى لجأ إليه كبار المفكرين للخروج بأحدث نظريات حسم التنافس وإدارة الأزمات، وهو الإلهام الذى قاد العديد من عباقرة ولصوص التاريخ القديم والمعاصر، فهو الدليل الذى رسمخطوات نابليون، وهتلر، وآل كابونى، وهو الكتاب الذى شاع وجوب أن يبقى محذورا على العامة، ومن لا يستطيعون فك طلاسمه، والاهتداء إلى حقيقة ما يرمى إليه.
ومن خلال النسخة التى قام بتحقيقها ونقلها إلى العربية والدكتور «جمال التلاوى»، نستعرض أهم ما جاء فى ذلك الكتاب الذى يعد بحق واحدا من أهم وأثمن ماأخرجت العبقرية الإنسانية عبر تاريخها الطويل، والذى اتخذت الكثير من شعوب العالم شرقا وغربا نصوصه وعباراته الدالة حكما وأمثالا يتداولها الأفراد، ويدللون بها على صدق توقعهم لما سوف تكون عليه نتيجة صراع هنا، أو تنافس هناك.
(١) فن الحرب
فى أهمية أن تكون مطلعا على المبادىء التى تحكم التنافس والصراع، والتى يمكن من خلال الإلمام بها حسم الموجهات لصالحك، يقول «صن تزو» يمثل فن الحرب أهمية قصوى فى حياة أى دولة.. فهو مسألة حياة أو موت، ووسيلة للأمان أو الدمار. إنه أمر حيوى لا يجب تجاهله». وبتتبع أفكار وآراء «صن تزو». لابد وأن تكتشف أن مايصلح للتطبيق فى الحياة اليومية. وما يصلح لإدارة الدول، يصلح لإدارة المجموعات والأفراد، إذ إن اختلاف صور وطبيعة التطبيق، لا يعنى اختلاف القواعد والفلسفات التى تكون واحدة فى جميع الحالات.
ومن بين المبادىء العامة التى يقرها «صن تزو» ويشدد على ضرورة الالتفات إليها: القانون الأخلاقى الذى هو «السبيل لتوافق الشعب وحكامه، واتباعه له دون خوف، ودون النظر إلى المخاطر» فلا يزال المسوغ العقائدى والأخلاقى من أهم الدوافع التى تساعد فى قيادة المجموعات، وتوجيهها صوب تحقيق هدق بعينه. وإن كانت الدوافع المادية - الثواب والعقاب- كافية لإنجازبعض الأعمال، فإن الأهداف الكبرى، والتى قد تستوجب التضحية بالنفس ، لم ولن تنجز دون مسوغ عقائدى أو أخلاقى مناسب.
ولأن التأهب للقتال واجب دائم، والاندفاع إلى القتال اختيار أخير، يجب استنفاد جميع الوسائل دونه، يقول «صن توز» لا تتحرك، إلا إذا كان هناك فائدة ترتجى من وراء التحرك ولا تستخدم قواتك، إلا وهناك مكسب تحصله من وراء ذلك. ولا تقاتل، إلا إذا شعرت بالخطر.. وإذا كان العدو فى أمان من جميع الجهات استعد له. وإن كان أكثر منك قوة تجنب ملاقاته».
ولأن غرور القوة والشعور بالعظمة محض أقنعة تحول بينك وبين تقدير ما ومن حولك التقدير الذى ينجيك من الخطأ، ويبعد بينك وبين الهزيمة، ولأن الماهر هو من يعمل على تدعيم قوتك عند الشعور بالحط من مكانته، ولا يتورط فى تجريب تلك القوة، إلا وهو موقن تماما من النصر، يقول: «إذا كان عدوك حاد الطباع، حاول أن تستثيره. وتظاهر بأنك الأضعف، ليزداد غرورا وغطرسة.. ولا يجب على أى حاكم الزج بقواته إلى الميدان مدفوعا بضغينة شخصية. ولا يجب على أى قائد أن يخوض المعارك بسبب الحط من كبريائه، أو للتفاخر.. وإذ ما أقدمت على ضرب حصار طويل، فإن ما لديك من موارد لن يصمد أمام الجهد المطلوب بذله».
فمن يتخذ قرار بحر هو غير قادر على الوفاء بتكاليفها، يعرض نفسه لخطر الرضوخ لما كان يرفضه ابتداء، مع تكبده للكثير من الخسائر الإضافية، غير أن الاستعداد لخوض المعارك واجب دائم فى بيئة الصراعات، لأن الحقوق عادة ما تضيع بالتهاون، وتسقط بالتقادم. يقول «صن توز»: إن فن الحرب يعلمنا ألا نعتمد على فرضية أن العدو لن يهاجم، إذ يجب أن نستعد له، حتى يكون إحجامه نابعا من منعة دفاعتنا، لا من عدم رغبته فى الهجوم.. وعلى الرغم من أننا قد ننعت تعجيل الحرب بالغباء، فمن غير الذكاء تأخيرها.