وجّه المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس الأحد، انتقادات شديدة للولايات المتحدة، على خلفية تصريحات لمسؤولة أمريكية رأت أن شبه جزيرة القرم تعد هدفاً مشروعاً لأوكرانيا.
وجاءت تصريحات بيسكوف رداً على تعليقات أدلت بها وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، قالت فيها إن الولايات المتحدة ترى وجوب نزع سلاح شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في 2014، وأن واشنطن تدعم شن هجمات أوكرانية على أهداف عسكرية فيها.
وأوضح بيسكوف في تصريحات نشرتها وكالة «تاس» للأنباء، أن الولايات المتحدة تعد «محرضاً رئيسياً» على تأجيج التوتر الدولي، لتغاضيها عن هجمات على القرم؛ مشيراً إلى أن التصريحات الصادرة عنها بخصوص شبه الجزيرة تبرز عمق الخلاف بين البلدين. وقال بيسكوف: «تنتمي نولاند إلى معسكر كبير يضم أكثر (صقور) السياسات الأمريكية عدائية. هذه وجهة نظر نعرفها جيداً».
في سياق متصل، قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، أمس الأحد، إن واشنطن تحاول شيطنة موسكو، وتأجيج الأزمة في أوكرانيا، عن طريق اتهام روسيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وجاءت تصريحات السفير أناتولي أنتونوف رداً على ما قالته نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، السبت، من أن إدارة الرئيس جو بايدن خلصت رسمياً إلى أن روسيا ارتكبت «جرائم ضد الإنسانية» خلال غزوها لأوكرانيا المستمر منذ ما يقرب من عام.
وكتب أنتونوف في بيان على حساب السفارة الروسية على تطبيق «تلغرام»: «إننا نعتبر مثل هذه التلميحات محاولة غير مسبوقة لشيطنة روسيا، في إطار الحرب الهجينة التي تُشن ضدنا».
وتابع قائلاً: «ما من شك في أن الغرض من مثل هذه الهجمات من قبل واشنطن هو تبرير أفعالها لتأجيج الأزمة الأوكرانية».
وتقول الحكومة الأميركية إن منظمات تدعمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وثقت أكثر من 30 ألف جريمة حرب منذ الغزو.
وقال مسؤولون أوكرانيون إنهم يحققون في قصف لمدينة باخموت يوم الخميس، باعتباره جريمة حرب محتملة.
وتقول لجنة التحقيق المدعومة من الأمم المتحدة بشأن أوكرانيا، إنها رصدت وقوع جرائم حرب لكنها لم تخلص بعد إلى كونها تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية.
وتحل يوم الجمعة ذكرى مرور عام على بدء الغزو الروسي الذي تصفه موسكو بأنه «عملية عسكرية خاصة» بهدف «نزع سلاح» أوكرانيا و«تحريرها من النازية».
ويقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحلفاء كييف الغربيون، إن الغزو استيلاء إمبريالي غير مبرر على الأراضي. ولا تلوح نهاية للصراع في الأفق.
من جهة أخرى، انتقدت موسكو، أمس الأحد، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقاداً لاذعاً، لتصريحه برغبته في أن يشهد هزيمة روسيا، قائلة إنها ما زالت تتذكر مصير نابليون بونابارت. كما اتهمت دبلوماسية ماكرون مع الكرملين بأنها قائمة على الرياء.
وكان ماكرون قد قال لصحيفة «لو جورنال دو ديمانش» إن فرنسا تريد أن تلحق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا؛ لكنها لم ترغب قط في «سحقها».
وردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قائلة: «بالنسبة للفظة (قط): لم تبدأ فرنسا بماكرون، ورفات نابليون الموقرة على مستوى الدولة راقدة في قلب باريس. وعلى فرنسا وروسيا أن تدركا ذلك». وتابعت «بشكل عام، ماكرون بلا قيمة»، مضيفة أن تعليقاته أظهرت أن الغرب أجرى مباحثات حول تغيير النظام في روسيا، بينما دأب ماكرون على السعي إلى عقد اجتماعات مع القيادة الروسية.
وأثار ماكرون انتقادات بعض الشركاء في حلف شمال الأطلسي، بسبب توجيه رسائل مختلطة فيما يتعلق بسياسته إزاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا؛ إذ تعتبر بعض الدول باريس حلقة ضعيفة في الحلف الغربي.
وحث ماكرون الحلفاء يوم الجمعة على زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا؛ لكنه قال أيضاً إنه لا يؤمن بتغيير النظام، وإنه يجب أن تجري مفاوضات في مرحلة ما. وقال ماكرون: «لنكن واضحين. لا أؤمن للحظة واحدة بتغيير النظام، وحينما أسمع كثيراً من الناس ينادون بتغيير النظام أسألهم: لأي تغيير؟ من التالي؟ من زعيمكم؟».
ولتوضيح هذه التعليقات، قال ماكرون للصحيفة، إنه لا يعتقد أن حلاً ديمقراطياً سيظهر من داخل المجتمع المدني في روسيا، بعد أعوام من تشديد موقف موسكو. وأضاف أنه لا يرى بديلاً لبوتين الذي تجب إعادته إلى طاولة المفاوضات.
وقال ماكرون: «تبدو جميع الخيارات عدا فلاديمير بوتين في المنظومة الحالية أسوأ بالنسبة لي».