كشفت مجلة "ميليتري ووتش" الأميركية أن لدى الصين عدداً من البدائل التي تمكنها من مساعدة روسيا وتسليحها دون المساس بخطوط واشنطن الحمراء أو تقديم أسلحة وعتاد حربي مميت بصورة مباشرة سواء من خلال دعم القدرات الإنتاجية لخطوط إنتاج مصانع الأسلحة الروسية، أو تزويدها بالرقائق التكنولوجية المتطورة، أو عبر دعم طرف ثالث يتولى تزويد موسكو بالأسلحة.
وقالت المجلة إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ومندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، حذرا في تصريحات منفصلة من أن أي تحركات من جانب الصين لتزويد أسلحة مميتة هجومية ل روسيا سوف تعتبرها واشنطن "خطوطاً حمراء"، فيما شدد بلينكن على أنه أوضح لنظيره الصيني وانج يي، في لقائهما الأخير الإثنين، الماضي بأن ذلك سيكون له عواقب وخيمة على علاقات البلدين.
واعترفت المجلة بأن أوكرانيا تلقت مساعدات عسكرية وأسلحة بعشرات المليارات من الدولارات من البلدان الغربية، علاوة على إسهامات هائلة من عناصر عسكرية غربية ودعم استخباراتي وغيرها من المشاركات، واستشهدت بما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" عن "الشبكة الخفية" لوكالة الاستخبارات الأميركية CIA التي تعمل في قلب الحرب الروسية- الأوكرانية، من خلال تشكيل شبكة خفية من الكوماندوز والجواسيس لتسليم الأسلحة وتقديم الدعم الاستخباراتي والتدريبات للجانب الأوكراني، إضافة إلى الدعم الخفي الذي تقدمه الدول الأعضاء في حلف "الناتو" للقوات الأوكرانية في جبهات القتال.
وفي المقابل، لم تحصل روسيا إلا على دعم محدود من كوريا الشمالية وإيران في صورة ذخائر مدفعية وطائرات مسيّرة هجومية على التوالي، غير أن دخول الصين على خط الدعم قد يوفر خيارات كبيرة بالنسبة للروس على حد تأكيد المجلة.
وبعيدا عن الدعم الاقتصادي وتوفير تقنيات جوهرية للاقتصاد المدني الروسي لتمكينه من الصمود في وجه العقوبات الغربية وتأثيراتها السلبية فإن بكين لديها العديد من البدائل وفي مقدمها تعزيز قدرات القطاع الدفاعي الروسي وتحديث خطوط إنتاج الأسلحة بتجهيزات صينية متطورة تمكنها من تلبية احتياجات البلاد بصورة مستقلة، خصوصاً أن مصانع السلاح الروسية تعمل بطاقة إنتاجية لا تشكل سوى نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بقدراتها في الحقبة السوفييتية.
وضربت المجلة الأميركية المعنية بالشؤون العسكرية مثالاً على ذلك، بمسألة المركبات المدرعة، إذ حصل الجيش الروسي خلال العقد الأول من الألفية الجديدة على مجرد 10 دبابات جديدة من خطوط الإنتاج التي تنتج سنويا أكثر من 100 دبابة لغرض التصدير للأسواق الخارجية، وهذا الرقم يعد ضئيلاً للغاية إذا تم مقارنته بالقدرات الإنتاجية أثناء الحكم السوفييتي التي كانت تفوق 3000 دبابة سنوياً أثناء حقبة الحرب الباردة.
كما أن دعم الصين ل روسيا من خلال تزويدها بأشباه الموصلات والرقائق التكنولوجيا ربما ستسهم في تسريع قدرة موسكو على إنتاج مئات الدبابات لتعويض الخسائر الفادحة التي تكبدتها في أوكرانيا، وينسحب الأمر على قطاعات دفاعية روسية أخرى تعود هياكلها إلى العهد السوفييتي التي إذا حظيت بتقنيات صينية حديثة فإنها سرعان ما تسهم في إعادة تسليح روسيا.
وتنتقل المجلة إلى مجالات أخرى عديدة يمكن للصين أن تساعد من خلالها في تسليح روسيا عبر أطراف ثالثة، مثل إيران، التي لديها عتاد روسي مثل دبابات "تي-72 بي" ومنظومات صواريخ "إس-300" للدفاعات الجوية، بحيث يعاد بيعها إلى موسكو، على أن تقوم بكين بتعويض إيران بنوعيات مماثلة مثل دبابات "في تي-4" ومنظومات الدفاع الجوي "إتش كيو-9" التي تصنعهما الصين.
كما أن قيام الصين بتقديم منظومة الدفاع الجوي الجديدة "إتش كيو-22" لصربيا في أبريل الماضي، ونقلها عبر طائرات النقل العسكري الحديثة "واي-20"، شكلت مرحلة فارقة في قدرات الصين للنقل العسكري في القارة الأوروبية، فضلاً عن احتمال قيامها بتزويد بيلاروسيا، وهو ما يعتبره حلف "الناتو" خطاً أحمر، نظراً لتحالفها مع موسكو وموافقتها على نشر قوات روسية تشن عمليات عسكرية داخل أوكرانيا.
كما أن توفير قطع غيار لنوعيات من الأسلحة والطائرات الحربية يعد من الخيارات المهمة المفتوحة أمام الصين لتقديم دعم مباشر للجيش الروسي، وعلى سبيل المثال مقاتلات "سوخوي-27"، التي تعمل في الأسطول الجوي بالدولتين، بيد أن الصين تخلصت من أعداد كبيرة منها وأخرجتها من الخدمة.